توقيت القاهرة المحلي 12:48:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

برنامج «إنجيل» متهم بالإبادة الجماعية

  مصر اليوم -

برنامج «إنجيل» متهم بالإبادة الجماعية

بقلم - سوسن الأبطح

أساءت إسرائيل إلى سمعة الذكاء الاصطناعي الحربي، وإلى اختراعاتها الذكية، حين وضعتها بأيدٍ لا تُعنَى بالانتصار على عدوها بقدر ما تتمنَّى له الموت، ولا تفكر بالعواقب بقدر ما تركّز على الثأر الأحمق، واقتلاع الناس من جذورهم. كان يفترض ببرامجها التي سخرتها للقتل، وحولت بها غزة، إلى أكبر مختبر عملي، لفحص فاعلية الذكاء الآلي في عصرنا الحالي، أن تعود على إسرائيل بالفوز السريع، لكن ما حدث هو العكس. منصة صنع الأهداف الذكية «غوسبيل» أو ما يعرف بالعربية باسم «الإنجيل» التي استخدمتها، للرد بالسرعة الممكنة والدقة الفائقة على «حماس»، تم تحويلها بيد الضباط الإسرائيليين إلى آلة تدميرية لم يعرف لها التاريخ مثيلاً. من المفترض أنه حين يعطى الأمر بشن غارة على منزل محددٍ، أن قادة المنصة، يعلمون جيداً من هم المستهدفون، وكذلك يدركون الأخطار الجانبية المحتملة. لكن إسرائيل استغلت قدرتها في توليد الأهداف آلياً، وقصفت 15 ألف هدف، خلال 35 يوماً فقط، من دون أن تعبأ بالأرواح. وهو رقم قياسي لغارات يمكن لجيش أن يقوم به، في فترة بهذا القصر، فما بالك حين تكون المساحة المستهدفة اقرب بحي كبير. ضابط مخابرات إسرائيلي سابق، علّق بالقول: إن هذه التكنولوجيا تتحول إلى «مصنع لجرائم القتل الجماعي».

وحسب العسكريين الإسرائيليين أنفسهم، فإن النظامين المستخدمين لتحديد الأهداف وفق البيانات واعتماد الخوارزميات، لا يتم تنفيذ اقتراحاتهما إلا بموافقة بشرية. لكن الجالسين وراء الشاشات، يمتلكون قدرة على السفك، تفوق تلك التي يجرؤون عليها حين يكونون في الميدان. وهذا ما بات يثير القلق من التمادي في السفك الذي مارسته إسرائيل حتى بين بعض العسكريين الأميركيين، الذين يتحدثون عن ضرورة وضع شروط، وحدود لاستخدام معداتهم الذكية التي تزود بها إسرائيل. يتباهى الإسرائيليون أن لديهم تقنيات حديثة، بمقدورها أن ترصد دبّة النملة تحت الأرض، وهي قادرة على رسم شبكة الأنفاق التي شقتها «حماس» بطريقة عنكبوتية. هذا ما عناه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري، حين قال: «نحن نعمل فوق الأرض وتحت الأرض». لكن وبعد خمسة أشهر من القصف الجهنمي بحسب رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأميركي مارك وارنر، فإن جلّ ما استطاعته إسرائيل هو تدمير ثلث أنفاق «حماس» فقط، وقتل ثلث مقاتليها. حتى نظام «أتلانتس» الذي أعدته لإغراق الأنفاق بمياه البحر، اعترف الجيش الإسرائيلي أنه كان فاشلاً، ولم يدمر سوى بضعة كيلومترات، ولم يستخدم إلا في الشمال، قرب البحر.

لكن إذا أصغينا إلى يهودا كفير الذي كان مسؤولاً عن الحرب السرية ضمن مديرية التكنولوجيا واللوجيستيات، نراه يعلّق على أسلوب الجيش الإسرائيلي في مواجهة الأنفاق بأنه «محبط ولا يمكننا الاستمرار في استخدامه، لأنه يتضمن تدمير البنية التحتية والمباني فوق الأرض، للوصول إلى ما هو تحتها، ثم أنه لا يصل». لكن ما يقترحه كفير ليس مقنعاً أيضاً. يرى أن الحل الوحيد هو الحفر المقابل تحت الأرض، لملاقاة أنفاق «حماس»، والدخول عليهم. وذلك باستخدام الأدوات الذكية من أجهزة استشعار وميكروفونات وروبوتات، وأي شيء يمكنه اختراق الأنفاق ويعطي معلومات عن موقعها.

أي أن الرجل يوصي بالتعامل مع االأساليب الكلاسيكية التي اعتمدتها «حماس»، بأساليب مشابهة. إذ ان الذكاء بمقدوره أن يدمّر، لكن شح المعلومات الاستخباراتية التي تمكنت إسرائيل من جمعها قبل الحرب، وبدأت تعوضها حين تضع يدها على بعض الأجهزة والكومبيوترات بعد دخول غزة، حدّ بشكل كبير من فاعلية الذكاء، وقدرته على الانتصار. واحدة من المفاجآت، أن إسرائيل كانت تظن بأن الأنفاق لا يمكنها أن تحفر بأعمق من 30 متراً بسبب المياه الجوفية، لكنَّها اكتشفت متأخرة ان العمق يصل إلى 50 متراً، وأن هذه الصعوبة تم التغلب عليها. باتت المعدات الحربية الذكية التي تستخدمها إسرائيل سلاحاً يرتد عليها، فمن ناحية، أثبت القتال في غزة، أن مواجهة التكنولوجيا المتطورة لا يكون إلا بالتخلي عنها ولو جزئياً، من الجهة المقابلة. ثم إنَّ ثمة خشيتين في أميركا. الأولى وهي الأهم أن يكون ما حدث في غزة مجرد سابقة خطيرة، ستفتح الأعين على وسائل قتالية بدائية جديدة، في مواجهة أحدث المعدات. أما المشكلة الأخرى فهي أن الناشطين الحقوقيين في أميركا يسألون عن مسؤولية بلادهم في تزويد إسرائيل باجهزة وإحداثيات، نتج عنها قصف وقتل جماعي لأبرياء، بينهم الكثير من الأطفال، في مدارس، ومستشفيات، وكنائس ومساجد، ومراكز أممية وإغاثية.

ولا تزال المعلومات قليلة حول استخدام البرامج الذكية التي استخدمت في القتل الجماعي للفلسطينيين، ولم يعرف عنها سوى ما نشره الإسرائيليون في صحفهم، وما أفصح عنه مسؤولوهم وعسكريوهم، وهو ما يحتاج المزيد من الإيضاحات لتحديد المسؤوليات، ومدى تورط أميركا. لكن وعلى عكس ما تدعي إسرائيل فهي ليست المرة الأولى التي تستخدم بها هذه الأنظمة الذكية بغباء، فقد لجأت أميركا إلى البرامج التوليدية للأهداف في حرب الخليج في التسعينات، وفي حربها على افغانستان، وفي كوسوفو استخدمها الناتو ضد الأهداف الصربية. جلّ ما حدث الآن، هو تطوير البرامج، والمزيد من الحقد الأعمى. وشكل الذكاء الاصطناعي ما مجمله 18% من الناتج المحلي في إسرائيل عام 2022، لكن الأضرار بعد الحرب في غزة لن تتوقف على نزفه من قوته البشرية، بسبب استدعاء العاملين فيه للقتال، إنما ستلتصق به السمعة الدموية التي تجلى آخرها في تقرير المسؤولة الأممية في حقوق الإنسان فرانشيسكا ألبانيز، التي اتهمت إسرائيل، علناً وبشكل مباشر، في سابقة لا مثيل لها، بالإبادة الجماعية، مطالبة بحظر تصدير السلاح إليها. ولا تزال تداعيات إجرام الذكاء الاصطناعي في أيدي إسرائيليين، في أولها...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

برنامج «إنجيل» متهم بالإبادة الجماعية برنامج «إنجيل» متهم بالإبادة الجماعية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon