توقيت القاهرة المحلي 23:03:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قديس الطب ومنقذ أطفال العالم

  مصر اليوم -

قديس الطب ومنقذ أطفال العالم

بقلم :خالد منتصر

احتفل العالم اليوم بذكرى ميلاد الطبيب عالم الفيروسات الأمريكى الجنسية، الروسى الأصل، اليهودى الديانة «سولك»، مكتشف لقاح شلل الأطفال. إنه يستحق الاحتفال ليس ليوم واحد بل لقرن بأكمله، إنه قديس الطب الذى لا بد لكل أطفال العالم أن يهتفوا له فى صوت واحد: «شكراً لك أيها الرائع العظيم»، فقصة هذا الرجل ملحمة، وحكاية انتصاره على شلل الأطفال قصة تصلح لفيلم لو قُدِّر له أن يخرج إلى النور سيكون من أهم كلاسيكيات السينما، قصة حياته هى سلسلة انتصارات وكفاح ضد أخطر وأعتى المشكلات والعوائق، بداية من رفض أى جهة أمريكية تعيينه فى أى وظيفة نتيجة ديانته اليهودية، وانتهاء بالحرب الضروس حتى من الزملاء، ومن بينهم «سابين» نفسه، شريكه ومنافسه فى اكتشاف وتطوير اللقاح من الحقن إلى الفم.

كى نتعرف على حجم الإنجاز وعبقرية الاكتشاف وإعجاز الجهد الذى بذله «سولك»، لا بد أن نتعرف أولاً على مدى المعاناة التى كانت تعانيها أمريكا، ومعها العالم كله، من وحش شلل الأطفال الكاسر، يكفى أن تعرف أن فصل الصيف قبل 1955، سنة إعلان الاكتشاف، الذى من المفروض أنه فصل النشاط واللعب للأطفال، كان موسماً للسجن داخل المنازل وإغلاق حمامات السباحة وانتشار الرعب والفزع فى أرجاء أمريكا كلها، أى ارتفاع فى درجة الحرارة أو آلام فى العنق تُفسَّر على أنها شلل أطفال، كانت أهم صناعة أمريكية هى صناعة الرئة الحديدية البشعة التى يُسجن فيها الطفل الذى افترسه شلل الأطفال وفتك به حتى شُلت عضلات قفصه الصدرى فلم يعد قادراً على التنفس، تسحب هى الهواء وتضخه فى عملية شهيق وزفير اصطناعية لمساعدة المريض على الحياة، كانت بمثابة آلة تعذيب يُدفن فيها الطفل طوال حياته ولا يظهر منها إلا رأسه!! كل سنة كان ينضم إلى طابور المعاقين نصف مليون طفل، وكان نصيب الولايات المتحدة وحدها عام 1916 هو 27 ألف طفل مصاب، وكانت بداية الاهتمام على شكل حملات منظمة لمحاربة هذا المرض اللعين مع عيد ميلاد روزفلت 30 يناير 1938، وهو أشهر مريض بهذا المرض فى العالم، واستطاعت الحملات فى أول عام تجميع 1٫8 مليون دولار، وهى الخميرة التى ساعدت «سولك» على أبحاثه، ماذا فعل «سولك» بعد هذا الاضطهاد الذى عاناه بسبب دينه وبسبب عبقريته وتفوقه؟ هل قرر أن يفجر نفسه فى عملية انتحارية لينتقم من الآخرين الكفار؟! هل قرر أن ينتقم مادياً ويتاجر ببراءة اختراع يذل بها العالم الذى رفضه ونبذه فى البداية؟ رفض «سولك» أن يسجل براءة اختراع وخسر سبعة مليارات من الدولارات كان سيكتنزها فى حساب البنك، ظل يعمل 18 ساعة يومياً لكى يهزم دراكيولا شلل الأطفال ويخرج اكتشافه إلى النور، حاول «سولك» فى أواخر الأربعينات تطبيق أبحاثه على القرود، وكان لقاحه عبارة عن فيروس ميت، وفشل فى أولى تجاربه 1954 عندما حقن فى البداية 137 طفلاً بلقاحه، وارتفع الرقم إلى 2 مليون طفل تقريباً، لكن 260 أصيبوا بعد لقاحه التجريبى، ومن بينهم توفى أحد عشر مصاباً، وظل «سولك» يطور من حقنة المصل حتى أعلن اكتشافه العظيم على العالم عام 1955، وبعدها طور «سابين» الفكرة وجعل الفيروس مضعَّفاً وليس ميتاً وعلى شكل نقط فى الفم وليس حقناً، وخرج اكتشافه إلى النور عام 1957.

العلم لا دين ولا وطن له، شكراً «سولك» أقولها لروحك نيابة عن أطفال الدنيا الذين أنقذتهم من مصير السجن فى الرئة الحديدية، وأقول لروحك ملاحظة أخيرة فى صيغة سؤال: هل نما إلى علمك أن الدول الثلاث التى ما زال منتشراً بها شلل الأطفال هى أفغانستان وباكستان ونيجيريا وهى للأسف بلاد إسلامية؟ ومع الأسف والخجل أيضاً أنهم يطاردون هناك البعثات الطبية التى أرسلت لإنقاذ أطفالهم بحجة أن التطعيم فيه دهن خنزير ويسبب العقم! لترقد روحك فى سلام ولتدعُ معنا من قبرك بالهداية لمن ما زالوا يعتبرون العلم عدواً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قديس الطب ومنقذ أطفال العالم قديس الطب ومنقذ أطفال العالم



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon