توقيت القاهرة المحلي 19:22:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حسن الصباح ومتلازمة الماسادا

  مصر اليوم -

حسن الصباح ومتلازمة الماسادا

بقلم - خالد منتصر

المشهد الافتتاحي في مسلسل " الحشاشين" والذي ينتحر فيه واحد من أتباع حسن الصباح من أعلى نقطة في سور القلعة بمجرد نظرة من القائد حسن الصباح ولاثبات الولاء أمام المندوب أو الرسول الفرنسي ، من الممكن أن تكون هناك مسحة خيال فني في المشهد، لكن المشهد له ظل من الواقع ، ويحدث بصور مختلفة سواء قفز من قمة جبل أو تفجير بحزام ناسف ، وهذا يقودنا لدراسة سيكولوجية الانتحاري في الجماعات الإرهابية ، وليس أفضل من د أحمد عكاشه ، الذي من خلال حواراتي معه تحدث عن تلك النقطة مراراً ، وسجلها كتابة في " قراءة للعقل المصري" الذي شرفت بكتابة مقدمته، قال د عكاشه:

 "يجب التفرقة بين الإرهابى كقائد والإرهابى كتابع.. فعادةً، تكون قيادات الإرهاب شخصيات راديكالية متطرفة ليس لديها أى قابلية للمرونة أو الحوار أو المناقشة، ويكون إيمانهم بالفكرة أو الاعتقاد يقينًا غير قابل للحوار، ويكون لهم القدرة على إقناع الآخرين باعتقادهم سواء خاطئًا أو صحيحًا، خاصة فى هؤلاء القابلين للإيحاء ويطيعون الأوامر كقطيع دون وعى بالرغم من تفاوت ثقافاتهم.

 وهنا يجدر الكلام عن «متلازمة الماسادا»، وهى حالة نفسية تتميز باعتقاد مركزى راسخ بواسطة أعضاء مجموعة تشعر أن المجتمع ضدهم وله رؤية سلبية تجاههم، وهم يفضلون الانتحار أو الموت أو الشهادة على الاستسلام أو الهزيمة أو قبول الأمر الواقع.

 وفى دراسة علمية عن «الراديكالية بين التطرف الدينى والميليشيات والعصابات والجهاديين»، وُجد أن ما يميزهم هو: غياب النسيج المجتمعى المساند، والرغبة فى الانضمام والانتماء لمجموعة تكسبهم نوعًا من احترام الذات والهوية، والرغبة فى الثورة على نظام المجتمع، والرغبة فى الحماية من نفس ذات المجتمع الذى يشعرون أنه ظلمهم، وحب المغامرة والمخاطر والتجديد. ويعزز الراديكالية: الفقر، البطالة، الظلم، عدم وجود الحافز للتقدم، عدم وجود الفرصة للتقدم.

 العوامل المسبقة التى تجعل المرء مهيأً للانخراط فى الإرهاب هى: التجارب الشخصية فى مجال الاضطهاد (الحقيقية أو المتصورة)، توقعات تتعلق بالانخراط (مثل المغريات كالإثارة والرسالة والإحساس بأن لحياة المرء هدفا)، المشاركة فى النشاطات والتأهل للانضمام إلى المجموعة عن طريق الأصدقاء أو الأسرة، أو النشوء فى بيئة معينة، فرصة للتعبير عن الرغبة فى الانضمام والخطوات المتخذة نحو الانخراط، مدخل أو وسيلة إلى الوصول إلى الجماعة ذات الصلة.

 ما نظنه فى أفعال كثير من الانتحاريين المنتمين للفئة الضالة أنهم مرضى يعانون من عدم السواء النفسى والتوازن الداخلى، ولكن من استقراء مسار الجماعات والحركات الإسلامية المختلفة، لوحظ محاولة اقتناص المواهب وسرقتهم من سياقاتهم الاجتماعية والخاصة نحو سياقها الأيديولوجى، وتحييد وإقصاء من يرونه غير مؤثر أو مصابا بمرض نفسى ما حتى لا يحملوا مؤونة أزماته الخاصة، أو ارتباكا داخل التنظيم.

 إن صناعة الإرهابى الذى يفجر نفسه بحزام ناسف أو سيارة مفخخة يحتاج لتدريب وغياب الوعى، وما يقال عنه «غسيل المخ».

 وتدل الدراسات النفسية على أن الحرمان الحسى هو أحسن الوسائل للحصول على غسيل المخ للإيمان بفكرة معينة، وقد يكون الحرمان الحسى كاملًا، مثلًا وضعه فى الظلام وعدم سماع أى أصوات، والحرمان من الطعام أو الشراب، ولا مانع فى غرفة مغلقة تحت الماء حتى ينهار الفرد تماما ويصاب بالهلاوس وفقدان الوعى وبعدها يصبح قابلا للإيحاء، فيعطى الفكرة الجديدة بعد غسيل الأفكار القديمة، وبعد مدة يبدأ فى الاعتقاد فى المنظومة الفكرية الجديدة ونبذ ونسيان المنظومة الفكرية القديمة، ويستعمل ذلك بعد القبض على الجواسيس فى أجهزة المخابرات العامة العالمية.

 أما فى الحالات العادية، فيبدأ القيادى تدريب التابعين على فكر دينى محدد، ويقلل، بل يمنع أى أفكار أخرى أو منبهات للمخ تؤثر فى هذا المعتقد، فتجده أولا يتبع مبدأ السمع والطاعة ولا يقرأ أى شىء بعيدا عن الدين أو الفقه، ويبتعد عن كل المؤثرات الخارجية من صحافة أو تليفزيون إلا التى ستعزز هذه الأفكار، ويصبح هذا الشخص ينظر من أفق واحد، نهايته الشهادة فى سبيل الله، ويشبه الحصان عندما توضع الغمة على جانبى العين حتى لا يرى إلا أمامه".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حسن الصباح ومتلازمة الماسادا حسن الصباح ومتلازمة الماسادا



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon