بقلم :خالد منتصر
عندما أحست الفاشية الدينية بخطر الفن والدراما بدأوا فى تنفيذ الخطة البديلة وهى خطة تأثيم الفن والترويج لتصريحات فنانين منهم الممثل والممثلة والمطرب والمطربة.. إلخ، يخرج علينا مطرب مصرحاً بأنه يتمنى ألا يموت مغنياً! وتخرج علينا مطربة قائلة أنا باحس إنى باغضب ربنا لما بغنّى، ويقول فنان شعبى أنا هعتزل وأتفرغ للعبادة بعد ما أجوز ابنى.. إلى آخر تلك النوعية من التصريحات التى بالطبع لا يعقبها تصريح مكمل بالتبرع بكل هذه الأموال الحرام الملوثة إلى الفقراء والمحتاجين ومصارف الزكاة!!
نجحت هذه الخطة فى بداية ما سُمى بالصحوة الإسلامية فى الثمانينات والتسعينات حين حدثت ضغوط معنوية وإغراءات مادية لتحجيب الفنانات، مع تلميع إعلامى لظاهرة الفنانات المعتزلات، حتى ظهر من بينهن داعيات يعقدن دروساً دينية للنساء الباحثات عن الهداية! تزامن هذا مع إطلاق بعض الفنانين للحاهم وإعلانهم اعتزال الفن الحرام ودخول بعضهم تحت جناح شركات توظيف الأموال التى نصبت على المصريين فى كارثة أودت بحياة البعض ممن وضعوا مدخرات عمرهم فى تلك الشركات بفضل دعاية هؤلاء الفنانين وبعض المشايخ وقتها، لكن هل ستنجح حملة تأثيم الفن هذه المرة بنفس قدر نجاحها منذ أكثر من ثلاثين سنة؟ الإجابة وبكل اطمئنان لا، لعدة أسباب منها: أن معظم هؤلاء الفنانات اللاتى تحجبن والفنانين الذين اعتزلوا رجعوا فى كلامهم، المعتزلات خلعن الحجاب وعدن للتمثيل أو الغناء، وكذلك الممثلون الرجال عادوا للتمثيل بل باتوا يطلبون أجوراً مرتفعة لأنهم أصحاب قصة جهاد دينى سابق!! والمطربون، ومنهم من اشترك فى تنظيمات مسلحة مثل فضل شاكر، عادوا للغناء وكأنها كانت غفوة أهل الكهف وتم التعافى منها!
ثانياً: سقف الحرية والنقد والكشف التى منحتها السوشيال ميديا للناس أسهمت فى فضح الازدواجية والنفاق ونغمة المتاجرة الظاهرة فى سلوكيات هؤلاء المعتزلين الباحثين عن الشو، والمدهش أن معظمهم غير معروف إلا لجمهور محدود! ثالثاً: إعلان الاعتزال صار كثير من الشباب يتناوله بشكل كوميدى، وصارت تصريحات حراس الفضيلة المزيفة مثاراً للسخرية، فأن يخرج علينا مَن يقول انفصلت عن خطيبتى لأن ممثلاً قاس لها النبض فى المسلسل كما يحتم عليه الدور! لن تجد تعليقاً إلا أن تضحك حتى لا تخبط رأسك فى الحيط من الغيظ!
الفن ليس ذنباً حتى تطلب الغفران أو العفو بسببه، الفن ليس عاراً لكى تعلن أنك تغسله بالاعتزال، الفن ليس نجاسة لكى تتطهر منه، الفن ليس خطيئة لكى تتوب عنه، الفن إبداع لا بد أن تفتخر به وترفع رأسك عالياً أن اصطفاك ربك بموهبة سحره وألقه وجماله ودهشته، المتطرفون الفاشيون تجار الدين لا موهبة لديهم ولا إبداع، ولا يمكن أن تمس أرواحهم المتصحرة ونفوسهم الجافة وعقلياتهم المتكلسة عصا الفن السحرية، لذلك سيظلون كارهين للفن وأعداء للإبداع.