توقيت القاهرة المحلي 15:04:25 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سرطان علاقات الحب

  مصر اليوم -

سرطان علاقات الحب

بقلم :خالد منتصر

رسائل القاتل محمد عادل، الطالب بكلية آداب المنصورة، إلى زميلته «نيرة»، التي ذبحها أمام الجامعة، تحتاج إلى تحليل مضمون شامل، ولا بد أن يدرسها علماء الاجتماع وعلماء النفس لوضع يدهم على الخلل الذي حدث في الوعي الجمعي لعدد ضخم من الشباب لا يُستهان بحجمه وتأثيره داخل المجتمع المصري، بالطبع لم ولن تنتهي علاقاتهم مع البنات بجريمة ذبح، لكنهم يستخدمون اللغة الفجة العنيفة الخشنة نفسها، ويفكرون في علاقة الحب بالعقلية الاستحواذية نفسها، التي تتعامل مع الأنثى كدمية أو شيء لا بد أن ينضم إلى ممتلكاتي! علاقة «الدكر» بالأنثى، كما وصفها القاتل، وليس علاقة الرجل بالمرأة، فلنقرأ الرسائل ونُحللها بحياد وبرود أكاديمي، وهذه بعض منها:

«بتاعتي وبس يا روح ...، بمزاجك أو غصب عنك، ومفيش مَخلوق حيلمس شَعرة منك غيري، ومفيش دكر هييجي ناحيتك، يبقى حَد كده يقرب لك، أو انتي تقربي لحد، انتي لازم تسمعيني لو غصب عنك».

«والله نهايتك على إيدي يا نيرة، تاني مفيش فايدة، ودِيني لاقتلك، وعَرش ربنا ما سَايبك تتهنِّي لحظة، هَدبحك، وديني لادبَحك، دانا أدبحك أسهل لي، انتي حسابك معايا تقيل أوي، بلاش تزوديها عشان وعهد الله ما هاسيب فيكي حتة سليمة ويبقى حَد غيري يلمس منك شَعرة، صحيح الفترة الجاية اتعلمي ضرب النار، أو شوفي محمد رمضان أو السقا يدربوكي بوكس، علشان نهايتك على إيدي يا نيرة، أهو طالما الدنيا ماجمعتناش تجمعنا الآخرة».

انتهت الاقتباسات، وبدأ دورنا كمثقفين نقرأ المشهد والكلمات بعين الراصد والمتوجس من تسونامي اجتماعي يتعرّض له شباب ريفي بسيط متقوقع في شرنقة حرمان ثقافي وتربية قمع أسري وسيطرة فكر أصولي عنيف متصلب ومطلق لا ينظر إلى الأشياء إلا من زاوية واحدة فقط، ما نلاحظه من تلك الاقتباسات بقراءة أولية سريعة:

١ - الحب مونولوج لا ديالوج، فرمان ذكوري، وعلى الأنثى أن ترضخ للفحل (بتاعتي وبس.. بمزاجك أو غصب عنك.. إلخ).

٢ - وهو يهدد بالذبح يستخدم قاموساً دينياً! منتهى الازدواجية والشيزوفرينيا، وهذا نجده في مئات الآلاف من شباب «الفيس بوك» الذي يدخل ليسبّك بأحقر الألفاظ وأقذرها، ثم تدخل على صفحته فتجدها أذكارًا ودعوات وصورًا للكعبة ونصوصاً دينية وابتهالات! (وديني لاقتلك! وعرش ربنا هدبحك! وعهد الله ما هاسيب فيكي حتة!! تجمعنا الآخرة! إلخ) نفس فكرة تحمُّل الكبت انتظارًا للحور العين.

٣ - التباهي بعضلات الفحولة والتميز العضلي الجسماني الذكوري التي هي هبة التستوستيرون لا الذكاء أو العقل، تحدي أن تتعلم البوكس من محمد رمضان أو السقا، وهي النماذج المترسّخة في ذاكرته للعنف والقتال، وأنها حتى لو تعلمت فنون القتال من هذين النجمين سينتهي بها الحال إلى الذبح، فهو الذكر الأقوى المسلح الذي يجيد استخدام السكين!

٤ - الحب على طريقة حسابات البقالة (حسابك تقل معايا.. إلخ)، من الذي حدد أن هناك حباً من الأساس وأن عليها دفع الحساب؟! هل هي مسئولة عن توهماتك وخيالاتك وهلاوسك وضلالاتك أيها الذكر الطاووسي الذي عليه الأمر والنهي وهي عليها الطاعة والرضوخ والانسحاق؟!

إنها لم تكن مجرد رسائل SMS، إنما كانت صواعق كهرباء لمست فصوص المخ الجماعي المصري فأيقظته وحرّضته على رصد حجم الخطر، رعب أكبر من هذا سوف يجيء إذا لم ننتبه لسرطان العلاقات المريضة بين الولد والبنت، الرجل والمرأة في بلادنا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سرطان علاقات الحب سرطان علاقات الحب



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon