توقيت القاهرة المحلي 17:17:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل هو زمنٌ جديد للدولة والناس؟

  مصر اليوم -

هل هو زمنٌ جديد للدولة والناس

بقلم: رضوان السيد

ربما نحتاج لبعض الوقت لكشف كل خلفيات الأحداث التي عصفت أخيراً بشمال سوريا. لكنها لسوء الحظ ليست معزولة ولا خارجة عن السياق. فهناك أحداث عاصفة وأخرى كارثية في السودان وفلسطين ولبنان واليمن وليبيا والصومال، وقد طال على بعض تلك الاضطرابات الأمد. وغير القتل والتهجير بالحروب وبالنزاعات الداخلية؛ فإنّ الظاهرة السائدة في كل البلدان ضعف الدولة الوطنية أو تصدّعها الشديد. وبسبب المخاوف من المزيد من التردي، سارعت الدول العربية إلى استنكار ما حدث أخيراً في سوريا، وجدّدت الإعلان عن دعم وحدة الأرض السورية، وعودة الأمن والاستقرار إليها.

كيف فهم كثيرون منا هذا الاضطراب الذي لا تتوقف موجاته وعواصفه؟ أعاد البعض أصول هذا الاضطراب إلى «غزوة القاعدة» للولايات المتحدة عام 2001، وردّ أميركا بالحرب العالمية على الإرهاب «الإسلامي». بيد أنّ المهتمين أكثر بالجيوبوليتيك يعيدون العواصف الأخيرة إلى عام 2011، وما صار يُعرف أو ما كان يُعرف بالربيع العربي الذي دعمته الولايات المتحدة.

إنّ الملحوظ في هذين التاريخين وأحداثهما إعادة المسألة إلى حضن الولايات المتحدة واستراتيجيتها العالمية في الحالتين، وبخاصةٍ في الشرق الأوسط؛ إذ اللافت أنّ الأميركيين داخلون بالعسكر والسياسة في كل هذه النزاعات بالمباشر وغير المباشر. ولا نحتاج لالتماس الإصبع أو الذراع الأميركية في الأزمات كلها، وإنما نكتفي بذكر حالةٍ واحدةٍ تجري حربها الشعواء الآن على فلسطين ولبنان وموقف الولايات المتحدة الأميركية منها، بل ومشاركتها فيها.

لماذا تدخلت الولايات المتحدة في كل الأزمات عندنا، وما فعلت ذلك بنفس القدر أو بنفس الشكل في مناطق العالم الأُخرى؟ إذا اعتبرنا إسرائيل «حبل سُرّة» أميركا والغرب، والتدخل ضروري، فماذا عن سوريا، وقبلها العراق وليبيا والسودان واليمن ولبنان... إلخ؟ لا بد أنّ هناك مصالح استراتيجية لأميركا تقتضي منها التدخل، وغير الأسباب الظاهرة وغير الكافية مثل مكافحة الإرهاب، أو منافسة روسيا والصين، أو منع إيران من امتلاك السلاح النووي ونشر الميليشيات. لكن حتى لو كانت هذه التعللات صحيحة، فماذا كانت نتائج كل هذه التدخلات على المصالح وعلى الاستقرار؟!بعد عقدين ونصف على التدخلات ضد الإرهاب، أو ضد إيران، أو لمنافسة روسيا والصين، أو لحماية الأكراد، أو حتى إسرائيل؛ فإنّ هذه الظواهر ما تزال موجودةً وتزداد، وقد اضطر ذلك أميركا للانسحاب من العراق وأفغانستان، وهم يهددون كل الوقت بالانسحاب من سوريا، ويخافون كل الوقت على إسرائيل ومن «النووي» الإيراني، في حين يتعاظم نفوذ الروس والصينيين في كل مكان وليس الشرق الأوسط فقط.

ما القصد من كل هذا التعداد للأزمات وفشل الأميركيين في تجاوزها أو التغلب عليها؟

القصد القول إنّ الضرر الأكبر الذي نزل بالمنطقة وعرّض مصالح العرب ويعرِّض مصالح الولايات المتحدة للأخطار، هو الضعف الشديد الذي أنزلته الحروب الأميركية والسياسات الأميركية بالكيانات والدول الوطنية العربية. ومن جوانب الضرر الفادح نتيجة هذا الإضعاف المتعمد، تجرؤ الجهات الإقليمية مثل إسرائيل وإيران وتركيا على ضرب سيادة الدول، وجعلها عاجزةً عن حماية أرضها وشعبها، ودفعها باتجاه الانقسام أو التبعية أو أوهام الاستقواء أو الأمور كلها معاً، وبحجج مختلفة مثل حماية أمنها القومي (تركيا)، أو حدودها (إسرائيل)، أو تقوية نظامها الوطني المقاوم (مثلما تفعل إيران في العراق وسوريا ولبنان)!

في اجتماع قمة مجلس التعاون الخليجي الأخير قبل أيام جرى التعرض لمشكلات الغلبة والاستقطاب بالإجمال وبالتفصيل. ومع أنّ المجتمعين اعتبروا التحدي الأكبر إنهاء الحرب على فلسطين، وإقامة الدولة الوطنية الفلسطينية؛ فإنّ النزاعات المُضعِفة للدول منذ أعوامٍ وأعوامٍ كانت أيضاً من ضمن الأولويات. ما بقيت دولةٌ من الدول المتصدعة إلّا وتدخّلت دول الجامعة ودول الخليج من أجل إخماد النزاع فيها، ومنع السياسات الدولية والإقليمية من التدخل في أمنها وأرضها. لكنّ الزمن كان زمن حروبٍ واستقطابات، وصرف نفوذ من جانب الولايات المتحدة ومن جانب دول الجوار. فهل تبشّر مقولة ترمب أنه سيُنهي كل الحروب، بإمكانيات تعاوُنٍ مع العرب على وقف النزاعات في البلدان ومن حولها لاستعادة الاستقرار، واستنقاذ الدول الوطنية؟ العرب أظهروا مراراً أنهم حاضرون، فهل يحضر الأميركيون والإقليميون أخيراً لوقف الحروب على الدول والناس في المنطقة؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل هو زمنٌ جديد للدولة والناس هل هو زمنٌ جديد للدولة والناس



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon