توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العالم بعيون إسرائيلية

  مصر اليوم -

العالم بعيون إسرائيلية

بقلم - سوسن الأبطح

عندما ضجّت الدنيا بصور خيام رفح المحترقة، وبهلع الناجين على أطفالهم وذويهم الذين صاروا نتفاً أو ذابوا واستحالوا رماداً، كان الإعلام الإسرائيلي منشغلاً بالحديث عن نجاح جيشه أثناء ارتكاب المجزرة، بقتل اثنين من «حماس»، مع أن أحداً لا يعلم إن كانا قد قُتلا أم لا! الأمر نفسه ينطبق على مجزرة في جباليا راح ضحيتها 150 مدنياً، بينما كان الإعلام يتباهى باستهداف أحد مسؤولي «حماس». وتتساءل محاورة إسرائيلية عن سبب المبالغة ووصف ما ترتكبه إسرائيل بـ«الإبادة»، مع أنه لا شيء أمام حروب أخرى أودت بحياة نصف السكان أو ربعهم، ولا يزال أهل غزة موجودين، وكل ما قتل منهم لا يتعدى 2 في المائة. هذا يلتقي مع مقولات الرئيس الأميركي جو بايدن، إن إسرائيل لم تتجاوز الخطوط الحُمر، ولم تقتل كثيراً من المدنيين. علماً بأن أكثر من ربع سكان غزة، إما قُتلوا أو فُقدوا أو أُصيبوا، وثلاثة أرباعهم خسروا منازلهم، وغالبيتهم الساحقة هُجّرت وشُرّدت.

لكن المشهد من إسرائيل غير ذلك. فالأذهان لا تزال عالقة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تحنطت عند هدف استعادة الأسرى، والثأر، مع إحساس مخادع بفائض قوة، حتى بات بعضهم يردد أن علينا ألا نعبأ بأميركا ولا أوروبا. الحجة، أن الغرب كان أصلاً ضد قيام دولة إسرائيل. يومها، كان لا بد من مجابهة بريطانيا، ومعاندة فرنسا، كي تصبح إسرائيل حقيقة واقعة. وفي كل مرة توشك إسرائيل أن تحقق انتصاراً كاسحاً، يفرض عليها حلفاؤها وقفاً لإطلاق النار، وهذا ما أوصل إلى الوضع البائس الذي هي عليه. هكذا حصل عامَي 48 و67 وحتى في الحروب على لبنان.

لكن المؤرخ اليهودي الفرنسي جورج بن سوسان، يذكّر مَن يشجعون على مواجهة أميركا، بأن إسرائيل لم تعد تملك من التفوق على جيرانها سوى سلاح الجو، الذي تزوّدها به أميركا. ولا تستطيع أن تنتج ولا حتى طائرة واحدة، فكيف تدير ظهرها لمَن يؤمّن لها الشرط المتبقي لوجودها.

وصل الجنون حدوداً سوريالية، إذ تتفنن إسرائيل في توجيه الاتهامات إلى أي جهة توجه لها أدنى نقد. تتنوع التهم من «داعمين للإرهاب» إلى «مشجعين على العنف» وصولاً إلى «العنصرية». لا بل إن أستاذ العلوم السياسية في جامعة إسرائيل المفتوحة، دنيز شاربيت، رغم تعصبه المستفزّ، صار يحذّر مواطنيه من التظلم المبالغ فيه، والاستخدام المفرط لتهمة «معاداة السامية»، بحيث أصبحت مبتذلة ومحط تندّر واستهزاء، مما أفقدها قيمتها، وأخرجها من المعركة، رغم أنها واحدة من أمضى الأسلحة وأكثرها فتكاً بمعارضي الدموية الصهيونية.

يردد إسرائيليون أن الحملات ضدهم تكسب الساحة، لأن المهاجرين العرب والمسلمين هم الذين يسيطرون على وسائل الإعلام التقليدية في أوروبا (وهذا مضحك) وعلى المدارس الصحافية التي تشكل الجيل الجديد، عدا وسائل التواصل.

لكنهم يشعرون بأن الطعنة الأكبر والأفظع، جاءتهم من الجامعات الأميركية العريقة مثل هارفرد، وكولومبيا، قلاع الفكر والمعرفة التي استثمروا فيها حتى الثمالة، وخططوا طويلاً للقبض على قرارها. ثمة نداءات لوضع خطط مختلفة، لمواجهة المتغيرات «الخطرة» بعد أن شهدت الاستراتيجيات السابقة فشلاً في مختلف الساحات، بما في ذلك «محكمة الجنايات الدولية» التي تجسّسوا عليها عقداً وهددوا المدعية العامة فيها، وتوعدوا، بتورط شخصي من مدير «الموساد» السابق يوسي كوهين، لكن ما فعلوه انكشف أخيراً، وتحول إلى فضيحة.

وها هي محكمة الجنايات على وشك إصدار مذكرتَي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يوآف غالانت، وملف تورط رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في المساعدة على ارتكاب جرائم إبادة جماعية في الحرب على غزة، هو أيضاً على النار.

عدوى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، تزيد من حالة الانفصال عن الواقع التي تعيشها إسرائيل، حتى ولو أن تأثيرها لا يزال نفسياً ورمزياً. فرغم الدعم الغربي اللامحدود لدولة الاحتلال يكتب محلل في «تايم أوف إسرائيل» بأنه «بدءاً من كريم خان ومحكمة العدل الدولية إلى وسائل الإعلام الرئيسية وصديقي (السابق) الذي لم يعد يتحدث معي، جميعهم يحاولون النيل منا. في أعقاب أسوأ مذبحة لليهود في يوم واحد منذ المحرقة، فإن هذه العزلة ليست محيرة فحسب، بل إنها مدمرة». لا أحد في إسرائيل، يريد أن ينسى، إنهم هنا رغم أنف الجميع، والصخرة التي ظنوا أنهم بنوا عليها كياناً لا يتزحزح، بدأت تهتز بقوة، وتكاد تتفتت، وهذا يعقّد كل شيء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العالم بعيون إسرائيلية العالم بعيون إسرائيلية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon