توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حماس حليفة «اليقظة»

  مصر اليوم -

حماس حليفة «اليقظة»

بقلم - سوسن الأبطح

يشن الكتّاب الصهاينة حملةً شعواء على حركة «ووك» أو «اليقظة» التي تنتشر كالنار في الهشيم بين الشباب الأميركي، وكانت آخر مفاجآتها، وقوفها إلى جانب ضحايا غزة، وكأنها تناصر بذلك نفسها والإنسانية جمعاء. وبين هؤلاء يهود يعدّون بأنهم خدعوا بالرواية التاريخية المزيفة التي قُصّت عليهم، ومثليون، وسود وعرب. فهي حركة عابرة للجيل الجديد، ومن هنا يخشى مناوئوها خطرها، ومنهم من يسميها «الماوية الجديدة» أو «الثورة الثقافية»، ويتهمونها بـ«التطرف» و«السطحية» و«الفاشية».

التوترات الصاخبة في كبريات الجامعات الأميركية، المصنفة أولى عالمياً، ما هي إلا رأس جبل الجليد لحرب يستعر أوارها في الولايات المتحدة، وتأثيراتها بلغت بريطانيا. وهو ما يفسر نزول المظاهرات الضخمة الأسبوعية في شوارع لندن؛ للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة. واتهمت مجلة «لوبوان الفرنسية» الفلسطينيين بأن لديهم «هوساً بالجامعات الفرنسية»، والتأثير على طلابها، الذين قبلوا بتصدير الأسلحة لأرمينيا وأوكرانيا، لكنهم يصرخون: «فلتسقط الإمبريالية»؛ حين يتعلق السلاح بدعم إسرائيل.

علماً بأن حركة «اليقظة» سابقة لحرب غزة، ولها مسار طويل، لكنها برزت بوضوح مع حادثة قتل الأميركي الأفريقي جورج فلويد عام 2020 خنقاً على يد ضابط شرطة على مرأى من المارة، في ولاية مينيسوتا، ورفع حينها شعار «حياة السود مهمة»، واندلعت الاحتجاجات.

قبلها بثلاثة أعوام أطلقت الممثلة الأميركية أليسا ميلانو عبر منصة «إكس» (تويتر سابقاً) وسم «مي تو» أو «أنا أيضاً»، وحظي بتفاعل عالمي كبير، وانخرطت النساء برواية قصص تحرّش تعرضن لها، فيما يشبه انتفاضة عمّت الكوكب.

في السنة نفسها، وتحت الضغط، ألغت مسابقة «مس أميركا» فقرة استعراض المتسابقات بلباس البحر؛ لأنها توقفت عن الحكم على المتسابقات بناء على مظهرهن الجسدي.

هذا النزوع الإنساني، طلباً للمساواة بين الكائنات، والرغبة في إسقاط كل اختلاف، واحترام كل نوع، وتخطي التاريخ المخزي للبشرية في تعاطيها العنصري مع الألوان والطبقات والأجناس، يترافق مع نزعة ديكتاتورية أحياناً، لكنها لم تؤخذ على محمل الجد يوماً، كما حدث بعد حرب غزة، وهبوب عاصفة الاحتجاجات التي أرّقت الكونغرس، والممولين، وأصحاب الأعمال. استجوبت رئيسات أهم ثلاث جامعات هي «هارفارد» كلودين جاي، و«بنسلفانيا» ليز ماجيل، و«معهد ماساشوستس للتكنولوجيا» سالي كورنبلوث، بسبب ما قيل إنه تصاعد «العداء للسامية»، وبدا أنهن ميّالات لطلابهن أكثر من مسنّات الكونغرس، مما رفع منسوب النقمة عليهن.

غزة لم تفتح أبواب الصدام، لكنها حركت البوصلة لعدد متزايد من الشباب المعولم، الذي يبدو أقل اقتناعاً بفكرة الوطن المغلق، والحدود الضيقة، مهموم بتحقيق العدالة الاجتماعية، وخائف من وحش التلوث البيئي الذي يراه طوفاناً، أو تصحراً، ووباء عانى منه ولا يزال يتذكر حجره. هم باحثون عن الهوية الفردية، حتى لو بدت غريبة، وشاذة، فهم يواجهون بعناد. قد توافق هذه الشبيبة، أو تستغرب فكرها، لكنها تنظر إلى الليبرالية المتوحشة على أنها عدو، وأركانها من شركات متغولة، ورؤوس أموال في يد حفنة من الناس، ظلم لا بد من رفعه. ويعتقد أهل «اليقظة» أن اللوبيات السرية من مصارف وشركات أسلحة وعقارات، تحرك الاقتصاد، وتمسك بالقرارات، مما يجب محاربته وترويضه. وهو أمر ليس بمستبعد، فأنت بحاجة إلى سنوات عشر لتجد خريجي الجامعات الأكبر في موقع القرار.

هم جيل الشبكات الاجتماعية المعولمة، لم يعايشوا المحرقة، لم يتتلمذوا على حقد الحربين العالميتين، ولا ضغينة 11 سبتمبر (أيلول) وإرهابه، ولم يصادف أنهم حاربوا الشيوعية أو أسقطوا جدار برلين، ويفضلون الفكر التبسيطي. غزة بالنسبة لهم محتلة، واللوبيات التي يناضلون ضدها هي التي تمدّ الاحتلال الإسرائيلي بالسلاح والقنابل، وهذه الجثث المقطعة، وأجساد الأطفال المدماة، ممولة من ضرائبهم. عشرات بل مئات الأميركيات يبكين على وسائل التواصل، ويعتذرن لأهالي غزة، ومثلهن من الشبّان يقودون حملات المقاطعة على الشركات الأميركية التي تمول إسرائيل.

لكن الأمر ليس بهذه السهولة، فالليبراليون، المحافظون، يرمون هؤلاء بمعاداة السامية، وهم متهمون بتبني «ثقافة الإلغاء»، وبأنهم أنقياء إلى حدّ السذاجة، وعمر حركتهم لن يطول. لكن المشهد المتكرر لتمزيق صور الرهائن بين يدي «حماس»، بمتعة وابتسامة مستهزئة، الذي تنقله الشاشات، واستبدال العلم الفلسطيني بالإسرائيلي من المشاهد «المقززة». جارود تاني أستاذ التاريخ اليهودي في جامعة نورث كارولينا في بركلي لا يفهم «كيف يمكن لحركة أميركية تطالب بالعدالة الاجتماعية أن تنحرف لتطلق حرباً ضد «التفوق اليهودي العالمي»، بحجة تسلط جماعة على أخرى.

خصصت «نيوزويك» المطولات للتحذير من مغبة ما تدعو إليه «اليقظة»، وكتبت «الغارديان» عن التمدد البريطاني للحركة. وفي كتابه «استيقظت معاداة السامية»، يستنكر ديفيد برنشتاين أن يصرّ أصحاب آيديولوجية «اليقظة» على أن اليهود لا يستفيدون من الهيمنة البيضاء فحسب، بل هم أيضاً متواطئون معها. «تخبرنا الآيديولوجية أننا استفدنا من الامتيازات والفرصة التي أتاحها لنا بياض بشرتنا، لذا يجب علينا الآن أن نعترف بهذه الامتيازات المصاحبة ونتنصل منها». لهذا «لن نسمح للآخرين بتعريفنا وفرض وعي زائف علينا، كما تشويه ومحو الصفات الفريدة التي يتمتع بها اليهود».

«لاهوت اليقظة» يسميها جارود تاني «ديناً أصولياً معصوماً من الخطأ أكثر من كونه نموذجاً للتحليل العلمي. لقد وجدوا الحقيقة، والحقيقة ولّدت التحالف بين (حماس) فلسطين وحماس المجال الأكاديمي». إنها «قمامة مصوغة بلغة أكاديمية».

بين التطرف اليساري الذي يطالب بالمثالية القصوى التي قد لا يكون لها مكان على الأرض، واليمين المتوحش الذي يسنّ أسنانه ليأكل الجثث ويشرب الدماء، يحارب جو بايدن، ليبقى على رأس بلد منقسم حتى الموت.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حماس حليفة «اليقظة» حماس حليفة «اليقظة»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon