توقيت القاهرة المحلي 19:11:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السعدني والاسماعيلي

  مصر اليوم -

السعدني والاسماعيلي

بقلم - خالد منتصر

وأنا أشاهد الخيبات والهزائم التي يتلقاها نادي الاسماعيلي واحتلاله منطقة القاع في جدول الدوري، أتخيل لو كان الصحفي الكبير محمود السعدني حياً معنا اليوم ، ماذا كان سيكتب ؟أعتقد أنه كان سيلعن الجميع في النادي ويجلدهم بكلماته اللاذعة، محمود السعدنى موطنه الجيزة وجنسيته إسماعيلاوى، كتابته بطعم المانجو الإسماعيلاوى، ينتمى إلى الإسماعيلية بالنسب، الذى انتقلت جيناته إلى ابنه أكرم فاختار رفيقة الحياة من المدينة الجميلة نفسها، كان رئيس التحرير الوحيد الذى يشجع نادى الإسماعيلى ويدعم مسيرته معنوياً، كانت مجلة «صباح الخير» تحت رئاسته تكتب عن رضا وشحته والعربى وأبوجريشة وتمجد فى فن السامبا الإسماعيلاوية على أنغام السمسمية، ولذلك أرجو من محافظ الإسماعيلية إطلاق اسم محمود السعدنى على أحد شوارع الإسماعيلية.

فن السخرية أصعب فنون الكتابة، والسعدنى هو الناظر والألفا فى هذه المدرسة، خيط رفيع ما بين السخرية والردح، وفرق كبير ما بين الكاتب الساخر والمهرج الأراجوز!، أدرك السعدنى هذا الفرق، فقدم لنا السخرية التى تعكس عمقاً ورؤية وتخفى وراءها فلسفة وحكمة، سخرية معجونة أحياناً بالشجن، سخرية لا تنتمى إلى فن نكتة المونولوجيست ولكنها تنتمى إلى فن سخرية النديم، علمنا أن عين الكاتب الساخر تلتقط بأكثر العدسات حدة، وتنطبع على أكثر الأفلام حساسية، دائماً زاوية اللقطة الصحفية لديه جديدة، وتناوله لها طازج وبكر، كتابة مكثفة، أسلوب رشيق، فكرة لامعة وبراقة، كل هذا ملفوف فى ورقة سيلوفان جميلة معطرة بياسمين الرقى والتميز.

جلبابه المصرى وطاقيته الفلاحى، التى تحتل ذاكرتى أكثر من صورته بالبدلة والكرافت، هى بصمة مصرية خالصة، صنع فى مصر، وبالرغم من أنه اعتقل أيضاً فى مصر وطورد فى مصر وتم فصله فى مصر ونفيه من مصر، فإن مصر كانت عشقه الخالد وهمه المزمن وحلمه الدائم وسكنه الذى يمنحه السكينة، كتب عن تاريخها ما لم يكتبه مؤرخ محترف، صور بأشعة قلمه المقطعية أمعاء مصر من الداخل، لم يعتمد على الأرشيف الروتينى الأكاديمى البارد المعلب، بل غمس قلمه فى تعليقات الصعاليك وقصاصات الشوارع وجلسات سمر الغلابة، قدم لنا التاريخ كجسد حى نابض وليس كجثة هامدة.

نظرة محمود السعدنى النقدية الثاقبة تظهر فى كتاب لا يعرفه الكثيرون عن مضحكى مصر، كتب عن جيل الستينيات من مضحكى مصر، الذين كانوا فى سن الشباب حينذاك، والمدهش أن كل ما كتبه عنهم قد تحقق وكأنه زرقاء اليمامة، كان يملك مثلها حدة البصر النقدية، التى تجعله يغوص بهدوء فى أعماق الفنان فيكشف عنها وكأنه يراها بميكروسكوب.

برحيل السعدنى مات آخر الحكائين المصريين العظام، رحل عنا أعظم «مكلمة» مصرية، يصمت الجميع أمامها من فرط حرج المقارنة، وفضولاً لسماع المزيد، ورغبة فى تعلم هذه الموهبة الفريدة فى القص والحكى بالدخول إلى مغارة كنز حكاياته الرائعة والمدهشة والجذابة، بموت الولد الشقى ضاع طعم المانجو والشمام الإسماعيلاوى ليحتل مكانه فى حلوقنا طعم كنتالوب الصوب الهجين الذى يشبه الخيار.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السعدني والاسماعيلي السعدني والاسماعيلي



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:47 2020 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

ميسي وصيفا لـ محمد صلاح تسويقيا

GMT 16:55 2019 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السويد تعتقل عراقيا اتهمته بالتجسس لصالح إيران

GMT 06:05 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

تعرّف على الفوائد الصحيّة لفيتامين "ك" ومصادره الطبيعية

GMT 05:39 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

حقيقة إصابة خالد الغندور بفيروس كورونا

GMT 07:44 2020 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

سيفاس يفوز على دينيزليسبور بصعوبة في الدوري التركي

GMT 22:48 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

منى زكي تؤكد هشام نزيه موسيقار عبقري ويستحق التكريم

GMT 09:07 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

رجل يعتدي على فتاة بالضرب بسبب صفّ السيارات في تكساس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon