بقلم :خالد منتصر
الفيلم الفنلندى «الأعمى الذى لم يرغب فى رؤية تايتانك»، الذى اقتنص جائزة مهرجان الجونة عن استحقاق بتميزه وروعته، فيلم كل من شاهده لمسته عصاه السحرية، لمست القلب والعقل والروح، كواليس الفيلم الإنسانية هى بنفس جمال تفاصيل الفيلم، مخرج ومؤلف الفيلم صديق فى الواقع لبطل الفيلم، ذلك الشاب الوسيم الذى ظل يمثل لمدة ٣٥ سنة حتى هاجمه مرض الإم إس، الذى ظل يزحف على نصفه السفلى حتى أقعده، وقد أصابه المرض بالعمى أيضاً، فكر المخرج فى أن ينتشل صديقه من زنزانة جسده وإحباطه، عرض عليه فكرة فيلم، بطله يعانى من المرض نفسه، كفيف ومقعد، لكن فى داخله إرادة من الفولاذ، وروحاً من الدانتيلا، تحمس الصديق وكان هذا الفيلم الجميل.
الفيلم يبدأ بشاب فى حجرة ضيقة، يتواصل مع العالم من خلال موبايل مخصّص لمن فقدوا البصر، من خلال تقنيات هذا الموبايل يستطيع أن يطلب ويستقبل ويكتب ويتحاور، نكتشف أن على الطرف الآخر سيدة تحبه ويحبها دون أن يرى كل منهما الآخر ولو مرة واحدة، لا يختلفان إلا فى أنها تحب فيلم «تايتانك»، وهو لا يرغب فى مشاهدته، رغم وجوده فى مكتبته، ذلك لأن ثقافته وذائقته السينمائية نوعيتها مختلفة عن تايتانك، فى أحد الحوارات يكتشف أنها تعانى من مرض خطير، وأنها على وشك الرحيل، فيقرر أن يسافر إليها، حيث تسكن فى منطقة بعيدة تحتاج إلى سفر بالقطار عدة ساعات، يخبر السيدة التى تساعده وتنظف له المنزل، وهى سيدة عملية لديها بيوت أخرى وزبائن منتظرون، وساعتها بمبلغ وقدره، تتعامل معه كروبوت، وتنصحه بأن يظل فى المنزل لتخلى مسئوليتها، يصر على السفر لحبيبته التى رسم ملامحها فى خياله، سيارة تنقله إلى محطة القطار، فى القطار يحلم باللقاء ويسأل جاره عن تفاصيل المشاهد المحيطة، رفيق الرحلة لص، يدفع بكرسيه المتحرك إلى حيث ينتظره رفيقه فى عصابة السطو، الضحية فريسة سهلة، أعمى ومشلول ويمتلك «فيزا كارد»، يأخذانه إلى منطقة بعيدة خواء، يلقى اللص بالموبايل بعيداً، يقتنص كارت الفيزا ويصفعه ليأخذ منه الباسوورد، ويطلب من زميله أن يتحفّظ عليه حتى يعود من مكان ماكينة الصرف.
يدور حوار إنسانى يخطف المشاعر بين الشاب الأعمى واللص، يمس هذا الحوار وتراً حساساً عند هذا اللص، ليحميه بعد ذلك من بطش زميله الذى أصابه اليأس من رصيد الفيزا المتواضع وإجراءات سحب الفلوس المعقّدة، بعد أن يتركاه وحيداً مع الصمت والبرد، يحاول الوصول إلى الموبايل ليقع من على كرسيه صارخاً طالباً النجدة، يشمه كلب عابر سبيل، ينبح منبّهاً صاحبه، ليستكمل الرحلة إلى حبيبته، عندما يصل يتحسّس ملامحها، ليجد أنها بطلة حلمه، ثم يهديها فى النهاية شريط فيلم تايتانك.