بقلم :خالد منتصر
هل نحن صرنا مجتمعاً من الزومبى؟! فرحة عارمة بين الأصوليين الإسلاميين والإخوان لوفاة أول من خضع لزراعة قلب خنزير!!! حولوها لمعركة عجيبة بين الرب والإنسان، واعتبروا أن موت هذا المريض هو عقاب من الله للبشرية التى تجرأت وفكرت بالعلم لتزرع قلب حيوان نجس محرم!!! وهو نفس الحيوان الذى قدم لهم الإنسولين وأنقذهم من مرض السكر الذى كان قاتلاً! فكر بائس من الإسلاميين يدل على تمكن الهلاوس والضلالات من أناس فقدوا بوصلة العقل تماماً، نحن صرنا لا نعرف أن سر قوة العلم فى نسبيته، وأن أى فشل فى مسيرة أى بحث علمى هو درس مستفاد ودرجة سلم لصعود أرقى وأصح، أول جراحة زرع قلب أجراها برنارد سنة ٦٧، توفى المريض بعد مدة قليلة، لكن العالم الغربى العلمى العاقل احتفى بتلك الخطوة الجبارة لأنه يعرف منهج العلم النسبى وتجاربه التى يستفيد من تعثرها مثلما يستفيد من نجاحها، وكان العالم متأكداً من أن جراحة زراعة القلب ستصل إلى مستويات رائعة ودقيقة، وكلنا يتذكر د. أحمد بهجت الذى عاش بقلب مزروع أكثر من خمسة عشر عاماً، موقف ابن المريض الذى زرع قلب خنزير كان أكثر إنسانية وفهماً من موقف من يسمون أنفسهم متدينين، فقد شكر العلماء والمستشفى على تلك التجربة التى ستفيد البشرية برغم وفاة والده، تذكروا أيها البؤساء عقلياً وإنسانياً أن عملية اللوز قديماً كانت عملية خطيرة ومن الممكن أن تؤدى للوفاة، والشيخ صديق المنشاوى نفسه راح ضحية جراحة استئصال اللوز!! لكنها الآن وبالتقدم العلمى صارت فى سهولة تنظيف الأسنان بالفرشاة!!!
العلم سيظل طوق النجاة لكم مهما شمتم فيه وهللتم وصفقتم لخطأ تجربة أو فشل اكتشاف، العالم الحقيقى لا يخدعكم مثلما يخدعكم سماسرة الدين، العالم الحقيقى يقول ربما وأظن ونسبة النجاح ٨٠٪.. إلخ، لكن السمسار والدجال يخدعكم ويضللكم قائلاً كل أحلامك سأحققها، يبيع لكم مساحات الجنة ويمارس عليكم بيزنس خداع الأوهام المريحة والأكاذيب المطمئنة، العلم يقدم لكم الحقائق حتى ولو كانت مزعجة، متى ننتصر للإنسانية فى مشاعرنا ولا ننشغل بضبط كل مقاييس حياتنا على باترونات الماضى؟ متى تسرى روح العلم فى نخاع حياتنا مسرى العصارة فى الزيتونة؟ متى نستمتع بمغامرات العلم المدهشة لا بقصص القتل المرعبة؟ متى نتوقف عن الشماتة فى العلم ونحن ننعم بكل منجزاته ولولاه لكنا ما زلنا فى مرحلة الجبلاية؟!! متى نعلم أولادنا فضيلة السؤال وشجاعة المناقشة وأن علامات الاستفهام ليست رجساً من عمل الشيطان، وأن عصر الإجابات الجاهزة المعلبة قد انتهى وعليهم أن يصنعوا جنتهم بأنفسهم على الأرض؟
متى نتخلص من الزومبى؟!