توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تديُّن الهمس وتديُّن الصراخ

  مصر اليوم -

تديُّن الهمس وتديُّن الصراخ

بقلم :خالد منتصر

قارنت صورة اللاعب محمد صلاح وهو يقرأ القرآن فى الطائرة فى صمت ويسمعه بالسماعة من الموبايل فى خشوع وهمس، بفيديو الشاب المسلم الذى يعيش فى بريطانيا ويتعمد قراءة القرآن بصوت عالٍ فى المترو، بل ويصور بالموبايل توابع هذا الصوت المرتفع على الناس من حوله، السلوك الذى جعل الراكب الإنجليزى الذى يجلس أمامه يقول له معترضاً «احترم خصوصيتى ومساحتى الخاصة، هل شاهدت أى شخص من أى عقيدة أخرى يفعل مثلك؟»، وهو نفس ما كانت تفعله معنا ونحن طلبة فى كلية الطب الجماعة الإسلامية، حين يقتحم أفرادها المدرج ويبدأون فى القراءة بصوت مرتفع، وإياك -حتى الأستاذ- أن تعترض!.

هذا هو الفرق بين تديُّن الهمس وتديُّن الصراخ، هذا ما جعل محمد صلاح أيقونة للإنجليز بسلوكه الهادئ واحترامه لمساحات الآخرين وتأقلمه مع الثقافة الكوكبية، وهو ما جعل أيضاً من سلوك بعض المتأسلمين هناك مثار إزعاج وضوضاء بل وفوبيا، لإصرارهم على فرض أنفسهم والصراخ بطقوس تديُّنهم وكأنهم يقولون «نحن هنا»، وافتعال المشاجرات والاستفزاز المتعمد والتحرش الدينى، وهناك أمثلة كثيرة على ذلك جعلت من هؤلاء المتأسلمين صداعاً مزمناً فى دماغ أوروبا، مثل تعمُّد إغلاق الشوارع بالصلاة فيها، أو الإصرار على مكبرات الصوت فى الأذان.. إلخ.

الفضاء المجتمعى العام فى تلك البلاد الذى من المفروض أن يكون فى بلادنا ليس حكراً على فئة أو دين أو جنس أو طائفة دون غيرها، هذا الفضاء ملكنا جميعاً، وفضائى الخاص ومساحتى الضيقة المحدودة هى ملكى، اتركها لى دون أن تدس أنفك أو تحشر فضولك، محمد صلاح لم ينجح لأنه يجيد الترقيص أو ضربة الرأس أو لأنه سريع وحريف كرة قدم، نجاحه الأساسى غير المسبوق لأى مصرى قبله، هو لأنه حريف إنسانية وليس متطرف جماعة، أول لاعب مصرى فى تاريخ كرة القدم فهم بفطرته معنى العولمة والحداثة والكوزموبوليتان واحترام التنوع وقبول الآخر «زى ما هو»، بضبط المصنع الذى أنتجه وولد فيه، فهم أن دوره أن يلعب فقط، ويتدرب فقط، ويشتغل على نفسه فقط، يحترم النادى الإنجليزى الذى يلعب له وفى نفس الوقت يحترم عَلَم بلده والسلام الجمهورى لبلده، لم ينتمِ مثل آخرين إلى جماعة دينية سياسية أو يدعم رابعة أو يحيى قتلة كرداسة.. إلخ، محمد صلاح نجح لأنه فهم أن الإنسانية مثل قوس قزح لها ألوان وأطياف كثيرة، استوعب أن الشمس تشرق على صاحب البشرة السمراء والبيضاء، وتوزع ضوءها على البوذى والهندوسى واللادينى، بدون تمييز، محمد صلاح أزعج من يدعون احتكار الحقيقة من حراس الوهم عندما استعصى عليهم تشكيله كما يريدون، هم يريدونه فوتوكوبى منهم، ولا يرضون عن ذلك بديلاً، إما أن تكون مثلنا فتصبح فخر العرب، وإما أن تكون مثلهم منفتحاً على جميع الثقافات فنكفّرك وتصبح مارق العرب، محمد صلاح قرر أن يكون نفسه، وهم لا يقبلون إلا من يدخل ماكينة استنساخهم الرديئة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تديُّن الهمس وتديُّن الصراخ تديُّن الهمس وتديُّن الصراخ



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon