توقيت القاهرة المحلي 19:22:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أحلام عزة فهمى

  مصر اليوم -

أحلام عزة فهمى

بقلم :خالد منتصر

المغامر الحقيقى هو الذى يهجر السير فى الطرق المعبدة سلفاً، ويرفض السكن فى البيوت سابقة التجهيز، يرسم طريقه بإرادته ويحدد هدفه بعيداً عن المألوف والبديهى، وفنانة الحلى عزة فهمى من ضمن هؤلاء المغامرين المتمردين، شكلت حياتها بإرادتها الحرة كما تشكل وتروض قطعة الفضة الخرساء الصامتة، حققت حلمها المراوغ وطاردته حتى تحقق جوهرة فى فاترينة القلب والروح، كتابها وسيرتها الذاتية «أحلام لا تنتهى» الصادر عن الدار المصرية اللبنانية، كتاب فى غاية الأهمية لكل شاب لم يكتشف نفسه بعد، ولكل شابة ما زالت تتلمس طريقها ولم تخلع قناع العادة والألفة بعد حتى تحافظ على رضا المجتمع الذى يفكر بالنيابة عنها، أدهشنى فى الكتاب لغته العامية البكر الطازجة، والتداعى الحر فى السرد الذى يجعل المؤلفة تنتقل من موضوع إلى موضوع آخر ألحَّ عليها، من الممكن ظاهرياً أن تجده مقحماً، لكنه عقل الفنان المزدحم بالأفكار، الذى تنبثق منه شرارة الإبداع بلا مقدمات، كتبته عزة بهذه الروح الفنية التى يكمن سحرها أحياناً فى عفويتها، فترة الصعيد والطفولة مكتوبة بجمال روائى جذاب، خلطة سودانية تركية مصرية، أب مثقف يرحل فى زهرة شبابه، أُم تتحمل عراك الحياة، أخ يستشهد فى حرب الكرامة، عجينة تصهر فى فرن التجربة، لتجعلها فيما بعد تتحمل خشونة الورشة ولهيب صهر المعدن وألم فقد الدفء، دفء المشى على سطر المجتمع وعدم الخروج عن حدود صفحته، حكاياتها عن فترة حلوان وشكل البنات والمجتمع حينذاك يشعل نوستالجيا الحنين إلى زمن كان يقيم الإنسان بضميره لا بلحيته أو حجابه، كان مقدراً ومرسوماً لها قدر موظفة الاستعلامات التى تلتقط فتات الرزق من العمل الخارجى كمهندسة ديكور، لكنها حفرت دربها الخاص ورسمت بورتريهها الحميم بأصابعها، وكان المستفز لكل تلك الطاقة كتاباً ألمانياً فى أول معرض كتاب يتحدث عن الحلى، اشترته بكل مرتبها، وبدأت رحلة الصاغة وخان الخليلى والنحاسين، اختارت أن تكون «الواد بلية» تتعلم من الأسطوات وبكل سعادة ورضا، لذلك أصبحت عزة فهمى التى امتدت شهرتها خارج حدود وطنها الذى يسكنها أكثر مما تسكنه، كانت دائماً فى شغاف القلب وجوانب الروح كلمات الأب الحكيم والأم الحنون، خشونة اليد من النار والأحماض وتراب الفضة، قابلته رقة روح ومعافرة مع الحياة، حكت عن تجربة «السينجل ماذر»، الأم التى تتحمل وتحمى كيان أسرتها وبناتها وتظلل عليهم كشجرة سنديان شامخة فى أحراش الغابة التى لا ترحم، عيناها كانتا ورقة نشاف تمتص كل ما حولها من نقوش وتجارب وزخارف وخبرات، بنت بطوطة التى لم تترك شبراً فى العالم إلا وزارته، ليست زيارة سائح، ولكنها زيارة طبيب الأشعة الذى يكشف أحشاء المدن ويقيس نبضها ودرجة حرارتها وأسرار جمالها وجاذبيتها، كنت أبحث عن كتاب أهديه لابنى بدلاً من كتب تجار التنمية البشرية الذين صار عددهم فى مصر يتجاوز عدد التكاتك! وجدت ضالتى فى هذا الكتاب، وهذا سر جماله الحقيقى، كيف تنجح؟ الإجابة ببساطة إذا صدقت حلمك واشتغلت على نفسك، الكتاب فقط كان يحتاج لبعض الاختصار من منطقة تعلم فن صناعة الحلى، كان مزدحماً بالتفاصيل الدقيقة التى من الممكن أن تفصل القارئ عن خط الكتاب الأساسى، فجمال وروعة الكتاب الحقيقية فى تجربة عزة فهمى الإنسانة التى هى قارة من الفن والإبداع تسكن فضاء عاشقة الفضة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أحلام عزة فهمى أحلام عزة فهمى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon