توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تجارب الدولة الوطنية العربية

  مصر اليوم -

تجارب الدولة الوطنية العربية

بقلم - رضوان السيد

يعود الصراع بين الحكومتين في ليبيا إلى الاشتعال. وهو يجري بالواسطة بين المليشيات الموالية للدبيبة وباشاغا. وكان مجلس النواب المستقر بطبرق قبل عامٍ ونيّف قد أقال حكومة الدبيبة لفشلها في إجراء الانتخابات، واختار وزير الداخلية السابق باشاغا الذي شكّل حكومةً اعترف بها الشرق الليبي ولم يعترف بها الغرب الليبي حيث توجد حكومة الدبيبة في طرابلس.
ومنذ ذلك الحين، حاول باشاغا دخول العاصمة مرتين وصُدَّ عنها. ثم وجد ميلشيات في الغرب الليبي، مستعدةً للقتال من أجله. أما الدبيبة، فسارع للاستغاثة بتركيا من جديد، وزاد العطاء للميليشيات المنتشرة في طرابلس وحولها.
إنّ ما يحدث في ليبيا يحدث مثلُه بالعراق، حيث يدور الصراع داخل «البيت الشيعي» على مَن يتولى رئاسة الحكومة. والآن صار مطلب الزعيم الشعبي مقتدى الصدر استقالة البرلمان أو إقالته، وهو البرلمان المنتخَبُ قبل أقلّ من عام. ومثل ليبيا، فإنّ المليشيات من الطرفين، «الإطار التنسيقي» و«التيار الصدري»، تعود للاشتباك، ولا أحد من الطرفين مستعد للتنازل للآخر في هذا الصيف اللاهب، حيث يستميت العراقيون في طلب الماء والكهرباء، رغم أنّ العراق مثل ليبيا بلدٌ بترولي ثري.
وفي لبنان حكومة واحدة، لكنّ رئيس الجمهورية المُعادي لرئيس الحكومة توشك مدته على الانتهاء (آخِر أكتوبر المقبل)، ولا أمل حتى الآن في قدرة البرلمان على اختيار من يخلفه. ولا مشكلة في سوريا لجهة الرئيس والحكومة، لكنّ الجمهورية مقسّمة إلى أربعة أقسامٍ متعادية. وتحضر على أرضها جيوش وميليشيات روسية وإيرانية وأميركية وتركية. وإسرائيل تنتهك سيادتها كل أسبوع مرةً على الأقل!
وينذر المندوبون الدوليون السودانيين بأنّ استمرار النزاع بين الجيش والقوى المدنية على السلطة يهدد البلاد بالانهيار الاقتصادي والأمني.
وفي اليمن، صراع وحصارات على المدن وبدواخلها. وهناك هدنة متصدعة، والجميع يشكون من الانهيار الاقتصادي والأمني، ويتوقعون انهيار الهدنة بسبب كثرة الخروجات منها وعليها!
ماذا يعني هذا كلّه؟ يعني الفشل في إقامة سلطة وطنية واحدة. وأسباب الفشل معروفة: استعلاء سطوة المليشيات، والتدخلات الأجنبية في كل الدول المضطربة. وحيث بقيت سلطات هامشية مدنية، فإنها تعجز عن التوافق من خلال التنازلات المتبادلة. فالكُلُّ استمتع بطعم السلطة، ويعضُّ عليها بالنواجذ، والناس جميعاً عطشى وجوعى ولا مَنْ يسأل أو يردّ على المناشدات الدولية بالتهدئة والالتفات إلى المشكلات السياسية والسيادية المستعصية.
في النصف الثاني من القرن العشرين وحتى اليوم، أي من حوالي ثلاثة أرباع القرن تمرُّ تجربة الدولة الوطنية في المشرق العربي بتجارب ومِحَن، بدأت بالانقلابات العسكرية، ثم تصدعت السلطة من الداخل، وتمرد عليها المتمردون، وحصلت التدخلات الأجنبية. وقد سمعتُ المفوض الدولي لمكافحة الإرهاب، يقول إنّ «القاعدة» ما تزال موجودة، و«داعش» ما تزال تتحرك وتجد أنصاراً وحواضن!
لا يمكن اعتبار الغزو الأجنبي- باستثناء العراق- سبباً للتصدع الداخلي. وقد حاول مدنيو كل بلدان المشرق العودة للانتخابات. لكن الميليشيات تعطّل فعاليتَها. وما نفعت الوساطات العربية في التوفيق بين المتنازعين بالداخل، ولا في مَنْع التدخلات الخارجية. لقد كنا نخاف من الدولة، وصرنا نخاف عليها، فهي ضرورة وجودية وإنسانية واستراتيجية.
وبالطبع لا مصلحة للمليشيات في إقامتها، لكنّ القوى المدنية في كلٍ من لبنان والعراق وليبيا، وهي صاحبة المصلحة في إقامة السلطة، لا بد أن تقوم بجهدٍ جبارٍ من أجل ذلك. فإعادة الدولة الوطنية أولى الأولويات، ولا بد من نضالٍ من أجل تسليم أطراف النظام بضرورات السلطة الواحدة، وضرورات الخلاص من المليشيات، وهما الأمران غير الحاصلين حتى اليوم!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تجارب الدولة الوطنية العربية تجارب الدولة الوطنية العربية



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon