توقيت القاهرة المحلي 18:40:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أنا أعتقد

  مصر اليوم -

أنا أعتقد

بقلم :خالد منتصر

جملة وجدتها على كارت بوستال يباع فى متحف التاريخ الطبيعى بلندن، وتذكرت أننى قد قرأتها على هامش كتاب داروين بجانب الرسم التخطيطى الذى كان قد رسمه لشجرة التطور، «أنا أعتقد i think» هى مفتاح ثورة العلم الحقيقية، الفرق بين الفكر العلمى والفكر الأسطورى القديم يكمن فى تلك الجملة العبقرية التى كتبها داروين بشخبطة مترددة ومتوارية على هامش صفحة فى كتاب.

قديماً كان الإنسان يتجه لسؤال الكاهن الذى كان يعرف كل شىء، لذلك يجيب عن أى شىء، ولا يمكن أن يقول «أنا أعتقد» لأنه يعتبرها انتقاصاً منه ومن هيبته وكرامته، من هنا نبتت ونمت قوة العلم، عرفنا أنه لا توجد إجابات قاطعة، وأن اليقين وهم، وأن النظرية العلمية تقاس بمدى قوتها على الصمود والتصدى لسهام النقد، لكن تلك القوة وذلك الصمود لا يمنعنا من النقد مرة وعشرين وألفاً، فنحن فى العلم فى حالة مطاردة دائمة ومزمنة للحقيقة المراوغة، لكنها المراوغة الممتعة.

ما زال هذا الكارت قابعاً على مكتبى يذكّرنى فى كل دقيقة بأن اليقين المزعوم المريح هو مجرد خدعة، وأن العلم قوته فى تواضعه، وأن كلمات «أعتقد وربما وأظن» هى التى خلقت كل تلك النعم العلمية التى حولنا، وهى التى فجّرت الثورة التى بسببها لم نعد نخاف أو نخشى الظلام فقد قهرناه بالكهرباء، لم نعد نخشى الجدرى وشلل الأطفال والدفتيريا فقد هزمناها باللقاح، أنقذنا الأطفال من الموت المبكر ورفعنا متوسط العمر واستطعنا أن نجمع شخصين «صوت وصورة» وهما على بُعد آلاف الأميال، وهبطنا على سطح القمر والمريخ، لم يعد القمر كلمة فى قصيدة ولا المريخ حلماً فى رواية، قال جاليليو أنا أعتقد أن الأرض تدور حول الشمس وليس العكس وكان دليله التليسكوب ولكن الكنيسة سجنته، قال القس برونو أنا أعتقد ولكن زملاءه الكهنة لم يحتملوا اعتقاده واتهموه بالهرطقة وأُحرق فى الميدان! قال ابن المقفع أنا أعتقد لكن الخليفة اتهمه بالتطاول وهز الثوابت وقُطعت أطرافه وشويت أشلاؤه، قال سقراط أنا أعتقد وظل يحرض الشباب على السؤال فتجرّع السم مجبراً لأن العامة لم يحتملوا دهشة السؤال، قال ابن سينا وجابر بن حيان والرازى أنا أعتقد وتم تكفيرهم جميعاً.

هذه العبارة هى الديناميت الذى فجّر جبل الخرافة وشق الطريق للضفة الأخرى حيث النور والحلم والأمل والحضارة، «أنا أعتقد» أهميتها فى منح التقدم والرغبة فى الخروج من شرنقة التخلف، فالتخلف لم يعد قدراً سرمدياً أو مصيراً محتوماً، قالوا قديماً العمر لا تستطيع تجاوزه وما دام الناس يموت معظمهم فى الثلاثين وربع الأطفال يرحلون قبل مرور عامهم الأول فلا فكاك من هذا المصير، جاء العلم وقال أنا أعتقد أننا نستطيع تجاوز هذا المصير وتعديله، فصار متوسط العمر فى بعض البلاد الأوروبية سبعين عاماً وانخفضت نسبة وفيات الأطفال، وكسب العلم الرهان لأنه يعتقد ولا يجزم، يعترف بالخطأ ولا يكفّر من يطرح الأسئلة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنا أعتقد أنا أعتقد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين
  مصر اليوم - الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon