توقيت القاهرة المحلي 11:21:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ثقافة الإنجاز وثقافة المجازفة

  مصر اليوم -

ثقافة الإنجاز وثقافة المجازفة

بقلم - رضوان السيد


بعد مرور زهاء خمسة وأربعين يوماً على الحرب الطويلة على غزة، لا تبدو لهذه الحرب التدميرية للإنسان والعمران نهاية. ولا يتردد الذين قاموا بالهجوم في 7 أكتوبر في القول إنها كانت مغامرةً «محسوبة»! والمفردتان متناقضتان كما هو معروفٌ في اللغة العربية. ولنبدأ بحججهم ثم نصير إلى أفكارنا ودروسنا دولاً ومجتمعاتٍ وشعوباً.
يقولون إنه في زمن هذه الحكومة اليمينية في إسرائيل، ضاعت كل الآمال حتى في التهدئة، وبخاصةٍ أنه كانت بالضفة حملات مستمرة على المسجد الأقصى، وأخرى على المخيمات والمدن، كما أنّ المستوطنين راحوا يغتصبون الأراضي، ويضطهدون المزارعين خلال حصاد المحاصيل الزراعية.. كل ذلك والأجواء خامدة، وكأنما صار الاحتلال قدراً لا مخرج منه، لذا رأينا تحريك الساحة بهذه الطريقة.
وفي كل حرب من الحروب الأربعة السابقة كانت الحرب تهدأ بعد أسبوع أو أسبوعين رغم الخسائر.. «نحن نعترف أنها طالت هذه المرة، وأن الكوارث صارت عصيةً على الاحتمال»، وما بين الحاصرتين هو كلام لأحد قادة المسلحين. وتبقى الفائدة بحسب هذه المطالعة مزدوجة: إطلاق سراح المعتقلين في السجون الإسرائيلية، وتنبيه العالم إلى أن القضية الفلسطينية ما وجدت حلاًّ من أي نوع!  
  كل الأطراف تتحدث الآن عن «حلّ الدولتين»، لكنها تؤجل التفاوض عليه لحين الخلاص من «حماس»، وهذه الأخيرة مسيطرة في القطاع منذ عام 2007، لذا فهي متغلغلة في كل مفاصله. ويعني ذلك شقاءً كبيراً للسكان الذين يزيدون على المليونين، ولكلٍ منهم قريب أو نسيب بـ«حماس» ولا يقصّر الإسرائيليون في اكتشافه حتى في المستشفيات، إن لم يكن قد مات بالقصف!  
  فلندع مؤقتاً آراء الدوليين، ولنلتفت إلى تجربتنا نحن مع التنظيمات المسلحة، سواء أكانت فلسطينية أم غيرها. فما من بلدٍ عربيٍّ جرب تنظيمات مسلحة تحريرية أو إسلامية واستطاع الخروج منها. وقد حدث ذلك في العراق وسوريا ولبنان وليبيا والسودان والصومال. والوضع لم يختلف في فلسطين. فبالكاد استطاع ياسر عرفات الاحتفاظ بهدوء التنظيمات في ظل منظمة التحرير. ومنذ ذلك الحين ما بقي طرف عربي قوي إلا وأنشأ تنظيماً للتحرير! ثم في النهاية ظهرت التنظيمات الإسلامية التي اتصلت بإيران بعد سوريا، واستطاعت الانفصال بغزة التي انسحبت منها إسرائيل وتركتها لتتصارع مع السلطة الفلسطينية بالضفة. وحكمت «حماس» غزةَ بقبضة من حديد، وكانت إنجازاتها في الحروب الأربعة المدمرة إطلاق سراح بعض الأسرى، سعياً لزيادة شعبتيها في الضفة.  
  في العصر الراهن ما عاد هناك أمل في حلول للمشكلات كبيرها وصغيرها مع الخارج الإقليمي والدولي إلا من خلال الدول. وتجارب كل دول المشرق في العقود الماضية تثبت ذلك. فالتنظيمات المسلحة لا تحرر ولا تُخرج من ظلمٍ أو حيف، بل تنشر الفوضى ودعاوى التحرير. وهذا هو الشأن في لبنان وسوريا والعراق واليمن وليبيا. وحتى لو انهارت السلطة في إحدى الدول، فإنّ المليشيات لا تستطيع الحلول محلَّها وتعمد للسلب والنهب والتقاتل فيما بينها.     إنّ دروس العقود الماضية تبدو بأجلى وضوح في حالة «حماس» وغزة وفلسطين. وقد تعذّر توحيد الفلسطينيين رغم كثرة الوساطات، وكان أسهل إجراء محادثات ومهادنات بين «حماس» وإسرائيل من الوصول إلى حلول مع السلطة الفلسطينية!
    إنّ مؤتمر القمة العربية الإسلامية بالرياض أعاد القضية الفلسطينية إلى موضعها الملائم. ورغم عواصف الأسى واليأس، فمع العودة العربية يعود الأمل بإمكانيات الحلّ الدائم، والخروج من حروب المجازفات والمغامرات. لقد تلقينا أقسى الدروس، وينبغي أن لا نسمح بالتكرار الذي لا فائدة منه.
*أستاذ الدراسات الإسلامية - جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثقافة الإنجاز وثقافة المجازفة ثقافة الإنجاز وثقافة المجازفة



GMT 09:01 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

مقاهي الأنس

GMT 08:56 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حلب... ليالي الشتاء الحزينة

GMT 08:35 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف إطلاق النار... وشرط صموده

GMT 08:31 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

«دويتشلاند» السرية والردع النووي الروسي

GMT 08:29 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الشماتة فى الأوطان

GMT 08:25 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تفقد إفريقيا

GMT 08:22 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الخروج إلى البراح!

GMT 08:17 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

لو يُبادر المفتى

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 02:08 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا
  مصر اليوم - نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 21:40 2019 الخميس ,26 أيلول / سبتمبر

هزة أرضية بقوة 6.5 درجات تضرب إندونيسيا

GMT 02:54 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

خبراء يكشفون عن مخاطر تناول العجين الخام قبل خبزه

GMT 23:10 2019 الجمعة ,05 إبريل / نيسان

نادي برشلونة يتحرك لضم موهبة "بالميراس"

GMT 07:26 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

حسابات التصميم الداخلي الأفضل لعام 2019 عبر "إنستغرام"

GMT 06:56 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

أب يُصاب بالصدمة بعدما استيقظ ووجد ابنه متوفيًا بين ذراعيه

GMT 11:35 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تشيزني يبيًن ما دار مع رونالدو قبل ركلة الجزاء هيغواين

GMT 09:16 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

زوجة المتهم بقتل طفليه "محمد وريان" في المنصورة تؤكد برائته

GMT 17:55 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

فستان ياسمين صبري يضع منى الشاذلي في موقف محرج
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon