توقيت القاهرة المحلي 10:09:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مطلوب طبيب نفسى ريفى

  مصر اليوم -

مطلوب طبيب نفسى ريفى

بقلم :خالد منتصر

عشنا أسرى بديهية أن المرض النفسى هو مرض أبناء المدن الكبيرة والعواصم المزدحمة وتوتر التكدس وقلق الرفاهية والتنافس.. إلخ، حتى أفاق المجتمع المصرى على حوادث بشعة تحدث فى عمق الريف المصرى، الذى كنا نصفه بالهدوء والسلام النفسى، حتى أصبحت الجملة الشهيرة التى ينطقها الطبيب فى الفيلم وهو يغادر الشقة هامساً فى أذن الزوج: «الهانم متوترة ولازم تاخد لها إجازة يومين فى العزبة»، جملة «راكور» فى الأفلام القديمة.

آخر تلك الجرائم ارتكبتها الزوجة خريجة كلية التربية التى سافر زوجها إلى السعودية وتركها مع أهله وثلاثة أولاد، أصغرهم عنده ثلاثة شهور، فذبحتهم جميعاً وذهبت لتنتحر تحت عجلات جرار زراعى.

سيدة مضغوطة تتحمل مسئولية البيت كله من الألف إلى الياء، غالباً مضطرة أن ترتدى النقاب ٢٤ ساعة لوجودها فى بيت أهل زوجها، خارجة من تجربة حمل صعبة، أصابتها باكتئاب حمل فوق اكتئابها. كتبت خطاباً إلى زوجها لتخبره بأنها ذبحتهم لترسلهم إلى الجنة!

فى القرية يتعاملون مع مثل تلك الأشياء بالذهاب إلى الشيخ أو عمل رقية شرعية أو الذهاب للدجالين لفك السحر المعمول لها فى قرن ثور أو مدفون فى جبانة.. إلخ، وآخر شىء يبحثون عنه هو الطبيب النفسى، وحتى لا نظلمهم فى أحيان كثيرة يكون السبب أنه لا يوجد طبيب نفسى فى القرية ولا فى المركز ولا فى المدينة المجاورة!!

الطبيب النفسى المتخصص الحاصل على ماجستير فى الطب النفسى عملة نادرة فى وزارة الصحة وحتى فى الجامعة، فهو تخصص لا يحقق ربحاً، مثل طب النساء أو الأطفال أو الجراحات.. إلخ، ومشكلته أنه مشتبك مع ميراث ثقافى ثقيل ومتخلف يعتبر المرض النفسى عاراً وسُبة، وينسبه تارة للعفاريت والجن وتارة أخرى لعمل سفلى أو عين حسد، ولذلك فالطبيب النفسى آخر الاختيارات هناك.

يزيد على ذلك التعامل الساخر فى الإعلام والدراما مع شخصية الطبيب النفسى التى هى صيد ثمين للكوميديا والسخرية من وجهة نظر صناع المسلسلات والأفلام، لذلك فالعدد قليل وأغلبهم يسافرون إلى الدول العربية، خاصة المتميزين منهم، لذلك فإن هذه السيدة لا تفهم ما هو اكتئاب ما بعد الحمل، ولا أهل قريتها، ولا الشيخ الذى يرقيها ولا الذى يفك لها العمل، الحمل عندهم مجرد حمل، عندهم اعتقاد ساذج أنه مثلما ستلد الكائنات المحيطة بهم فى الحقل بدون اكتئاب فستلد السيدات بدون اكتئاب أيضاً!!

لذلك نرجو من وزارة الصحة ومن الجامعات زيادة عدد المطلوبين فى نيابة وتخصص الطب النفسى، وتوزيعهم بالعدل على المحافظات، نريد إحصائية دقيقة عن عدد الأطباء النفسيين فى مصر عموماً، الموجود منهم وغير المسافر أو المهاجر، ونسبة توزيعهم على المحافظات، ولا بد من إعطاء الطبيب النفسى الذى يتعامل مع الريفيين بالذات خلفية من دراسات علم الاجتماع عن الأساطير والخرافات والحكايات المنتشرة هناك والتى يرفعها البعض لمرتبة القداسة وكيف يتعامل معها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مطلوب طبيب نفسى ريفى مطلوب طبيب نفسى ريفى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon