توقيت القاهرة المحلي 17:17:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العلاقات الدولية: اضطراب التحدي والتعب!

  مصر اليوم -

العلاقات الدولية اضطراب التحدي والتعب

بقلم - رضوان السيد

لا أعرف لماذا انتظرتُ ردة فعلٍ غربية أقوى على زيارة بوتين لكوريا الشمالية. الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش استنكر الزيارةَ، وبخاصة نواحيها الأمنية والعسكرية وذكر العقوبات! وبالطبع ليست الزيارة أولى «المخالفات» بحسب رؤية الغرب، وإنما هي إحدى نتائج الحرب في أوكرانيا والتفاف الغرب الأطلسي من حولها دون أن يستطيع ترجيح الكفة أو إحداث التوازن. لكن زيارة بوتين تبقى مفارقة لأن موسكو أيام الاتحاد السوفييتي كانت هي التي تُزار.

والمفارقة الأخرى أن الرئيس بوتين صار يدعو في كل مناسبة لتعدد الأقطاب باعتبار ذلك إصلاحاً للنظام الدولي الذي يسيطر عليه الأميركيون، وما كان ذلك توجه الروس أيام الثنائية القطبية! ومن الجهة الأخرى يحاول الأميركيون والأوروبيون محاصرةَ روسيا بعد أن كفّوا عن استيراد البترول والغاز منها، وإعاقة صادراتها الأخرى إلى الخارج.

وهم يقولون إنهم أثروا كثيراً، بينما يفتخر الروس بأنهم تجاوزوا الحصارَ ولا يزالون فاعلين في المجال العالمي، وليس بسبب الانفتاح الصيني عليهم، بل مع الهند وأفريقيا. ومتاعب الأميركيين في المجال العالمي تضاهي المتاعب الروسية وتفوقها. وعلى كل حال تعتبر الولايات المتحدة موقعها ودورها أو أدوارها في العالم أهمّ وأقوى بكثير. ولذا فهي تناضل، بل توشك أن تقاتل على ثلاث جبهات، فضلاً عن تدخلاتها المتنوعة في عدة أماكن. وهي تقود أوروبا والأطلسي في مساعدة أوكرانيا بالسلاح والتدريب والأموال. وهي تتدخل بالأساطيل وقوات الجو في بحر الصين الجنوبي «دفاعاً عن تايوان»، وتوثق علاقاتها العسكرية باليابان وأستراليا. والجبهة الثالثة في الشرق الأوسط لحماية إسرائيل ودعمها وفي الوقت نفسه الحيلولة دون اندلاع نزاعٍ أوسع من حول إسرائيل تشارك فيه مليشيات ودول إقليمية.

إنّ الجديد في الصراعات الجارية أمران: العجز الأميركي عن حسم النزاعات، وتعطل النظام الدولي (من خلال مجلس الأمن) عن الوساطة في النزاعات وتهدئتها. الباحثون الاستراتيجيون يتحدثون منذ عقدين عن «عالم ما بعد أميركا» أو حتى عن انهيار الغرب (إيمانويل تود). ويتمثل ذلك من وجهة نظرهم في الزيادة المطّردة للقوة الاقتصادية للصين، وزيادة قدراتها العسكرية، فضلاً عن بروز قوى تستطيع الصمود وتقوم بتدخلات لحسابها، ومسارعة عدة دول في غرب أفريقيا وفي أميركا اللاتينية للتمرد على الولايات المتحدة غير عابئةٍ بسطوتها الحالية! والأميركيون مِن جانبهم صاروا أكثر تواضعاً بعد الخيبة في أفغانستان والعراق. فقد انسحبوا مع فرنسا أو بعدها من غرب أفريقيا، ويصرون على سياسة «الاحتواء» تجاه إيران، رغم الهجمات التي يتعرض لها الجنود والمصالح الأميركية في العراق وسوريا واليمن والبحر الأحمر.

ورغم ذلك كله تذهب الولايات المتحدة إلى أن النزاع في اليمن داخلي (!)، وأنه يمكن الاتفاق مع إيران على التهدئة والنظر في المطالب. الفوضويات والانشلالات والتصدعات والمجاعات والهجرة هي السائدة، وقد تعبت كل الأطراف من عمليات «عض الأصابع»، لكنّ أحداً لا يريد الاستسلام، ويأمل أن يتنازل الآخر. ولذا تمتد المواجهات إلى مجلس الأمن الذي نادراً ما يستطيع إصدار قرار بسبب الانقسام. وفي المدة الأخيرة – وبعد فوات الأوان- وافق المجلس على مشروع أميركي لوقف إطلاق النار في غزة. بيد أن الطرفين لم يوافقا بعد، رغم خطة بايدن السابقة أيضاً لوقف النار. الجميع متعبون من القتل والدمار والترويع والتصعيد.. بيد أنّ أحداً لا يريد التنازل أولاً!

*أستاذ الدراسات الإسلامية - جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العلاقات الدولية اضطراب التحدي والتعب العلاقات الدولية اضطراب التحدي والتعب



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon