توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التصنيع الثقافى الثقيل

  مصر اليوم -

التصنيع الثقافى الثقيل

بقلم :خالد منتصر

من الممكن أن تتخلى أى دولة عن صناعة الملابس أو السيارات أو المأكولات، حتى رغيف الخبز من الممكن تركه للقطاع الخاص، إلا صناعة الثقافة، فدائماً هناك ركن كبير لا يقتحمه القطاع الخاص فى مجال الثقافة، لأنه لا يحقق مكسباً مادياً ملموساً أو ربحاً من الممكن أن يوضع كبنكنوت فى البنوك، وحتى فى أعتى الدول الرأسمالية دائماً ما تسهم الدولة والحكومة فى نشر الثقافة والتدخل فيها وإدارة دفتها، ليس بمعنى الرقابة ولكن بمعنى الرؤية الثقافية الشاملة والرقى بالوجدان وتنوير العقول، إنه التصنيع الثقافى الثقيل، لذلك من أهم الوزارات التى لا بد أن تحصل على دعم، وزارة الثقافة، التى لا بد أن تكون لها نافذة إعلامية تطل منها بكل أنشطتها الثقافية علينا وعلى المجتمع، قناة ثقافية تنويرية لوزارة الثقافة.

التصنيع الثقافى الثقيل هو الكتاب الذى تتخوّف دور النشر الخاصة من نشره، لأن موضوعه لن يوزع ولن يكسب، كتب الفلسفة أو علم الاجتماع، كتب النقد المسرحى والسينمائى، كتب الثقافة العلمية.. إلخ، لذلك تشجيع هيئة الكتاب فريضة، لأن ماكيناتها هى الوحيدة التى ستطبع مثل تلك النوعية، ولنتذكر ماذا فعلت مكتبة الأسرة فى كثير من البسطاء المصريين من ذوى الدخل المتوسط، وكيف تم تأسيس مكتبات فى البيوت التى لم تكن تحلم بتوافر كتب بل مجلدات وسلاسل بتلك الأسعار الزهيدة.

مَن يطبع المجلات الثقافية غير هيئة الكتاب؟ مَن يعيد طباعة دواوين الشعراء وقصص الروائيين الذين أغفلتهم دور النشر الخاصة إلا هيئة الكتاب؟ التصنيع الثقافى الثقيل هو ما يجعل ابنك الطالب يدخل متحف الفنون التشكيلية بملاليم وأحياناً مجاناً، هو الأوبرا التى تستقبل الشباب بإبداعاتهم المسرحية والموسيقية وتسمح لسقف أحلامهم بالارتفاع ليحلقوا بعيداً عن حسابات الربح والخسارة، هو المركز القومى للترجمة الذى قدم آلاف الترجمات فى كل ألوان الطيف الثقافى، هو المسرح القومى ومسرح الطليعة والكوميدى والحديث والتجريبى.. إلخ، هو دعم السينما التسجيلية التى لا تكذب ولا تتجمل، هو قصور الثقافة التى تحتضن أطفالنا وأحفادنا لتعلمهم أن مَن يعزف الكمان بالقوس لا يمكن أن يُذبح بالسكين، وأن من ترتدى حذاء الباليه لا يمكن أن ترتدى الحزام الناسف.

التصنيع الثقافى الثقيل هو مهمة الدولة بالضرورة، الذى لا تنظر إلى أرباحه الآن لأنها بدعمه تربح المستقبل، الدولة التى تريد أن تحارب الإرهاب لا الإرهابيين تعرف أن خط دفاعها الأول هو الثقافة، لا نريد للمسئولين عن الثقافة أن نعرّضهم لتسول لقطة إعلامية هنا أو قطعة هناك من حلقة أو برنامج، نريد لوزارة الثقافة قناة تنويرية ثقافية جذابة بإمكانيات كبيرة، فكل جنيه سيُصرف على تلك القناة عائده «ناس متنورين»، كل جنيه سيوفر ثمن رصاص، كل جنيه هو ذخيرة فى الحرب ضد التخلف والفاشية.

إن تصنيع الإنسان المثقف الذى يمتلك المنهج النقدى فى الفكر، والذى لديه إحساس راقٍ بالجمال، هو أهم مهمة فى دستور الجمهورية الجديدة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التصنيع الثقافى الثقيل التصنيع الثقافى الثقيل



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon