توقيت القاهرة المحلي 19:48:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الطب على مائدة الفتاوى

  مصر اليوم -

الطب على مائدة الفتاوى

بقلم :خالد منتصر

شاهدت برنامجاً يناقش زراعة كلية الخنزير فى المريضة المتوفاة دماغياً فى أمريكا، وهو الموضوع الذى شغل المجتمع الطبى هذا الأسبوع واحتل نشرات الأخبار ومانشيتات الصحف.

انتظرت أن أرى كبار الأطباء المتخصصين ضيوفاً فى البرنامج، فإذا بى أفاجأ بأن الضيفين من شيوخ الأزهر! شيوخ فى موضوع طبى معقد بهذا الشكل، عن زرع كلية خارج الجسم وتعطيل جين وسكر «ألفا جال» الذى يتسبب فى طرد الكلية ومراقبة نسبة الكرياتينين لمدة ٥٤ ساعة... إلى آخر تلك التفاصيل الطبية الدقيقة التى تحتاج إلى شرح، ويحتاج معها جمهور المشاهدين إلى توعية وتثقيف علمى متميز، لكنى لم أجد إلا شيخين، واحداً منهما يتحدث عن تحريم التداوى بأى شىء من طرف الخنزير! حتى لا أظلم البرنامج فهذا مزاج اجتماعى عام وليس مزاج برنامج، المواطن صار يدق على باب الفتوى فى كل شىء من تفاصيل دخول الحمام حتى تفاصيل العلاقة الحميمية! وفى الطب خاصة ستجد العجب العجاب من طرح كل قضايانا الطبية على مائدة الفتوى، ولا أعرف ما علاقة هذا بذاك؟

إنك عندما تلجأ إلى الفتوى الدينية فى مسألة طبية، فأنت كمن يريد استخدام مقياس الكيلوجرام فى قياس طول فستان! هذا معيار وذاك معيار آخر ولا يعنى هذا الفصل أن العلم أفضل من الدين، المسألة كلها أن معياره مختلف، العلم معياره الشك والدين معياره اليقين، وقد عانينا من هذا السعى خلف الفتاوى الطبية كثيراً، ففى قضية ختان البنات فوجئنا بفتوى من شيخ أزهر سابق أربكت المشهد، قال فيها بوجوب الختان ولو كنا وقتها استجبنا لفتواه لما كنا وصلنا إلى القانون العظيم الذى جرم تلك الجريمة البربرية.

هناك قضية تحويل الجنس من ذكر إلى أنثى وبالعكس والتى هى مشكلة نفسية مؤلمة تخضع لبروتوكول طبى منضبط، ومرضى الترانسكس ضحايا لتعنت دينى شديد فى التعامل معهم وكأنهم لعنة، ويضطر الكثير منهم للانتحار لحسم هذا الصراع وللفرار من غلق كل الأبواب أمامهم.

هناك قضية التبرع بالأعضاء التى تعطل صدور قانونها أكثر من ربع قرن، ثم تعطل تفعيله أكثر من عشر سنوات، نتيجة فتوى أن الجسد ملك لله وحرام أن تتبرع بعضو منه بعد وفاتك، ونتذكر جميعاً أنه فى بداية أطفال الأنابيب حدثت اعتراضات دينية حتى فرض الواقع نفسه، أوروبا مرت قبلنا بهذه الصراعات لكنها قد حسمتها منذ قرون بالفصل بين ما هو علمى وما هو دينى، وعدم تدخل رجال الدين فى شئون البحث العلمى، قاست أوروبا من رجال الكنيسة فى الأمور الطبية، فقد كانت هناك معارضة شديدة لعلم التشريح، وكذلك لفكرة التطعيم ضد الجدرى، حتى فكرة التخدير خرج الكثيرون معترضين لأن «بالوجع تلدين أولادك».. إلخ.

صراع طويل ومرير، لكنهم نجحوا فى حسمه والانتصار للعلم، أما نحن فما زلنا ندور فى نفس التيه ونعود إلى المربع رقم صفر، ونقوم باجترار نفس الفتاوى والأفكار، وكأننا فى ساقية سرمدية تسحب من البئر لتصب فى نفس البئر، متى يكون الحسم؟ الله أعلم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطب على مائدة الفتاوى الطب على مائدة الفتاوى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon