بقلم :خالد منتصر
لم يلوث تفكير شبابنا ومراهقينا مثل تلك النظرية، نظرية أن البنت التى تكشف شعرها مثلها مثل الحلوى المكشوفة التى من حق الذباب أن يتجمع عليها ويترك عليها نفاياته وقاذوراته، نظرية مشوهة دمرت أجيالاً آمنت بتلك النظرية وذبحت لها القرابين وجعلتها صنماً مقدساً، تظهر تلك النظرية ويزداد لمعانها وبريقها مع كل عيد أو مناسبة دينية! تخيلوا فى المناسبات التى لا بد أن يتطهر فيها الإنسان ويقترب من الخالق عز وجل، ويمضى لحظات تبتل وورع وتقوى، تجد كماً مرعباً من الشباب والمراهقين ينزل إلى الشوارع والحدائق كالضباع الجائعة، يبحثون عن قطعة لحم، شعر مكشوف أو نص كم أو فستان.. إلخ، بشبق شرير يبحثون عن هدف أنثوى مستباح فى عرفهم تطبيقاً لنظرية الذباب والحلوى أو السيارة والغطاء.. إلى آخر هذه التشبيهات المريضة التى أفرزتها عقول مكبوتة مدعومة بتراث طويل من تحقير نون النسوة، وللأسف يطل علينا هذا التراث المعادى للمرأة من المنابر والشاشات، البنت فى نظرهم قطعة لحم لأن داعية الجيم وشمشون الشريعة ورامبو الفقه قد حذّر بأنها تستفز ذكورته، وهرموناته لا تحتمل التبرج، ولكى لا يقع ذكورنا فى هوة احتقان البروستاتا عليهم تطبيق ما قاله بأن الطفلة المربربة تتزوج ما دامت تحتمل الوطء، وتبرير السبى بأن السبايا لهن احتياجات!! تذكروا جيداً وأنتم مندهشون من التحرش من قال بأن خروج المرأة سافرة بشعر مكشوف هو إلحاح منها فى عرض نفسها على الرجال!! قبل أن تندهشوا من التحرش حاسبوا المحامى الشهير الذى كل شهرته أنه يسب ويشتم، والذى خرج على الهواء وقال إن التحرش بلابسة الجينز واجب قومى ووطنى! والداعية الكيوت محاضر التنمية البشرية الذى دخل فى مظاهرة الضباع تلك وقال: «الراجل اللى ما يتحرش بالبنت اللى تلبس قصير ما يبقاش راجل»، دخل المراهقون والشباب بكل هذه الذخيرة التراثية الفكرية المشحونة بقلة تربية وجهل تعليمى وجلافة حس وغلظة وجدان، دخلوا فى مشهد مرعب يثير الغثيان على سائحات فى مضايقات تحرش يندى لها الجبين خجلاً، لم يتعلم هذا الشاب بعد أن السائح يصرف عمله صعبة ويفتح أبواب رزق وأكل عيش لعشرين شغلانة تنقذ أمثالهم من البطالة، بداية من ريسبشن الفندق حتى بازارات خان الخليلى، مروراً بسائق التاكسى والطباخ والسفرجى والمرشد السياحى ومحلات الملابس والإكسسوار فى شرم الشيخ والغردقة ومطاعم مصر من القاهرة إلى أسوان.. إلخ. لا بد أن نتعلم كشعب أن هؤلاء السياح أهم من طوابير العواطلية الذين يرهبوننا فى الشوارع بعصا النهى عن المنكر والحشرية اللزجة فى تفاصيل حياتنا، السياحة هى البشر قبل الحجر، سلوك استقبال وحفاوة، وليس سلوك تطفل لزج من ذباب متطفل يحمل فى زوائده القبيحة كل ميكروبات الهوس الجنسى، جرس إنذار فالبلاد التى ليس فيها أثر أو هرم أو معبد أو متحف، تزدحم بأضعاف أضعاف من يأتى إلينا من السياح، أبهرنا العالم بحفل المومياوات الملكية، فلانريد ضياع هذا المجهود الرهيب بحفلات التحرش المبكية.