توقيت القاهرة المحلي 17:17:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأوضاع الإقليمية والظواهر المقلقة

  مصر اليوم -

الأوضاع الإقليمية والظواهر المقلقة

بقلم: رضوان السيد

أتساءل في الأيام الأخيرة عندما أسمع الأميركان وبعض مسؤولي الكيان الصهيوني يبشِّرون بوقفٍ قريبٍ لإطلاق النار في غزة، ونوافقهم نحن على ذلك، هل نفعل لأنَّنا نصدقهم أم لأنَّنا نرغب في أن يتوقَّف القتلُ وحسب؟ والواقع أنَّ هذا الرعبَ المسيطر على شعوبنا نتيجة أهوال الحروب وعدم الاستقرار، والمستقبل المجهول لا تقتصر على فلسطين، بل تمتد إلى العديد من الأقطار والنواحي، ولنذكر بعض الظواهر والمظاهر الباعثة على القلق والقلق الشديد أحياناً في كثير من الحالات:

الحالة الأولى: في غزة المنكوبة وما الذي ينتظر شعبَها حتى بعد وقف إطلاق النار إذا حصل. لدى الغزيين مخاوف على المصير: مَن الذي سيدير القطاع وتكون ممكنة له إغاثة الناس، وإعادة الإعمار؟ ومع ذلك كلّه ماذا يحدث أو سيحدث لـ«حماس»؟ ولا يتعلق الأمر هنا بالحرص على بقائها ولو نكايةً في نتنياهو الذي يتحدث طوال الوقت عن إبادتها؛ بل كيف ستتصرَّف قيادتها في الخارج وقد وقعت الكارثة؟ هل تتخلّى عن السلطة التي استولت عليها منذ عام 2007، وجرت بعد ذلك عدة حروب زادتها إحساساً بضرورات التشبث بالسيطرة، حسب القول السائر العربي: «حبّذا الإمارة ولو على الحجارة»؟ نحن البعيدين نسبياً نكاد نيأس، فكيف يشعر الغزّيون الذين لا يعبّرون كثيراً عن قلقهم، وهم الذين لا يهتمون يومياً إلاّ بعدّ قتلاهم، والترحل من مكانٍ إلى مكان بناءً على أوامر الغزاة، فحتى الهروب صار متعذراً؟! وفي حالةٍ كحالة سكان غزة من أين يأتيهم ترف التوقع للغد أو بعد الغد؟! وقد صار السودانيون مثل الغزيين في الهروب من مكان إلى مكان من دون أن ينجيهم ذلك من القتل ولو كانوا أطفالاً!

والحالة الثانية: هذه الموجة العارمة من السخط المشتعلة في الصدور والأخلاد والحناجر، ويُوشك الغضب أن يتجلَّى في الأيدي التي تتحيَّر بين العجز عن التغيير، وبين إدانة التخاذل عن نُصرة غزة أو غيرها. إنَّ الحرب على الشعب الفلسطيني أو السوري أو العراقي أو الليبي أو السوداني على اختلاف أشكالها، تهدد أول ما تهدد الإدارات الوطنية العاجزة عن فرض الاستقرار، ويستدعي ذلك موجات من اليأس والتنكر والقلق من المستقبل وعليه. دونما قدراتٍ حقيقيةٍ على التفكير في الخيارات والإمكانيات والبدائل.

والحالة الثالثة: إصرار الجهات الدولية المنقسمة فيما بينها على إنفاذ هذا القرار أو ذاك مع عدم القدرة على ذلك، فيصبح الواقع عقد الجلسات الروتينية لمجلس الأمن لاستعراض المشكلات، حيث يقدم المبعوثون تقاريرهم خلال سنواتٍ متوالية، تنتهي غالباً باستقالة المبعوث أو تغييره دونما تقدم في أي اتجاه. لقد تفاءلتُ على سبيل المثال عندما قالت دول في الاتحاد الأوروبي للمسؤول عن السياسة الخارجية، إنّ عليه التفكير في البدائل بشأن نظام العقوبات في سوريا، ما دامت تلك العقوبات لم تنتج خلال خمسة عشر عاماً غير الشقاء للشعب السوري. وما يقال عن سوريا يمكن قوله أيضاً عن لبنان وليبيا واليمن. ففي لبنان تجري المماحكات السنوية في مجلس الأمن بشأن تطبيق القرار الدولي رقم 1701 الذي لا تحترمه إسرائيل، كما لا يحترمه «حزب الله»، وتعجز الحكومة اللبنانية حتى عن الاحتجاج على هذا الواقع، ليجري في النهاية التجديد للقوات الدولية بالجنوب اللبناني من دون أن تتمكن من ردع إسرائيل أو الحزب، أو حماية السكان المدنيين على طرفي الحدود. وفي حالة اليمن ما عاد للقرارات الدولية أثر بعد أن تنكَّر لها الحوثيون وصاروا يهددون الأمن الإقليمي والأمن العالمي. وفي ليبيا تغير المندوبون الدوليون والإقليميون ثماني مرات أو تسع دونما تقدم في أي اتجاه.

الحالة الرابعة: صيرورة جهات إقليمية إلى استخدام المخدرات أو السلاح المهرَّب أو الغارات الجوية من أجل تهديد أمن الدول، وتارةً من أجل الكسب، وطوراً من أجل الإضرار والتخريب وحسب.

الحالة الخامسة: عودة الدواعش للتحرك في سوريا والعراق ودول الساحل الأفريقي. وتترتب على ذلك معاناة متزايدة بين السكان المدنيين، واشتراك الجهات الأمنية والإرهابيين في التغول على المواطنين الواقعين في مناطق التماس بين قوى الدولة وأولئك الدواعش.

هذه بعض ظواهر ومظاهر الاختلال التي تبعث على القلق والخوف على المستقبل، دون أن يكون هناك سبيل لمعالجتها أو الإصغاء لهموم الناس بشأن استمرارها أو تفاقمها.

إنّ الدليل على الأمل الذي لا شفاء منه أننا لا نزال نُصرّ على تجديد تجربة الدولة الوطنية لتجاوُز فشلها، إذ أين سيذهب الناس من دون الدولة خصوصاً أنهم لا يستطيعون جميعاً اللجوء إلى أوروبا!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأوضاع الإقليمية والظواهر المقلقة الأوضاع الإقليمية والظواهر المقلقة



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon