توقيت القاهرة المحلي 13:59:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العالم بعيون إسرائيلية

  مصر اليوم -

العالم بعيون إسرائيلية

بقلم - سوسن الأبطح

عندما ضجّت الدنيا بصور خيام رفح المحترقة، وبهلع الناجين على أطفالهم وذويهم الذين صاروا نتفاً أو ذابوا واستحالوا رماداً، كان الإعلام الإسرائيلي منشغلاً بالحديث عن نجاح جيشه أثناء ارتكاب المجزرة، بقتل اثنين من «حماس»، مع أن أحداً لا يعلم إن كانا قد قُتلا أم لا! الأمر نفسه ينطبق على مجزرة في جباليا راح ضحيتها 150 مدنياً، بينما كان الإعلام يتباهى باستهداف أحد مسؤولي «حماس». وتتساءل محاورة إسرائيلية عن سبب المبالغة ووصف ما ترتكبه إسرائيل بـ«الإبادة»، مع أنه لا شيء أمام حروب أخرى أودت بحياة نصف السكان أو ربعهم، ولا يزال أهل غزة موجودين، وكل ما قتل منهم لا يتعدى 2 في المائة. هذا يلتقي مع مقولات الرئيس الأميركي جو بايدن، إن إسرائيل لم تتجاوز الخطوط الحُمر، ولم تقتل كثيراً من المدنيين. علماً بأن أكثر من ربع سكان غزة، إما قُتلوا أو فُقدوا أو أُصيبوا، وثلاثة أرباعهم خسروا منازلهم، وغالبيتهم الساحقة هُجّرت وشُرّدت.

لكن المشهد من إسرائيل غير ذلك. فالأذهان لا تزال عالقة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تحنطت عند هدف استعادة الأسرى، والثأر، مع إحساس مخادع بفائض قوة، حتى بات بعضهم يردد أن علينا ألا نعبأ بأميركا ولا أوروبا. الحجة، أن الغرب كان أصلاً ضد قيام دولة إسرائيل. يومها، كان لا بد من مجابهة بريطانيا، ومعاندة فرنسا، كي تصبح إسرائيل حقيقة واقعة. وفي كل مرة توشك إسرائيل أن تحقق انتصاراً كاسحاً، يفرض عليها حلفاؤها وقفاً لإطلاق النار، وهذا ما أوصل إلى الوضع البائس الذي هي عليه. هكذا حصل عامَي 48 و67 وحتى في الحروب على لبنان.

لكن المؤرخ اليهودي الفرنسي جورج بن سوسان، يذكّر مَن يشجعون على مواجهة أميركا، بأن إسرائيل لم تعد تملك من التفوق على جيرانها سوى سلاح الجو، الذي تزوّدها به أميركا. ولا تستطيع أن تنتج ولا حتى طائرة واحدة، فكيف تدير ظهرها لمَن يؤمّن لها الشرط المتبقي لوجودها.

وصل الجنون حدوداً سوريالية، إذ تتفنن إسرائيل في توجيه الاتهامات إلى أي جهة توجه لها أدنى نقد. تتنوع التهم من «داعمين للإرهاب» إلى «مشجعين على العنف» وصولاً إلى «العنصرية». لا بل إن أستاذ العلوم السياسية في جامعة إسرائيل المفتوحة، دنيز شاربيت، رغم تعصبه المستفزّ، صار يحذّر مواطنيه من التظلم المبالغ فيه، والاستخدام المفرط لتهمة «معاداة السامية»، بحيث أصبحت مبتذلة ومحط تندّر واستهزاء، مما أفقدها قيمتها، وأخرجها من المعركة، رغم أنها واحدة من أمضى الأسلحة وأكثرها فتكاً بمعارضي الدموية الصهيونية.

يردد إسرائيليون أن الحملات ضدهم تكسب الساحة، لأن المهاجرين العرب والمسلمين هم الذين يسيطرون على وسائل الإعلام التقليدية في أوروبا (وهذا مضحك) وعلى المدارس الصحافية التي تشكل الجيل الجديد، عدا وسائل التواصل.

لكنهم يشعرون بأن الطعنة الأكبر والأفظع، جاءتهم من الجامعات الأميركية العريقة مثل هارفرد، وكولومبيا، قلاع الفكر والمعرفة التي استثمروا فيها حتى الثمالة، وخططوا طويلاً للقبض على قرارها. ثمة نداءات لوضع خطط مختلفة، لمواجهة المتغيرات «الخطرة» بعد أن شهدت الاستراتيجيات السابقة فشلاً في مختلف الساحات، بما في ذلك «محكمة الجنايات الدولية» التي تجسّسوا عليها عقداً وهددوا المدعية العامة فيها، وتوعدوا، بتورط شخصي من مدير «الموساد» السابق يوسي كوهين، لكن ما فعلوه انكشف أخيراً، وتحول إلى فضيحة.

وها هي محكمة الجنايات على وشك إصدار مذكرتَي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يوآف غالانت، وملف تورط رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في المساعدة على ارتكاب جرائم إبادة جماعية في الحرب على غزة، هو أيضاً على النار.

عدوى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، تزيد من حالة الانفصال عن الواقع التي تعيشها إسرائيل، حتى ولو أن تأثيرها لا يزال نفسياً ورمزياً. فرغم الدعم الغربي اللامحدود لدولة الاحتلال يكتب محلل في «تايم أوف إسرائيل» بأنه «بدءاً من كريم خان ومحكمة العدل الدولية إلى وسائل الإعلام الرئيسية وصديقي (السابق) الذي لم يعد يتحدث معي، جميعهم يحاولون النيل منا. في أعقاب أسوأ مذبحة لليهود في يوم واحد منذ المحرقة، فإن هذه العزلة ليست محيرة فحسب، بل إنها مدمرة». لا أحد في إسرائيل، يريد أن ينسى، إنهم هنا رغم أنف الجميع، والصخرة التي ظنوا أنهم بنوا عليها كياناً لا يتزحزح، بدأت تهتز بقوة، وتكاد تتفتت، وهذا يعقّد كل شيء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العالم بعيون إسرائيلية العالم بعيون إسرائيلية



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نظام غذائي مستلهم من الصيام لتحسين صحة الكلى
  مصر اليوم - نظام غذائي مستلهم من الصيام لتحسين صحة الكلى

GMT 11:17 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

رامي صبري يُعلق على حفلته في كندا
  مصر اليوم - رامي صبري يُعلق على حفلته في كندا

GMT 23:37 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هاريس تتعهد بالعمل على إنهاء الحرب في الشرق الأوسط
  مصر اليوم - هاريس تتعهد بالعمل على إنهاء الحرب في الشرق الأوسط

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 21:04 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

فيسبوك يوسع نطاق خدمة الأخبار المحلية

GMT 03:12 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

عمرو عمارة يعلن عن أسباب تسوس الأسنان

GMT 11:40 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

"زيزو" ينفي وجود أي مفاوضات للتجديد للبدري

GMT 09:34 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

الألواح الملوّنة يمكنها توفير %20 من الطاقة للمباني

GMT 13:43 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

فلكي مصري يتنبأ بنتيجة الانتخابات الرئاسية المقبلة

GMT 04:16 2016 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

إيساف ومحمد رشاد يكشفان جديدهما في "سنة تانية غنا"

GMT 02:26 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عقار جديد لفقدان الوزن بنفس فعالية حمية أتكينز

GMT 07:55 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن محور الحفلة الدولية لـ " Met Gala "

GMT 07:39 2022 السبت ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الخطيب يتابع كولر بحضوره المران للأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon