توقيت القاهرة المحلي 19:22:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لعبة الحبّار

  مصر اليوم -

لعبة الحبّار

بقلم :خالد منتصر

الإنسان فى مواجهة الرأسمالية المتوحشة، إلى أى درجة سيصل انسحاقه؟ هذه هى «لعبة الحبّار» الذى لا يبخ الحبر فقط، بل يبخ السم فى شرايين وأوصال الحياة، مسلسل كورى التف العالم حول الشاشات والموبايلات والآى بادات لمتابعته، تلهث الأنفاس فى كل حلقة لمتابعة من سيظل حياً ومن سيموت ومن سيكسب ومن سيخسر. لعبة الحياة القاسية التى تصل أحياناً إلى درجة العبث، رائحة شبح كورونا التى تختطف الأرواح بنفس اللامنطق كنت أشمها عبر الشاشة، هى لعبة مقامرة بنفس رهانات لعبة الحبّار، هؤلاء البشر الذين تجمعهم تلك الجزيرة الغامضة ونفس الغرق فى الديون ونفس الحاجة إلى المال، يذهبون بملء إرادتهم للدخول فى سباق ست ألعاب، الخاسر فيها ميت، يدخلون اللعبة وهم لا يعرفون شروطها أو ماهيتها، هل ستحتاج تلك اللعبة إلى القوة أم السرعة أم الذكاء؟ تضيق الاختيارات تدريجياً حتى تصل إلى قتال شخص ضد صديقه وجاره! تنمو علاقات إنسانية بين الجميع، بخيرها وشرها، بالحميمية والجفوة، جدارية بلون الدم، بنفس صبغة أنياب حياتنا اللامبالية.

عبقرية المسلسل فى إيقاعه المتوتر الذى يجعلك على أطراف أصابعك طيلة الخمسين دقيقة مدة الحلقة، ورسم الشخصيات بدقة جواهرجى الألماظ، الأب السائق الفاشل فى حياته الأسرية، المصرفى الفاسد الذكى، رئيس العصابة ذو الوشم الثعبانى الذى بلا قلب، الهاربة من كوريا الشمالية، العجوز الذى يعانى من ورم المخ والذى نكتشف فى النهاية أنه هو المفاجأة، هو الذى دبّر كل تلك اللعبة ليكسر ملل ورتابة حياته هو وأصحابه المليارديرات، فئران تجارب يلعبون لعبة الموت، اختيار الألعاب يجعلك تستعيد طفولتك بشقاوتها وبشرها أيضاً، تتحول الألعاب من دعابة وقتل فراغ إلى كابوس وقتل روح، لعبة إشارة خضراء وحمراء مثل الكراسى الموسيقية لكن من يتحرك بعد النداء يُقتل، لعبة شد الحبل، من يخسر يسقط فى القاع، فطيرة العسل، من لا يضبط الشكل الهندسى يُقتل، لعبة الكريات الزجاجية، من يخسر الرهان ويخطئ التخمين يُقتل، لعبة ممرات الزجاج، من يدوس على الزجاج الهش يتهاوى، حتى نصل إلى لعبة الحبار الأخيرة، حيث المهاجم والمدافع، والتى لا تنتهى إلا بموت متنافس وحياة الآخر.

شاهدت لقاء مع كاتب ومخرج المسلسل الذى قال إنه بدأ فى كتابته منذ عشر سنوات وتبلورت رؤيته فى زمن ترامب، وقال إنه خسر عشراً من أسنانه من فرط التوتر أثناء كتابته وصناعته، وله كل العذر، فدرجة حرارة المسلسل تتجاوز حرارة قلب المفاعل النووى، بالطبع الحديث عن الإمكانيات والديكورات والتصوير وقيادة الممثلين والبيرفيكشن فى كل تفصيلة يحتاج إلى مجلدات، ويأتى السؤال الأخير فى الحلقة التاسعة عندما طرح العجوز سؤالاً: هل ما زلت تثق بالإنسان؟ وراهن على أن العجوز السكير الملقى فى الشارع مثل كيس القمامة لن يسأل عنه أحد، لكنه خسر الرهان، هناك ثمة أمل فى أن تنتصر الإنسانية على العبث، ولا بد من إعادة المنطق للعبة الحياة، حتى تصير متعة وبهجة بدون دم وبدون خوف.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لعبة الحبّار لعبة الحبّار



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon