بقلم :خالد منتصر
عريس يضرب عروسته بالبوكسات والشلاليت فى الشارع وأثناء الزفة، يسحلها من شعرها من داخل الكوافير، أهل العروسة يبكون فقط، لا يوجد رد فعل، تكتمل الزفة، يستمر حفل الزفاف، وفى الصباحية صورة ابتسامة عريضة احتفالاً بالدخلة!! هذا المشهد يتكرر كثيراً، لا يستهجنه الشارع، ولا يدينه أهل العريس، ويخضع له أهل العروسة، السؤال الذى يفرض نفسه مثيراً الدهشة والعجب، لماذا ترضى البنت؟ ولماذا تقبل العروسة بهذا الموقف المهين؟ لماذا تقبل الانسحاق؟ وللأسف أقول ليس مجرد القبول فلقد تطور الأمر أكثر وصار استعذاب الموقف وتمريره، ليس كأنه عادى ولكن لأنه مطلوب لشكم العروسة ودبح القطة، واكسر لها ضلع يطلع لها ضلعين!!! المشكلة أن العروسة ليلى أو سعاد ليست هى ليلى أو سعاد فعلاً ولكنها النموذج الذى خلقه المجتمع وشكله على مقاس باترون أخلاقياته وسلوكياته وأولوياته، العروسة بالفعل غلبانه ومسكينة، فلقد رباها الأب والأم على أنها درجة تانية، فرز تالت، تخدم الذكر الأخ الأعلى، عادل يذاكر وسعاد تكنس، العنف ضدها مقبول ويطنشه المجتمع بامتياز، منذ ختانها وفرض غطاء الشعر عليها وهى طفلة والتعامل معها كعورة متحركة وحرمانها من الرياضة وحتى من الابتسام والتعطر وتنميص الحواجب، المجتمع يلعنها ويصفها بناقصة العقل وبأنها فى قاع النار، حتى عندما تدخل الجنة فمكافأتها المنتظرة طبقاً لثقافة المجتمع الذكورى هى مراقبة الزوج مع الحور العين وانتظاره حتى ينتهى من مهمته! فالعروسة بالفعل هى طبخة تمت تسويتها على مهل منذ الطفولة تجهيزاً لهذا اليوم وذلك الموقف، فلا تندهش إذا قبلت انسحاقها ودافعت عن قيودها، وكونت جمعية لتعدد الزوجات، ومطالبة كل زوجة بقتل غريزة الغيرة والبحث لزوجها عن ضرة جميلة!! لا تندهشوا وأنتم تقرأون تعليقات البنات على بعض الكتاب المجتهدين الذين يريدون تحريرها من تلك القيود التى هى عادات قبلية وليست أوامر دينية، تجد البنات هن أكثر الشاتمات الشامتات المهاجمات، والأهل وما أدراك ما الأهل، فالأم التى كانت على بعد سنتيمترات من ابنتها وهى تتلقى الصفعات والأقلام لم تحرك ساكناً! هل سألت نفسك لماذا قبل أن تتعجب وتندهش؟ لأن تلك الأم تخاف من شبح عنوسة ابنتها، وأن تعود إلى البيت حاملة لقب طالق، مرعوبة والمجتمع زادها رعباً، البنت للأسرة عبء وعار وخطيئة، لا بد أن نتخلص منها بسرعة، ونطردها لبيت عريسها حتى لا تظل صداعاً فى دماغنا، فقد تعبنا من المراقبة والحصار والكبت لهذا الشيطان الإغوائى الذى يسكن معنا فى البيت!!! هذه لقطة زووم للعروسة المنسحقة، لأى عروسة تجدونها تتحمل المر والضنى فى سبيل أن تتزوج وتستريح من سجن الأسرة، لتدخل زنزانة الزوج الذى يوصيه تراثه بأن يعلق سوطاً على الجدار! تستكمل العيشة لا الحياة، من أجل الأولاد ثم من أجل عدم الفضيحة والقيل والقال، هل ما زلتم تتساءلون لماذا تقبل العروسة الضرب؟!