توقيت القاهرة المحلي 23:03:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مَن قتل «بسنت»؟

  مصر اليوم -

مَن قتل «بسنت»

بقلم :خالد منتصر

انتحرت «بسنت»، ١٧ سنة، بالصف الثانى الثانوى الأزهرى من كفر الزيات بالغربية، كتبت قبل انتحارها خطاباً لأمها التى غالباً لم تقتنع بدفاعاتها، وهى حية تصرخ من ألم التنمّر: «ماما يا ريت تفهمينى، أنا مش البنت دى وإن دى صور متركّبة والله العظيم وقسماً بالله دى ما أنا، أنا يا ماما بنت صغيرة ما استاهلش اللى بيحصل لى، ده أنا جالى اكتئاب بجد، أنا يا ماما مش قادرة، أنا بتخنق، تعبت بجد»، واختتمت الرسالة بجملة: «مش أنا حرام عليكم، أنا متربية أحسن تربية».

انتحرت بقرص الغلة الذى تقول المراجع العلمية عن سر نجاحه الباهر فى قتل ضحاياه إنه يتكوّن كيميائياً من فوسفيد الألومنيوم، وتُعزى سمية فوسفيد الألومنيوم إلى تحرير غاز الفوسفين الذى ينطلق عندما يتفاعل فوسفيد الألومنيوم مع الماء فى الجسم الذى يسبب تآكلاً مباشراً للأنسجة ويثبط الإنزيمات الخلوية، عادة ما تظهر أعراض التسمم فى غضون دقائق.

السبب الرئيسى فى الوفاة هو انهيار الدورة الدموية التى تؤدى إلى التأثيرات المباشرة على عضلة القلب، بالإضافة إلى فقدان السوائل، تلف الغدة الكظرية، وحموضة الدم، ما يتسبب فى حدوث صدمة شديدة والتهاب عضلة القلب، ومتلازمة الاختلال العضوى المتعدد.

هذا هو المكتوب عن قرص الغلّة الذى انتحرت به «بسنت»، لكن ماذا عن قرص الغِل الذى منحها إياه أهل قريتها وكان قاتلها الحقيقى؟ السؤال: مَن قتل بسنت؟

قتلها مجتمع مستعد أن يقتل بناته لمجرد إشاعة، مجتمع زومبى يأكل ويلتهم لحم تاء التأنيث مستلذاً ومستمتعاً، مجتمع يطارد البنت لمجرد أنها بنت، هذه كل جريمتها، وكلما كانت البنت جميلة أو مبتهجة أو فرحانة كانت الجريمة أشد وأخطر.

المجتمع لا يريد تصديق أن الصور العارية مفبركة وفوتوشوب، لأنه عايز يصدق ده! يريدها على هذا الشكل وبهذه الكيفية التى يتكيف مزاجه الدراكولى من الفرجة عليها، يعطل حواسه ويخدع نفسه فى سبيل ترسيخ الفضيحة وتجريس البنت، لأن الزومبى عندنا لا يعيش إلا على أشلاء أنثى.

المجرم ليس قرص الغلة، ولكنه قرص الغل والسواد والتوحش، البنت أصبحت لوحة التنشين السهلة لكل العقد النفسية والاضطرابات الوجدانية، شماعة لكل خطايانا، البنات نغنى لهن فى العلن: «البنات أجمل الكائنات»، لكننا فى السر نلعنهن ونعتبرهن حملاً ثقيلاً وعاراً مزمناً وخطيئة تتحرك وتتنفس وعبئاً على الأعصاب والروح، منذ أول صرخة، عندما تهجر الرحم لا نرحمها، نفكر بدأب عجيب فى سحب كل أرصدة السعادة منها، فنحن مهمومون بختانها ثم بيعها كسلعة فى سوق النخاسة للهروب من العنوسة وبأى ثمن، ثم إجبارها على العيش مع مَن تكرهه حتى تحين لحظة دفنها، وحيدة صامتة كما عاشت وحيدة خرساء.

نأسف يا «بسنت» لكن بعد فوات الأوان، نأسف أنك قد وُلدت فى مجتمع أفاعٍ، يريد أن يغطى على فحيح شهواته وكبته وفساده بإدانتك واتهامك وفضحك، يتعامل مع البنت منذ ولادتها على أنها متهمة ومجرمة، لتظل طوال عمرها تقدم أدلة براءتها من تهمة الأنوثة وعار كونها امرأة، ودائماً الحكم جاهز ومطبوع وصادر، الإعدام شنقاً بحبل جاهز.. حبل العار والخطيئة والشرف، الأسطوانة المشروخة نفسها التى لا نمل منها ولا نكل، أسطوانة الإدانة والتهميش والتحقير والسحق، ما زلنا نتساءل بسذاجة: مَن قتل «بسنت» وكأننا لا نعرف الإجابة!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مَن قتل «بسنت» مَن قتل «بسنت»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon