توقيت القاهرة المحلي 14:49:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فريضة السؤال وتطعيم الجدرى

  مصر اليوم -

فريضة السؤال وتطعيم الجدرى

بقلم :خالد منتصر

هل هى صدفة أن تنتشر أخبار جدرى القرود فى نفس الشهر الذى يحتفل فيه العالم بمرور 226 عاماً على أهم تجربة طبية ومغامرة علمية فى التاريخ، مغامرة إدوارد جينر ولقاح الجدرى؟! هل هى صدفة أن يكتشف العلماء أن لقاح الجدرى الذى هجرناه بعد أن انتهى من العالم ما زال فعالاً بنسبة ٨٥٪ فى الوقاية، وصارت هناك أصوات تنادى بإعادة التلقيح ضد الجدرى مرة أخرى، وما زال الجدل دائراً؟

كلمة السر هى عبقرية علمية بتفكير خارج الصندوق وتحليق خارج السرب اسمها إدوارد جينر، كان إدوارد جينر، قديس الطب وأبوالتطعيم، قوى الملاحظة منفتح الفكر، يعرف أن بداية العلم هى السؤال، والأهم من السؤال نوعية السؤال، كان السؤال السائد الذى لم يفلح فى حل اللغز هو كيف نعالج الجدرى؟ هذا المرض المرعب القاتل الذى حصد أرواح ٦٠ مليوناً فى فترة حياة «جينر» فقط، قرر «جينر» أن يغير صيغة السؤال ليصبح: لماذا لا تصاب حالبات الأبقار وبائعات اللبن بالجدرى؟! هل إصابتهن بجدرى البقر تحميهن من جدرى البشر؟ كان لا بد أن يجرب تطعيم جدرى البقر على متطوع من البشر، ثم يحقنه بخلاصة المرض المرعب، ليُجيب عن سؤاله ويثبت كشفه العلمى، قرر «جينر» أن يكون هذا المتطوع ابنه الوحيد، وفى أقوال أخرى كان طفلاً عزيزاً من أقاربه! من المحتمل جداً أن يموت هذا الابن، ويصبح شهيد العلم، أو بلغة عصره شهيد الحماقة، التى يصفون بها كل مكتشف يسبق عصره.

أجرى «جينر» التجربة، ونجحت المحاولة وعاش الابن، وكسب العالم أعظم إنجاز طبى فى التاريخ، فكرة التطعيم التى أنقذت مئات الملايين من أطفال العالم، الذين لا بد أن يتعلّموا مع كلمتى بابا وماما الدعاء لهذا الرجل العظيم الذى عانى من هجمة التخلف وسخرية المتزمتين وإهمال المسئولين، ورغم ذلك صمد ولم يُنصَف من بلده إلا بعد موته، هدّدته نقابة الأطباء وقتها بالفصل إن لم يرجع عن هذيانه، وامتلأت الصحف بالكاريكاتير الذى يصور البشر بأدمغة البقر بعد التطعيم، ورفضت جامعة أكسفورد منحه درجة الدكتوراه إلا بعد دراسة الأدب الإنجليزى الكلاسيكى! ولم يستطع أن يُلحق ابنه بوظيفة فى إنجلترا، وطنه الذى ظل قرابة خمسين عاماً لا يعترف بالتطعيم، ويعفى برلمانه المواطنين منه بمجرد قسمهم بأغلظ الأيمان أن التطعيم خطر على أطفالهم، فى نفس الوقت الذى عرض عليه دجال سرق فكرته أن يعيّنه فى عيادته التى يمارس فيها التطعيم مساعداً له!!

كفّرت إنجلترا عن ذنبها فى حق إدوارد جينر، خاصة أن نابليون عندما حاربها لم يطلق الأسرى إلا بناءً على طلب «جينر»، الذى قال عنه: «لا أستطيع أن أرد له طلباً»، اعترفت بعبقريته بعد أن جعلت ألمانيا يوم ١٤ مايو عيداً شعبياً، وبكى «جينر» من الفرحة قبل وفاته ليس من أجل النياشين والأوسمة، لكنه بكى عندما تلقى خطاباً من امرأة فقيرة ريفية كتبت فيه: «تعودت فى كل عام أن أوارى طفلاً أو طفلين التراب من جرّاء الجدرى اللعين، لكن بفضلك عاش أطفالى يملأون الدنيا بهجة وسعادة».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فريضة السؤال وتطعيم الجدرى فريضة السؤال وتطعيم الجدرى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon