توقيت القاهرة المحلي 04:04:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ضياع في إسرائيل

  مصر اليوم -

ضياع في إسرائيل

بقلم - سوسن الأبطح

في الوقت الذي كان وزراء خارجية النرويج وآيرلندا وإسبانيا يعلنون عن قرار بلدانهم الاعتراف بدولة فلسطين، في لحظة مشهودة، سيكون لها ما بعدها، وقد ضاقوا ذرعاً بتعنت إسرائيل وضيق أفقها، كان إيتمار بن غفير، أحد مجانين الحكومة الإسرائيلية، يقتحم المسجد الأقصى، ويصرخ: «علينا السيطرة على هذا المكان الأكثر أهمية على الإطلاق»، مطالباً بالوقف الكلي لإدخال الوقود إلى قطاع غزة.

الصفعات المتلاحقة التي تتلقاها إسرائيل، ومنها طلب مدعي عام الجنائية الدولية إصدار مذكرتي توقيف بحق رئيس الوزراء نتنياهو ووزير دفاعه غالانت، لا تجعلها تعيد النظر باستراتيجياتها الحمقاء، بل على العكس، تدفع بمسؤوليها إلى الإيغال في الجريمة، والتمادي في الانتهاكات. وزير المالية المجنون الآخر سموتريتش خططه الانتقامية جاهزة، رداً على الاعتراف بدولة فلسطين: المزيد من المستوطنات، وآلاف الوحدات السكنية، وضم الهكتارات من الأراضي، وخنق منظمة التحرير، حتى الموت.

لا تريد إسرائيل «حماس» ولا الرئيس محمود عباس، وربما أنها في النهاية، ستجني على نفسها. هذا ما تدل عليه سياساتها الجشعة، واستراتيجياتها الطموحة التي تفوق قدراتها الفعلية.

وكلما تمت محاججة صهيوني، مدافع عن إسرائيل، حول أخطائها المتراكمة، أجاب: أن المشكلة في مَن يستفزّ إسرائيل ولا يفهم سيكولوجيتها «فهي دولة لا تخضع لأي ضغط خارجي بما في ذلك إملاءات أميركا». مع أنه لم يتبقَّ لإسرائيل من قوة سوى الولايات المتحدة، التي تريد منها السلاح و«فيتوات» مجلس الأمن، والجاسوسية الاستخباراتية، والتكنولوجيا الذكية، والخطط العسكرية، وأيضاً تهديد قضاة «الجنائية الدولية»، واتخاذ الإجراءات العقابية ضد المحكمة.

إسرائيل تخسر أقرب أصدقائها؛ فقد تحوّل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من مدافع شرس يريد تشكيل تحالف دولي لحمايتها على غرار الحرب على «داعش» إلى صديق خجل من أفعالها، مضطر لأن يطالبها بمراعاة القانون الدولي، لمرات عديدة، في حين يرى وزير خارجيته أن فرنسا ليست بعيدة كثيراً عن الاعتراف بدولة فلسطينية. ورئيسة وزراء بلجيكا تعبر عن ضرورة اعتراف بلادها بالدولة الفلسطينية على غرار آخرين.

هكذا تضع إسرائيل الاتحاد الأوروبي أمام خلافات كبرى بين من يريد أن يعترف بدولة فلسطين، ومَن يعتبر الأمر هدية لعملية السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 مثل ألمانيا وإيطاليا، ومن يقف بين الاثنين حائراً، والجميع على أبواب انتخابات حاسمة.

أصبحت إسرائيل عدوة نفسها، وهي ترفض كل حلّ، إلا السفك وارتكاب المزيد من المجازر. هي تريد تحقيق ما لم تستطعه طوال 8 أشهر: أقله القضاء على «حماس»، وأكثره تهجير أهالي غزة والاستيلاء على الأرض. وترفض ما في متناولها، ولو كان فيه خلاصها.

ويحذر عسكريون إسرائيليون كبار على رأسهم يرام حمو المسؤول عن السياسة الأمنية والتخطيط الاستراتيجي في مجلس الأمن القومي الذي قدم استقالته الأسبوع الماضي، من أن مواصلة الحرب على رفح ممكنة، لكنها ستجعل وضع إسرائيل أكثر خطورة. اليوم تهدد إسرائيل «حماس» بالاجتياح، لتحصل منها على تنازلات تتعلق بالرهائن. أما بعد وقوع المحظور، فلن يبقى لإسرائيل ما تساوم عليه، لاسترجاع رهائنها، وقد تحتاج بعد ذلك إلى سنوات لا أشهر، لتعيدهم.

الحل الوحيد الذي يتبقى لنتنياهو، بعد تنفيذ حلمه باجتياح رفح، هو إقامة حكم عسكري. وهذا تماماً ما يحذر منه ويرفضه وزير دفاعه غالانت، لاستحالة تطبيقه، ولأنه يضع الجيش الاسرائيلي في وضع استنزاف ويفقد المئات. كما أنه ليس لإسرائيل العديد، الذي يسمح بحشد قوات كبيرة في غزة، وحماية الحدود الشمالية، ومواجهة التحديات في الضفة الغربية، والاستنفار لمواجهة أي مستجد، في وقت واحد. وكي تتغلب إسرائيل على مشكلة قلّة العديد، تحتاج إلى تجنيد الحريديم الذي يصطدم برفض عسير، وتمديد الخدمة الإجبارية لأربع سنوات، وهو ما لا يقبل به المجندون ولا عائلاتهم.

العجرفة والفوقية تجعلان إسرائيل تتصرف كقوة لا ترد، وتنسى أنها ليست الصين ولا روسيا، ولولا حلفاؤها وتخويفها الكوكب بتهمتي معاداة السامية والعنصرية ضد اليهود، لباءت الكثير من تهديداتها بالفشل. وقد بدأ مناصرون لها يضيقون ذرعاً، بكيل الاتهامات الكاذبة، وخلط الحقائق بالأوهام، وتكرار الأحابيل القديمة.

إسرائيل تتلقى بصدمة، قرارات المحكمة الجنائية التي أنشئت قبل أكثر من عشرين عاماً، تحديداً، لمنع تكرار المآسي الكبرى مثل «المحرقة» التي يحمّل الصهاينة مسؤوليتها للعالم أجمع. فما الذي سيحدث حين تدخل الصحافة العالمية، وقد منعتها إسرائيل عمداً، واكتشفت أهوال ما ارتكب وفظاعات ما أخضع له الفلسطينيون، والتوقعات أن أشهراً عديدة أخرى من المذابح، لا تزال تنتظرنا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضياع في إسرائيل ضياع في إسرائيل



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

إطلالات للمحجبات تناسب السفر

GMT 10:42 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

بولندا خرقت القانون بقطع أشجار غابة بيالوفيزا

GMT 23:19 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

كلوب يحمل بشرى سارة بشأن محمد صلاح

GMT 01:19 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

لاتسيو يحتفظ بخدمات لويس ألبيرتو حتى 2022

GMT 07:17 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

وفاء عامر تبدي سعادتها لقرب عرض مسلسل الدولي

GMT 09:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

فيسبوك يُجهّز لتسهيل التطبيق للتواصل داخل الشركات الصغيرة

GMT 20:34 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حبيب الممثلة المطلقة أوقعها في حبه بالمجوهرات

GMT 04:40 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

أشرف عبد الباقي يسلم "أم بي سي" 28 عرضًا من "مسرح مصر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon