توقيت القاهرة المحلي 08:39:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إسرائيل خطر على اليهود

  مصر اليوم -

إسرائيل خطر على اليهود

بقلم - سوسن الأبطح

حين يقول روني برومان «أنا بصفتي يهودياً، أُومن أن إسرائيل باتت تعرض حياتي للخطر، لأنها تستحث الحقد ضدي، وتغذي اللاسامية في كل العالم». فنحن أمام سليل صهيوني أباً عن جد، هزّت مشاعره آلام الفلسطينيين حتى بدا له فجأة، أن كل ما آمن به كان مجرد روايات مخادعة. ويرى برومان بعد هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 «أن المشروع الصهيوني الذي قام في الأصل لحماية اليهود فشل بالكامل» وقد أتى بنتائج عكسية.

الرجل هو الرئيس السابق لمنظمة «أطباء بلا حدود». من أبوين صهيونيين. والده كان مقاتلاً خلال الحرب الثانية، وصار مدرباً عسكرياً في فرنسا لليهود الهاربين من وسط أوروبا، قبل إرسالهم لقتال الفلسطينيين وطردهم. في عام النكبة جاء المدرّب العسكري هذا إلى فلسطين، ليشارك بنفسه في قيام دولة إسرائيل. في هذه الأجواء ولد روني برومان في القدس، معتقداً دائماً، أن الكلام عن الشعب الفلسطيني هو مجرد شعارات فارغة. فللعرب 22 دولة ومساحات ممتدة، وأن تنقل بعض الأشخاص من منطقة إلى أخرى قربها، ليس بالأمر الأليم ولا الفظيع. كان لا بد من انتظار الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987 ليرى برومان الأطفال الصغار يرمون الجنود الإسرائيليين بالحجارة، ويثورون، ويُقتلون من أجل فلسطين، كي يصدق أنهم موجودون بالفعل، وأن لهم في هذه الأرض قضية وحقوقاً.

«تمزقت الحجب فجأة أمام عيني».. برومان، الذي عاد به أهله إلى فرنسا وهو في الخامسة، وكانت له ميول تحررية، وناصر فيتنام، وسار في المظاهرات، ثم تخصص في الطب حباً في خدمة الإنسانية، لكن فلسطين لم تكن مما فكّر به، أو أرّقه أصلاً، حتى قارب الثلاثين. فهو تربّى، كما أخبره والده، على أن المنتصر هو الذي يفرض في النهاية، سرديته، ومفرداته. وقد انتصرت إسرائيل بالفعل في عام 1948 ثم في 1967، واستتب لها المقام، وفرضت روايتها، ولم تعد تثير تساؤلاته، حتى إن برومان بسبب مهنته، سافر إلى أصقاع الأرض لكنه لم يفكر قط في زيارة مسقط رأسه.

برومان ليس مرتداً حديثاً عن الصهيونية، لكنه حالة نموذجية لفهم انعكاسات مجازر غزة على أعداد من اليهود في العالم، لا سيما الشباب الذين يتحدثون عن يقظة واكتشاف لحقائق أخفيت عنهم. هؤلاء نراهم يتزايدون بعد كل حدث مفصلي.

تيار بدأ يظهر في السنوات الأخيرة، مع صعود سريع لليمين المتطرف الإسرائيلي وخطابه الصادم. من بين هؤلاء الصحافي سيلفان سيبيل الخبير المتمرس في المجتمع الإسرائيلي، عمل في «كوريه إنترناسيونال»، ثم صحيفة «لوموند». كتابه «دولة إسرائيل ضد اليهود» بدا استفزازياً، حين صدر قبل سنتين. فهو يوجه لائحة اتهامات قاسية لإسرائيل. يعتقد سيلفان سيبيل أن هناك يهوديتين تتعايشان الآن: يهودية إسرائيل ومؤيدوها الخارجيون، وهم نافذون وأقوياء، والثانية يهودية الأشرار الذين يشملون كل من يحاول توجيه أدنى نقد لممارسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وعنصريتها والكولونيالية.

بالتالي فإن العنف والقمع يطولان الفلسطينيين وكل يهودي يخرج عن الرواية الرسمية، كما تقول عالمة الاجتماع الفرنسية الإسرائيلية، إيفا إيلوز.

منذ أربعين عاماً، يحكم إسرائيل الليكود، المتحالف مع يمين متطرف عنصري. «في مواجهة هذا التطور (الإجرامي)، و(الانتحاري)، للمجتمع الإسرائيلي، يبدو التفكير النقدي مشلولاً». و«أصحاب السلطة يستغلون ذكرى المحرقة لإرهاب من يرغب في الانتقاد». ويشكو الكاتب اليهودي سيبيل من ترسانة قانونية أنشئت لهذا الغرض، بحيث يتم دعم الجمعيات التي تدعو لطرد الفلسطينيين. ويُفرض حظر يمتد إلى الدول الحليفة لإسرائيل على مؤيدي المقاطعة، حتى لو كانوا يهوداً. وإلزام منظمات حقوق الإنسان بالتسجيل بعدّها «وكيلاً أجنبياً»، إذا لم يكن تمويلها إسرائيلياً. وأقرّ البرلمان قانون «الولاء الثقافي» ليمنع الفنانين من توجيه أي انتقاد للدولة. و«تتم دراسة مشروع يضمن الحصانة لأي جندي أو عضو في الخدمات الخاصة الإسرائيلية يشتبه في ارتكابه عملاً إجرامياً في أثناء نشاطه». وهو ما يعده صاحب الكتاب «رخصة مطاردة وقتل للفلسطينيين».

ولا ننسى إقرار قانون الدولة القومية، بحيث أصبح كل يهودي، له حق في الإقامة في إسرائيل، بصفتها أرضه، فيما هي ممنوعة على سكان البلاد الفلسطينيين. بذلك أصبح نظام الفصل العنصري حقيقة قانونية فاقعة، لا يمكن نكرانها.

سطوة المتطرفين المتزايدة، واليقين بأن الآتي أسوأ، دفعا بآلاف الإسرائيليين لهجرة معاكسة، وزرع الرعب في قلوب بعض يهود الخارج الذين يدركون خطورة ما تمارسه حكومة تبعد عنهم آلاف الأميال، لكنها تعد في أعين العالم ممثلة لهم. في أميركا ما يقارب من نصف الناخبين اليهود الشباب يشعرون بأن بايدن يدعم إسرائيل بشكل مفرط، حسب استطلاع أجري قبل أيام. وإن لم يكن هذا حال الأكبر منهم سناً.

والأهم هو القلق الشديد من معاداة السامية بين اليهود الأميركيين؛ حيث وصفها 96 في المائة منهم بأنها مشكلة خطيرة في الولايات المتحدة. أما الشباب فهم خائفون أيضاً من تفشي مشاعر الإسلاموفوبيا في بلادهم بقدر ما يخشون معاداة السامية، ما يعني أن الحساسية تشمل كل أشكال العنصرية.

غالبية ساحقة تصل إلى 91 في المائة من اليهود الأميركيين ترفض تكميم الأفواه وأن يحظر عليها نقد إسرائيل، ما يذكّر بقول لسيلفان سيبيل إن «الجالية اليهودية الأميركية تحرر نفسها من الدولة اليهودية وتفتح الطريق أمام إمكانات أخرى». سيلفان الذي يوافق برومان على أن «ما تعيشه الصهيونية فشل قاسٍ لا جدال فيه».

«لقد أدت إلى نظام فصل عنصري بغيض تماماً، يعتمد على كذبة الدولة المنهجية، وهي تنقلب بالفعل ضد إسرائيل والشعب اليهودي».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسرائيل خطر على اليهود إسرائيل خطر على اليهود



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 05:30 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات
  مصر اليوم - لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات

GMT 17:24 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة حديثة تكشف صلة محتملة بين الاكتئاب وارتفاع حرارة الجسم
  مصر اليوم - دراسة حديثة تكشف صلة محتملة بين الاكتئاب وارتفاع حرارة الجسم

GMT 04:39 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك
  مصر اليوم - جيش منظم على الإنترنت ضد تزوير الانتخابات يدعمه إيلون ماسك

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة

GMT 13:06 2021 الثلاثاء ,08 حزيران / يونيو

أنشيلوتي يحسم موققه من ضم محمد صلاح إلى ريال مدريد

GMT 09:11 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحمل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon