توقيت القاهرة المحلي 08:30:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الاستقطاب العالمي المتفاقم

  مصر اليوم -

الاستقطاب العالمي المتفاقم

بقلم - رضوان السيد

  في العدد الأخير من مجلة «فورين أفيرز» (الشؤون الخارجية) الأميركية عنوانٌ لافتٌ على صفحة الغلاف: أخبرني كيف سينتهي هذا الأمر؟ وقد ظننتُ لأول وهلة أنّ المقصود الاضطراب العالمي الكبير الذي يبدو بلا بدايةٍ ولا نهاية. لكن خفّف من إعجابي العنوان الفرعي التالي: هل هناك سبيلٌ للانتصار في أوكرانيا؟ إذ لو تأملنا المشهد العالمي لوجدنا أنّ الحرب في أوكرانيا ليست غير واحدةٍ من المشكلات العالمية الكثيرة، مثل تغير المناخ، وتزايد الأوبئة، وتوابعه من العواصف الفيضانات وحرائق الغابات ومواسم الجفاف، وأخيراً وليس آخِراً متغيرات القيم والأخلاق. ولذا فقد يكون عنوان تلك المقالة غير دقيق، لأنّ الاستقطاب يوحي بوجود طرفين أو قطبين يتنافسان ويتصارعان على الموارد والمجالات والثروات.
وهذا أمرٌ حاصلٌ بالفعل، لأنّ هناك جهات كبرى تتصارع، بينما الاضطراب يتجاوز المعسكرات والأقطاب. والأزمات التي ذكرناها منتشرةٌ في كل مكان، وإن اختلفت في تأثيراتها بين جهةٍ وأُخرى وقطبٍ وآخر. لقد استغربتُ عندما سمعت تصريح «ميت رومني»، أحد المرشحين للرئاسة عن الحزب الجمهوري الأميركي، ينكر فيه وجودَ أزمة مناخٍ في العالم ويعتبرها مجردَ دعاية ضد الولايات المتحدة، بينما تشتعل الحرائق الهائلة في جزر هاواي، والعواصف والفيضانات في نواحٍ أخرى من أميركا نفسها! لقد قرأت أن وزيرة الخزانة أو التجارة الأميركية تريد زيارة الصين للتفاوض، وفي الوقت نفسه تعمد وزارة الدفاع الأميركية إلى تزويد تايوان بالمزيد من الأسلحة الحديثة! كأنما يريدون دفع الصين نحو الحرب، مثلما يقول الرئيس الروسي إنّ الأميركيين هم الذين دفعوا روسيا إلى الحرب في أوكرانيا أو العكس!
    ويصرّح بعض قادة مجموعة «بريكس» بأنّ المراد إزالة السيطرة الأميركية على العالم بالدولار.. وبالطبع فإنّ سيطرة الدولار نوعٌ من الهيمنة. لكني أشبّهُ بريكس بجبهة عدم الانحياز إبّان الحرب الباردة في خمسينيات وستينيات القرن الماضي. لكن وجود أوجه الشبه بين التحالفين لا ينفي وجود الاختلاف. فقد كانت دول عدم الانحياز تريد التخفيف من الاستقطاب بين الجبارين خشية الحرب الشاملة أو النووية المهلكة، بينما تريد دول بريكس الناهضة الحصولَ على حقّها في القرار العالمي، وهو الحقّ الذي استحقته بالحجم الذي صار لها في الاقتصاد العالمي، وتريد أن يكون لها الحجم نفسه في القرار الاستراتيجي العالمي أيضاً. هل هذا هو تعدد الأقطاب الذي يدعو له الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؟! لقد تغيرت الأحجام، لكنّ المشكلات ذاتها أو ما يشبهها تتكرر!  
  ولنذهب إلى المشكلات الكبرى المستجدة، والتي لم تكن موجودةً قطعاً في خمسينيات وستينيات القرن العشرين.
وأقصد بذلك كبرى المشاكل وهي أزمة المناخ والتلوث البيئي المهلك لأجواء الكون والحياة الإنسانية. إنّ الفساد البيئي هذا يقال إنه وراء الاضطراب في نظام الأرض أو الكون بين السيول والزلازل والتصحر. ومعظم هذا التلوث والتغير آتٍ من الدول الصناعية المتقدمة، وعلى رأسها الولايات المتحدة. فهل يدخل في حسابات زعماء مجموعة بريكس وهي تريد الخلاص من هيمنة الدولار، التأثير الإيجابي في حلّ مشكلات المناخ على كثرة المواثيق والتعهدات في هذا الشأن؟
    هناك ثورانٌ أخلاقيٌّ وقيميٌ في العالم الغربي على وجه الخصوص، يتسبب في تفكك الأُسَر وخراب العائلات، وفي انهيار الأعراف والعادات. معظم الداعمين لبريكس هم من آسيا وأفريقيا، فهل يكون هناك اهتمامٌ أيضاً باستعادة شيء من الرشد إلى نظام حياة البشر واستقرارهم القيمي والأخلاقي؟
*أستاذ الدراسات الإسلامية - جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاستقطاب العالمي المتفاقم الاستقطاب العالمي المتفاقم



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon