توقيت القاهرة المحلي 23:03:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دروس «أمينة»

  مصر اليوم -

دروس «أمينة»

بقلم :خالد منتصر

احتفاء مُبالغ فيه حدث منذ عدة شهور لسيدة إيطالية تزوجت من عامل بناء فيومى، ولأنه جعلها تغير اسمها إلى اسم إسلامى وترتدى الحجاب، فقد تمت استضافتها هى وزوجها فى برنامج شهير، ظل يمجّد فى ابن الفيوم الذى استطاع أن يجبر الإيطالية على تزغيط البط وعمل الملوخية وتقوير الكوسة للمحشى، حيث زاد وزنها إلى الضعف، وأنجبت أربعة أطفال، وصفق الجمهور لهذا النمط من الحياة، وأخذهم الحماس واعتبروها غزوة جهادية.

عندما شاهدت المنظر فى الاستوديو، كنت على يقين بأن هذا الوضع لن يستمر، وأن ما نتصوره من انتصار ونجاح فى تشكيل فتاة إيطالية على نمط «أمينة»، زوجة «سى السيد» فى الثلاثية المحفوظية، هو محض وهم، وتحقق بالفعل منذ أيام ما توقعت، وهربت السيدة الإيطالية بأبنائها الأربعة وعادت لبلدها!

المشكلة هى فى رد الفعل الذى يدينها ويهاجمها، ويمجّد النموذج الذى كانت تعيش فيه على أنه هو النموذج المثالى المنشود الذى يحلم به الأوروبيون، ومحاولة سحق المرأة لتكون مجرد ماكينة إنتاج أطفال، وخادمة بدون مرتب، وجارية بلا حقوق، هى محاولة لترويج نمط حياة هجره العالم بل وأدانه، ويعتبره الآن سبة وعاراً.

والسؤال: ما سبب الاحتفاء أصلاً بهذا الحدث؟ ولماذا لدينا هذا الشعور «الألتراساوى» الذى يسعدنا بهستيريا وكأن لاعباً انتقل من الأهلى للزمالك أو العكس، لماذا إحساس المكايدة الدينية ما زال يسيطر على البعض؟ وكأن كل شخص يريد أن يطمئن نفسه بأنه على صواب، ما الذى ستستفيده؟ وما الذى يُفرحك فى وجود هذه السيدة فى تلك القرية على تلك الصورة؟

اسأل نفسك وأجب بصدق إذا كنت فرحاً لمجرد أن «ديزيريه» صارت «أمينة»، فلا بد أن تراجع نفسك، هل فكرتك وهل ما تتمسك به على هذا القدر من الهشاشة، لتنتظر سيدة أجنبية تعتنقه فتطمئن وتقفز هاتفاً: ظهر الحق!! ولماذا محاولات دمج الأجنبية فى حياتنا مرتبطة بأن تحلب البقرة وتزغّط البط وتنظف الروث وتمتنع عن تناول أقراص منع الحمل؟!

لماذا الإصرار على ربط الانتماء الأنثوى الغربى لمجتمعنا بالذل والانسحاق؟ هل معنى «سلو بلدنا» أن نجعل المرأة الأجنبية التى تزوجت هنا مجرد تابعة، وهل لا بد من طمس ملامحها وإهدار جمالها وتضييع رشاقتها حتى نطلق عليها لقب مواطنة صالحة مطيعة؟

إن جرح الانهزام الداخلى وإحساس الدونية المزمن لا بد من التخلص منه عند حدود العلاقة بالآخر، واحترام مساحة المختلف الخاصة مهم، كذلك فإن احترام تباين الثقافات ضرورى، تبجيل الأنوثة وعدم النظر إلى تلك الأنوثة على أنها إغراء غواية من أساسيات التحضر.

عندما كتب نجيب محفوظ ثلاثيته، كان يدافع عن كل «أمينة» فى العالم، وليست «أمينة»، ساكنة الحسين فقط، ماتت «أمينة» زوجة «سى السيد»، ولكن «سى السيد» ما زال ساكناً فينا، حياً ينبض بطربوشه وعصاه ونزواته.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دروس «أمينة» دروس «أمينة»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon