بقلم :خالد منتصر
اختيار الفنان حسين فهمى لرئاسة مهرجان السينما صادف قبولاً وحفاوة من كافة العاملين بالسينما أو متذوقى الفن السابع، فهو ليس «الواد التقيل» فقط ولكنه «المثقف التقيل» و«الموهوب التقيل» و«صاحب الكاريزما التقيل»، وهذه فرصة للحديث عن حسين فهمى الفنان والإنسان والصديق، الذى ما زال يشع موهبة وحضوراً وحيوية تزداد تألقاً مع مرور الزمن كقطعة الماس النادرة.
حسين فهمى فنان مثقف وقارئ دؤوب، لديه فضول دائم لمعرفة الجديد والبحث عن إجابات غير معلّبة. أندهش حين أجده متابعاً لأحدث الإصدارات، وكثيراً ما يسألنى عن مكان هذا الكتاب أو المكتبة التى تبيع هذا المرجع، وكثيراً ما أرجع إليه فى توضيح معلومة فنية استغلق علىّ فهمها، هو فى الأصل مخرج من الدفعات الأولى لمعهد السينما، استكمل دراسته فى أمريكا فى ظرف سياسى بالغ الدقة والحرج، أثناء هزيمة ٦٧ وهذا التوقيت شكّل وجداناً مختلفاً وعقلاً لا يقنع بالجاهز أو الشعار الحنجورى، عندما عاد ومارس التمثيل كان مختلفاً لأن عينه عين مخرج وإحساسه إحساس مخرج طوّر من أدواته، وكان يصعد مع كل فيلم درجة سلم، كان الهجوم عليه فى البداية شديداً لكنه استوعب كل هذا الهجوم وحوّله لمفردات نجاح.
يتميز حسين فهمى فضلاً عن الوسامة بثراء التجربة واطلاعه على حركة وتيارات السينما العالمية وعدم وقوفه عند مدرسة معينة ومرونته فى تقبّل كل الأفكار، حتى لو اعتبرها البعض مجنونة.
مخطئ مَن يعتبر حسين فهمى «خواجة»، فحسين فهمى، لمن يعرفه عن قرب، ابن بلد مصرى حتى النخاع، وأتمنى أن يكتب مذكراته التى أعتبرها لو خرجت إلى النور من أهم السير الذاتية الفنية، ومن أهم مزايا حسين فهمى الصراحة وعدم الخوف من ألتراس الرجعية، وهذا النوع من الفنانين صار نادر الوجود، فالكل يغازل المزاج الرجعى السائد، والفنان يبحث عن لقمة العيش التى يمتلكها الجمهور ذو المزاج السلفى، لكن ميزة حسين أنه لا يغازلهم.
هناك جانب جميل آخر فى شخصية حسين فهمى هو احترامه الشديد لأساتذته حتى إن هاجمهم الجميع، ففى وقت الهجوم على المخرج الرائع حسن الإمام من تيار كبير من النقاد، كان حسين فهمى من القلائل الذين دافعوا عن حسن الإمام وأوضح كيف أن حسن الإمام صاحب رؤية سينمائية وليس كما روجوا مخرج راقصات!!
حسين فهمى أيقونة فنية أتمنى أن نستفيد من طاقتها وإشعاعها وتوهجها وثقافتها أكثر، فالمواهب التى تمتلك تاريخاً مثل حسين فهمى نادرة فى مناخ صار ضنيناً ومجدباً وعشوائياً.