توقيت القاهرة المحلي 11:13:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل هي سياساتٌ جديدة لدى المسيحيين في لبنان؟

  مصر اليوم -

هل هي سياساتٌ جديدة لدى المسيحيين في لبنان

بقلم - رضوان السيد

منذ أواخر السبعينات من القرن الماضي، ظهرت راديكاليتان سياسيتان لدى المسيحيين والشيعة. أما الشيعة فكانت دعواهم المظلومية والتمرد عليها باعتبارين: أنّ النظام اللبناني لم ينصفهم، وأنّ الدولة وجيشها لا يحميان أهل الجنوب من الغارات الإسرائيلية. وأما الراديكالية المسيحية أو المارونية فكانت تريد استعادة الأوحدية في القرار من خلال رئاسة الجمهورية. وقد اعتبر هؤلاء أنّ أولويتهم تصدعت بسبب السلاح الفلسطيني، وبسبب تحالف السنّة والدروز مع الفلسطينيين.
ويبدو من مذكرات الرئيس صائب سلام (التي نشرت صحيفة «الشرق الأوسط» أجزاء منها)، أنه وحتى العام 1982 كان يعتقد إمكان التوفيق بين أطراف الراديكاليتين، إلى أن تبين بعد الغزو الإسرائيلي واحتلال بيروت أنّ الراديكالية المسيحية مضت باتجاه إسرائيل؛ في حين مضت الراديكالية الشيعية باتجاه سوريا.
وطوال ثمانينات القرن الماضي ظل المسيحيون يقاومون اتفاقاً وطنياً - عربياً على الهوية والمواطنة؛ في حين ظلَّ الرئيس الأسد الأب يقاوم اتفاق استعادة السلم باستثناء ما كان بين المسلحين. ولذلك؛ عندما جرى الاتفاق بين النواب اللبنانيين في الطائف 1089 - 1990 ما تقبّله الرأي العام المسيحي، وقبله السوريون الذين عهد إليهم – كالسابق - رعاية السلم في لبنان! ولذلك؛ ففي حين يعتبر الرئيس صائب سلام في مذكراته أن اتفاق الطائف هو عهد عظيمٌ لاستعادة لبنان؛ فإنّ الرئيس أمين الجميل (1982 - 1988) في مذكراته عن رئاسته يعتبر رأس إنجازاته؛ عدم تعديل الدستور، وعدم الدخول في اتفاق الطائف!
وعلى كل حال؛ فإنّ الراديكاليتين المستمرتين والمتصارعتين عادتا فالتقتا بعد استشهاد الرئيس الحريري (2005) حين عاد الجنرال عون من المنفى، وخرج السوريون من لبنان، والتقى العائد بزعيم الحزب المسلح (2006) على التحالف فيما صار يُعرف بحلف الأقليات. لقد كان ذلك التحالف ذا آثارٍ واسعة تجلت ليس في دعم الجنرال لاحتلال بيروت من جانب الحزب، والسكوت عن الاغتيالات السياسية فقط؛ بل في سواد روح انتحاري بين السياسيين المسيحيين على مَنْ هو الأكثر مسيحية. وبالتالي، فإنّ القوات اللبنانية مضت في النهاية وراء الجنرال عون - عدوها اللدود - باعتباره الأكثر مسيحية حتى انتخابه رئيساً للجمهورية عام 2016!
لقد سلّم الجنرال وصهره للحزب المسلّح بكل شيء يتعلق بسيادة الدولة وسلطتها على أرضها، في مقابل السماح له بالسيطرة على مؤسسات الدولة بحجة استعادة صلاحياته التي سلبه إياها اتفاق الطائف لصالح السنّة! وقد بلغ هذا التحالف ذروة نجاحه في انتخابات العام 2018. لكنّ التصدع نال منه بقوة في ثورة العام 2019 ضد الرئيس والحزب المسلح والفساد، ونال منه انهيار الوضع الاقتصادي والمالي والمعيشي. ونالت منه أخيراً حملات البطريرك الراعي على الحزب المسلح وعلى فساد العهد وانتهاكه الدستور وهدمه المؤسسات.
ما عاد الجنرال الرئيس يستطيع ستر الحزب المسلح، ولا الحزب بقي مستفيداً من دعم الرئيس المسيحي. ولذلك؛ صار لا بد من وسائل أخرى للإرعاب والإرهاب. وقد عاد الحزب وموظفوه في أجهزة الدولة إلى سياساتهم القديمة تجاه الآخرين. فالمسيحيون عملاء للعدو، والسنّة إرهابيون. ومن هنا جاء اتهام النائب البطريركي المطران الحاج المكلّف رعاية شؤون الرعية المارونية في فلسطين المحتلة - بالتعاون مع العدو وإيقافه ومصادرة الأغراض التي بحوزته وهو عائدٌ من فلسطين. وهو يقوم بالرحلة كل شهر أو شهرين. وما خطر للأمن العام اللبناني «ضبطه» بأمر القضاء إلا قبل أيام. وعندما دافع البطريرك والسياسيون المسيحيون عن المطران الذي يمارس عمله هذا منذ سنوات، حتى كان الرد الاتهام بالعمالة أو مساعدة العملاء.
ومع أنّ هذه الحادثة ما وصلت إلى خواتيمها؛ فإنّ التحرش من جانب المسلحين بالمسيحيين كلاماً وتصرفات تكرر ويتكرر في حوادث شبه يومية. والمسيحيون يُظهرون سخطهم بصورة متزايدة في كل مرة. فهل يزداد الافتراق ويتفاقم، وهل هناك سياسات مسيحية جديدة خارج أُطروحة تحالف الأقليات وممارساتها على مدى خمسة عشر عاماً؟!
عندما اشتدّ الانقسام بالداخل اللبناني 2006 - 2008 انقسم السياسيون المسيحيون إلى ثلاثة أقسام: القسم الكبير الذي التحق بحلف الأقليات بزعامة الجنرال وصهره - والقسم الذي بقي في تحالف 14 آذار ثم انسحب بالتدريج - والقسم الكبير الذي قال: إنه صراع شيعي - سنّي ولا شأن لنا به. وما انتهى أهل الحلف بين المسيحيين اللبنانيين والسوريين؛ لكنهم ضعفوا ضعفاً شديداً. أما الذين كانوا في 14 آذار والتحقوا بعون فقد تركوه من زمان وصارعوا العونيين في الانتخابات الأخيرة بشراسة. أما العامة التي ما كانت معنية فإنها ثارت لثوران البطريركية من أجل الدولة والسيادة.
والمسيحيون اللبنانيون شديدو الحساسية تجاه منصب رئاسة الجمهورية. وهم يجدون الآن أن الحزب المسلح يواجههم بأحد كوكبين: جبران باسيل، أو سليمان فرنجية. وباسيل نصف نوابه أعطاه إياهم الحزب المسلح. وسليمان فرنجية ما عنده غير نائب واحد! وانسداد الأفق هذا يدفع المسيحيين إلى التكتل في مواجهة الحزب وأعوانه، بدافع تحرير الرئاسة من قبضتهم. ولذلك؛ فإنّ هذا الانقلاب في المزاج المسيحي، يمكن أن يتحول إلى سياسات تتسم ببعض الثبات والوضوح.
يقول سياسيون مسيحيون، إنّ الجبهة في مواجهة الحزب لا ينفع فيها المدنيون والتغييريون المهتمون بالحلول محل الأحزاب المسيحية وليس محلّ الحزب المسلّح وأعوانه. والعديد منهم يزعم أنه مع المقاومة! وإنما ينفع في سرعة تبلورها التحالفات مع وليد جنبلاط وهو متردد لأنه يخشى أن يكون في النهاية وحده. والعامل الآخر المفقود علته التشرذم السنّي الذي بدا في نتائج الانتخابات ولا يزال مستمراً. فالسنّة هم عنصر التوازن في التركيبة اللبنانية. وقد كان شعار صائب سلام: لا غالب ولا مغلوب. ولأنّ العنصر السنّي شبه غائب؛ فإنّ الأطراف الطائفية تخوض صراعات الغلبة على طول الخط.
لقد تفكك تحالف مار مخايل بين الحزب وعون؛ بعد أن دمر النظام اللبناني. لكنّ خطوط المواجهة التي بدأت بالتكون لم تتبلور بعد. ستكون معركة رئاسة الجمهورية عاملاً مبلوراً ومسرِّعاً: وعشِ رجباً تَرَ عجباً!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل هي سياساتٌ جديدة لدى المسيحيين في لبنان هل هي سياساتٌ جديدة لدى المسيحيين في لبنان



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:32 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة "لأ ثواني"
  مصر اليوم - بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة لأ ثواني

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon