توقيت القاهرة المحلي 04:03:24 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قراءة للعقل المصرى.. كتاب جاء فى أوانه

  مصر اليوم -

قراءة للعقل المصرى كتاب جاء فى أوانه

بقلم - خالد منتصر

صدر كتاب «قراءة للعقل المصرى» لأستاذى د. أحمد عكاشة عن دار الكرمة، وصدور كتاب للدكتور عكاشة فى هذا التوقيت الحساس الذى يحس فيه المصريون بزلزال نفسى واجتماعى رهيب، هو حدث لا بد من الاحتفاء به ودراسة المكتوب فيه بكل الوعى والجدية، وقد شرفنى د. عكاشة بمهمة كتابة المقدمة لهذا الكتاب الذى استمتعت به كقارئ أول وتلميذ دائم، وسأنقل لكم اقتباساً مما كتبته عن جزء الحوارات فى الكتاب:

بعد قراءة حوارات د. أحمد عكاشة، ألح على عقلى سؤال مؤرق، ماذا لو كنا قد قرأنا تلك الحوارات جيداً، خاصة التى أجريت فى زمن مبارك ومرسى؟ لقد وضع الطبيب النفسى يده على مكمن الداء، وشخّص الأعراض والخلل والاضطرابات، ولم يكتفِ بذلك، بل قدّم روشتة العلاج، عندما ستقرأ تلك الحوارات دائماً سيقفز إلى ذهنك هذا السؤال، وستندهش مثلى على قوة ودقة تلك البصيرة التى نحتتها سنين الخبرة وحدة الذكاء وعمق الرؤية وحكمة الزمن، وهذا ما يفرق بين المجتمعات التى تتقدم بسرعة الضوء، والمجتمعات التى تتحرك بسرعة السلحفاة، المجتمعات التى تنافس فى الماراثون وتتقدم السباق، والمجتمعات التى كل مهارتها فى تمرين الجرى فى المكان، حوارات د. عكاشة هى بلغة الطب أشعة رنين مغناطيسى على عقل وروح وأحشاء مصر المحروسة، حواراته تحاليل دلالات أورام مستترة تحت الجلد وفى ثنايا الأنسجة، تدق جرس الإنذار وبقوة للتدخل فى الوقت المناسب، هناك فى الكون كائنات أكثر حساسية للزلازل وتشعر بقرب حدوثها، ويخمّن البشر أحياناً من فرط حركتها وانزعاجها أن هناك كارثة تزحف لتنقض وتحول المدينة أنقاضاً، هذه الحوارات هى بمثابة تلك الكائنات بقرون استشعارها الطبيعية ورادارها الربانى وبوصلتها الفطرية، د. أحمد عكاشة فى هذه الحوارات المهمة، هو جبرتى مصر الذى يكتب يومياتها بريشة زرقاء اليمامة، فأنت عندما تقرأ الحوارات ستُشكل صورة عن تاريخ تلك الحقبة وجغرافيتها، لكن التأريخ العكاشى إن جاز التعبير هو تأريخ مختلف وتدوين متفرد، فهو يحمل فى طياته رؤية زرقاء اليمامة التى جعلتها تمتلك النبوءة الصادقة، زرقاء اليمامة التى كانت ترى الأعداء من على بُعد أميال، وتحمى قبيلتها بحُسن التوقّع وقدرتها على معرفة المستقبل، هذه القدرة لم يكتسبها د. أحمد عكاشة، لأن له قدرات السحرة والعرافين، لكن لأنه عالم حقيقى، ومثقف موسوعى، وإنسان يفتح مسامه لكل ما حوله من متغيرات، منحته خبرته فى الطب النفسى قدرة على سبر أغوار النفس البشرية، بكل أحراشها ودروبها الملغومة التى لا يستطيع المغامرة فيها إلا ذوو البأس العقلى والروحى.

قدم د. عكاشة قراءته النفسية للجهاديين والتكفيريين والمتأسلمين، وشخّصهم تشخيصاً عبقرياً، تشخيص «متلازمة الماسادا»، وهى حالة نفسية تتميز باعتقاد مركزى راسخ بواسطة أعضاء مجموعة تشعر بأن المجتمع ضدهم وله رؤية سلبية تجاههم، وهم يفضلون الانتحار، أو الموت أو الشهادة عن الاستسلام أو الهزيمة أو قبول الأمر الواقع، من ضمن الأسئلة المهمة والمحيرة التى أجاب عنها د. عكاشة وفكك مفرداتها التى كانت لغزاً، سؤال لماذا معظم الإرهابيين خريجو كليات عملية، مما نطلق عليها كليات القمة؟، لماذا الكليات العلمية والعملية وليسوا قليلى التعليم أو الجهلة؟ أجاب بأن المشكلة فى إعداد طلاب التخصّصات العلمية، الذى لا يتضمن طوال سنوات تعليمهم من مرحلة الحضانة إلى مرحلة الدراسات العليا، مقرراً دراسياً واحداً يتعلق بالمنطق، أو الفلسفة، أو تاريخ الفكر، أو ما إلى ذلك من موضوعات تحمل شبهة تعليم المنهج العلمى، أو الإشارة إلى نسبية الحقيقة، وكان طبيعياً والأمر كذلك أن ترسخ لدى هؤلاء الأبناء عقيدة مؤداها أن التفكير لا يحتاج إلى تعليم، وأن تمحيص الأفكار لا يحتاج إلى تدريب، وأنه يكفى للتسليم بصواب فكرة معينة أن تبدو منطقية، أو أن تصدر عن مصدر ثقة، أو أن تتفق مع مشاهدات واقعية، أو أن تكون متكررة لزمن طويل.

وأعلن د. عكاشة مراراً وتكراراً عدم اقتناعه ورفضه التام لمصطلح «المصالحة» مع الإخوان، وقال إنه لا يعتقد إطلاقاً أن هؤلاء قابلون للحوار والتواصل، والمضى فى هذا الأمر يعتبر مضيعة للوقت، لأنه لا يمكن إدخال الديمقراطية فى عقل من هو فاشى، كما أن الجينات الوراثية لهؤلاء المتطرفين تجعلهم غير قادرين على قبول الرأى الآخر، ولذا قال وبكل صراحة «أعود وأؤكد أن القيادات الحالية للتيار الإسلامى لا تصلح إطلاقاً فى دمجها فى أى تحالف وطنى»، وعارض مسألة تسويق الإخوان والسلفيين لاحتكار الجنة، وقال «من الممكن أن البوذى الصالح سيدخل الجنة، فى حين أن المسلم غير الصالح قد لا يدخلها».

الدروس المستفادة من حوارات د. أحمد عكاشة أكبر من أن يستوعبها مقال أو حتى كتاب، لذلك أطالب بأن تكون تلك الحوارات موضوع مناقشة لمائدة مستديرة من المثقفين والمتخصّصين، لنستخلص منها رؤوس مواضيع لأجندة عمل للمرحلة القادمة التى نُشكل فيها ملامح الجمهورية الجديدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراءة للعقل المصرى كتاب جاء فى أوانه قراءة للعقل المصرى كتاب جاء فى أوانه



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:05 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

نجوى فؤاد تكشف حقيقة اعتزالها الفن
  مصر اليوم - نجوى فؤاد تكشف حقيقة اعتزالها الفن

GMT 00:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الأمير ويليام يكشف عن أسوأ هدية اشتراها لكيت ميدلتون

GMT 22:40 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

وفاة مهندس في حادث تصادم بعد حفل خطوبته بساعات

GMT 13:19 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

تعليق البرازيلي نيمار يثير غضب عشاق الأرجنتيني ليونيل ميسي

GMT 02:36 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

صبغات لتغطية الشعر الشايب وإبراز جمال لون البشرة

GMT 14:16 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

"فيرير" فيدر أفضل لاعب تنس في تاريخ اللعُبة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon