توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سوريا الجديدة والمؤشرات المتضاربة

  مصر اليوم -

سوريا الجديدة والمؤشرات المتضاربة

بقلم: رضوان السيد

سبق العراقيون والأردنيون إلى القول: العبرة بالأعمال وليس بالأقوال! بل وأضافوا إلى ذلك المخاوف على الأقليات فبدا بعضهم مثل المستشرقين من دعاة الحضارة والتحضير. فهل هناك بالفعل دواعٍٍ ومؤشرات للقلق والتوجُّس؟ الجولاني أو الشرع يمدد المرحلة الانتقالية إلى ثلاث أو أربع سنوات. والخمسون ضابطاً الذين تعينوا لتشكيل الجيش الجديد بينهم ستةٌ من غير السوريين من «الجهاديين» السابقين شأن الجولاني نفسه. وأسوأ ما يقع فيه نظام قديم أو جديد التجرؤ على القتل ويقال إنّ ذلك يحصل. والقتال لا يزال يشتعل في شمال وشمال شرقي سوريا مع «قسد»؛ فإذا كان النظام الجديد على هذه العلاقة الوثيقة بتركيا، أفلا يمون عليهم لوقف القتال والحديث المباشر مع الأكراد السوريين بدلاً من انتهاء كل «نهضات» الأكراد إلى مذابح منذ قرن ونيف. يلجأون إلى دولةٍ كبرى فتعطيهم من طرف اللسان حلاوةً حتى إذا انقضت المهمة تركتهم لمصيرهم!

المؤشر الرئيس ذو المعنى الإيجابي: الاتجاه لعقد المؤتمر الوطني المنشود لصنع الشرعية الجديدة. المؤتمر الوطني الكبير يعني مشاركة الفئات السورية الأخرى غير «هيئة تحرير الشام» وحلفائها. قالوا إنّ كل التنظيمات المسلحة ستُحلّ بما في ذلك «هيئة تحرير الشام». لكنّ الضباط الجدد للجيش السوري الجديد هم من التنظيمات المنحلة فما الفائدة؟ لماذا لا يكون المنشقّون ذوو الخبرة والتجربة في قوام الجيش الجديد؟ وهل لا يزال ذلك وارداً أم يحصل ما حصل بالعراق، بحيث انضمّ إلى «داعش» هناك آلافٌ من الجيش المنحلّ بطلبٍ من الميليشيات القادمة من إيران ومن المهاجر الأوروبية والأميركية والأسدية. لا ينبغي أن يتشرذم الجيش القديم ويجري استخدامه من إيران وغيرها في اضطراباتٍ داخليةٍ مصطنعة! المحنة أن الضباط الكبار - ممن لم ينشقوا - أشركهم النظام البائد في قمع الشعب السوري، وتتفوق عليهم في ذلك الأجهزة الأمنية المتكاثرة والتي عملت في القمع والإرهاب ومع الإيرانيين والروس؛ إضافةً إلى التنظيمات المسلَّحة التي تجندت لدعم النظام ممن سماهم الشعب السوري: الشبيحة. إنّ استخدام الجيش الوطني في قمع الداخل، وإعادة تشكيله من حزبيي النظام السائد تبدو آثاره في أزمنة التغيير، وهذا ظاهرٌ في سوريا وليبيا والسودان والعراق، بينما بقي مصوناً في تونس ومصر. فالعملية معقّدة، وتحتاج إلى عنايةٍ شديدة، وتفيد فيها التجارب المصرية والسعودية. أما إذا صارت التنظيمات المسلحة جيشاً باعتبارها هي التي أسقطت النظام ومن حقها الحلول محله، فسيكون الأمر مثل الجزائر التي يحكمها جيش التحرير منذ الستينات بعد الاستقلال.

الظاهرة الإيجابية الأخرى إلى جانب المؤتمر الوطني الموعود: الاحتضان العربي وفي الطليعة مجلس التعاون الخليجي والمملكة العربية السعودية. سيشمل ذلك بالطبع إعادة البناء وليس في العمران وحسب، بل وفي المسائل الفنية والتقنية والمرافق والحركة التجارية والمصانع، والعلاقات مع الجوار والخارج العالمي. الذين رأوا أخيراً دمشق ودرعا وحلب أشادوا بالجمال والسكينة وفرح البسطاء بالحرية. لكنهم جميعاً قالوا: كأنّ هذه المدن متروكة على ما كانت عليه في مطالع الستينات! فالبؤس الإنساني ظاهرٌ في كل شارعٍ وزاوية. ذكّرني طبيبٌ من حلب بمقولة الأسد الأصغر: الأسد أو نحرق البلد! فما لم يتخرّب أو يحترق باقٍ من زمان الستينات قبل الإنعام على سوريا بحكم «البعث» عام 1963. السوريون وهم شديدو النشاط والإبداع في المهاجر التي ذهبوا إليها بالملايين سيتمكنون من النهوض ببلادهم من جديد إذا حماهم العرب من الاستبداد التجميدي باسم «البعث» أو باسم الإسلام الأصولي، وحموهم من التحرش الإيراني وربما الميليشياوي العراقي والسوري «الداعشي».

ويُنشر الكثير الآن عن الخوف من الإمبراطورية التركية. بعضهم مثل اللبنانيين يذكرون حتى جمال باشا في الحرب الأولى. ويتشدق آخرون بالخلافة ومطامح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في البر والبحر. وينبهون إلى أن الأتراك موجودون اليوم عسكرياً في سوريا وليبيا والصومال وجيبوتي وربما في السودان! الهدف العلني لإردوغان: التخلص من حزب العمال الكردستاني عند «قسد» وأمن الحدود المستقبلي. لكنّ العلاقات التركية تحسنت كثيراً مع المملكة ومع مصر وهي حسنة دائماً مع قطر. والأتراك والأميركيون هم الذين يدعون إلى دورٍ عربيٍّ في سورية. لا يستطيع أحدٌ أن يطغى إذا أصرّ العرب على الحضور، وعدم الانسحاب مثلما حصل في العراق وليبيا وفلسطين. لقد عادوا إلى فلسطين من بوابة الدولة الوطنية، ويعودون إلى سوريا ولبنان من البوابة ذاتها.

الشارة في سوريا كانت خضراء، لكنها بعد شهرٍ لا أكثر تتحول صفراء. لا يزال الجميع غائصين في تشريح مصائب النظام البائد. والمطلوب البدء في تشخيص ونقد ومتابعة خطوات تكوّن النظام الجديد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا الجديدة والمؤشرات المتضاربة سوريا الجديدة والمؤشرات المتضاربة



GMT 12:55 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيديوهات غبية في هواتفنا الذكية!

GMT 12:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

«الداخلية» توضح دورها على طريق ديروط - أسيوط

GMT 12:50 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عراب كامب ديفيد.. الانقلاب على الإرث المر!

GMT 12:48 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محاكمة الساحرات

GMT 07:48 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مفكرة القرية: الإلمام والاختصاص

GMT 07:47 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 07:45 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

الهجوم الإخواني على مصر هذه الأيام

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon