توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الاستراتيجية الإيرانية وإلى متى الحرب؟

  مصر اليوم -

الاستراتيجية الإيرانية وإلى متى الحرب

بقلم: رضوان السيد

في خطاب زعيم «حزب الله» مساء الثلاثاء، 6-8-2024، في اغتيال إسرائيل لقائدٍ عسكريٍ بالحزب مرت كلمة لافتة: «ليس على إيران أن تشنّ حرباً دائمة وإنما عليها هذه المرة أن تردّ بسبب اغتيال الشهيد إسماعيل هنية على أرضها»! لو أكمل نصر الله عبارته لقال: ليس عليها أن تشنّ حرباً دائمةً من أجل فلسطين، لكنه لم يفعل. لكن إيران في الواقع ومنذ أكثر من عقدين تشنّ حروباً بنفسها أو بواسطة ميليشياتها المنتشرة بالمنطقة. ونحن نعلّل ذلك دائماً باشتباكها مع الولايات المتحدة لأسباب عدة، وباستراتيجيتها في زعزعة الاستقرار بجوارها العربي. ونقول إن الولايات المتحدة تتبع تجاهها سياسة «الاحتواء» وليس المصادمة. ونقول أيضاً وأيضاً إنّ إيران حققت مكاسب، بالمعنيَين السياسي والاستراتيجي، بالاستيلاء على مساحاتٍ وموارد، وإزعاج الولايات المتحدة وإسرائيل وهي تتجه لتحالفٍ وثيق مع روسيا في الوقت الذي تكاد فيه الولايات المتحدة تشتبك مع روسيا في أوكرانيا.

بيد أن هذه المكاسب المحققة أو المتصورة ذات تكلفةٍ باهظةٍ ليس على اقتصادها وشعبها بسبب الإنفاق الهائل على العسكر والميليشيات والحصار الأميركي، بل وعلى هيبتها وقدراتها وتقدمها وعلاقاتها بالجوار والمحيط. ويبدو ميزان الأرباح والخسائر في لحظته الحاسمة الآن، حيث تتثاقل إيران في الردّ على الاختراقات الإسرائيلية التي لا تنفع فيها تحرشات الميليشيات الموالية، أو لا تكفي.

سمحت الولايات المتحدة، أو لم ترفع الصوت وإيران تتغلغل في الدول العربية ولا تزال، لكنها لم تسمح لها بالتعرض الحقيقي لإسرائيل. وهذا في الوقت الذي اقتنع فيه الإسرائيليون بأنهم لن يحظوا بالأمن ما دام الإيرانيون مصمّمين على استمرار المواجهة ولو من طريق الميليشيات.

الأشهر العشرة الأخيرة من الحرب بين غزة وجنوب لبنان واليمن، أظهرت أموراً عدة أهمها صمود «حماس»، وتفوق الجيش الإسرائيلي ليس على «حماس» فقط، بل وعلى «حزب الله» وعلى إيران نفسها. وبالطبع لولا الدعم السلاحي واللوجيستي والاستخباراتي من الجيش الأميركي ما كان التفوق الإسرائيلي ليظهر بهذا القدر. لكن هذه هي حقائق الموقف الذي لم يتغير منذ عقود عدة.

فإلى أين تتجه إيران في المستقبل القريب؟

نصر الله أشد أنصار إيران قوةً وثقة، يرى أنه ليس من «واجب» إيران شن حروبٍ دائمة. والإيرانيون انتخبوا رئيساً إصلاحياً يريد علاقاتٍ أخرى بالغرب والعالم، ويريد من طريق ذلك إدخال شيء من الهدوء والراحة على الشعب الإيراني الذي انتخبه. والمرشد المتقدم في السن يهيئ لخلافته، ومن الطبيعي رغم الغضب الذي يحسُّ به نتيجة اختراقات التفوق الإسرائيلي، أن يشعر بالحاجة إلى ترك انطباعاتٍ طيبةٍ عن نفسه وعن مواريثه لدى الشعب الإيراني. وإلى ذلك كلّه ففي مناطق انتشار النفوذ الإيراني هناك تذمرٌ كبير من جانب الأكثريات في العراق وسوريا ولبنان، والفرق ضئيل بين الشيعة والفئات الأخرى في مطلب الاستقرار، وأن تدعهم إيران وشأنهم... فليس من الطبيعي أن تكون في البلدان الثلاثة المذكورة جيوش وقوى أمنية وإلى جانبها أو فوقها ميليشيات تأتمر بأمر «الحرس الثوري» الإيراني.

فهل تكون هذه هي اللحظة المناسبة لمراجعة استراتيجيات التدخلات والحروب والميليشيات، ليس تجاه إسرائيل بالتحديد، بل تجاه سائر البلدان: فما جدوى الإنفاق على عشرات الألوف من الميليشيات الأفغانية والباكستانية الشيعية في سوريا؟ وما المصلحة في أن تتلوث سمعة «الثورة الإيرانية» من طريق أذرعها بصناعة المخدرات وتهريبها، والدخول في مجموعات الجريمة المنظمة في أميركا اللاتينية والوسطى وأفريقيا؟! ولنتأمل في السمعة السيئة لكتائب «الحشد الشعبي» العراقي في استغلال أموال الدولة، وفي ممارسة «الصلبطة» على الناس بالداخل العراقي؟ وكما ثار العراقيون عام 2019، ثار اللبنانيون في العام نفسه وللأسباب ذاتها: الفساد و«الصلبطة» والمذهبية والإذلال، وانتهاك الحقوق وتجاوز الحدود.

ولندع هذا وذاك وذلك. ولنتأمل العلاقات مع الدول العربية السليمة والمريضة. هي علاقات التربص من جانب الإيرانيين، والحذر من جانب العرب. ومع ذلك لولا المنافذ من دبي والاستئثار من العراق، لما أمكن تصور بقاء للاستقرار الهش في إيران. ما الحاجة إلى هذا الكلام غير ذي التعقل حول تصدير الثورة: فهل النموذج الذي يُراد تصديره قابل للتصدير بالفعل؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا التمردات الشعبية الكبيرة عليه بالداخل الإيراني؟

إذا قسنا نجاح «الثورة» بما فكّكت وخرّبت من بلدان، وبما حرمت شعبها من ضروريات العيش؛ فإنّ التوجه الاستراتيجي لهذا البلد الغني جداً يكون مستحقاً للترحاب والتقديم. لكنّ الأمر ليس كذلك كما يدركه أكثر الإيرانيين.

فهل يمتلك النظام الإيراني الشجاعة لإعادة النظر في التوجهات والسياسات كما حصل في سنغافورة والصين وحتى في رواندا؟! إن لم يحصل ذلك فنحن مقبلون على المزيد من النزاعات، بسبب إسرائيل وبسبب إيران، على ملفاتٍ أخرى نافرة أهمها الملف النووي الإيراني.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاستراتيجية الإيرانية وإلى متى الحرب الاستراتيجية الإيرانية وإلى متى الحرب



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon