توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حسن الصباح ومتلازمة الماسادا

  مصر اليوم -

حسن الصباح ومتلازمة الماسادا

بقلم - خالد منتصر

المشهد الافتتاحي في مسلسل " الحشاشين" والذي ينتحر فيه واحد من أتباع حسن الصباح من أعلى نقطة في سور القلعة بمجرد نظرة من القائد حسن الصباح ولاثبات الولاء أمام المندوب أو الرسول الفرنسي ، من الممكن أن تكون هناك مسحة خيال فني في المشهد، لكن المشهد له ظل من الواقع ، ويحدث بصور مختلفة سواء قفز من قمة جبل أو تفجير بحزام ناسف ، وهذا يقودنا لدراسة سيكولوجية الانتحاري في الجماعات الإرهابية ، وليس أفضل من د أحمد عكاشه ، الذي من خلال حواراتي معه تحدث عن تلك النقطة مراراً ، وسجلها كتابة في " قراءة للعقل المصري" الذي شرفت بكتابة مقدمته، قال د عكاشه:

 "يجب التفرقة بين الإرهابى كقائد والإرهابى كتابع.. فعادةً، تكون قيادات الإرهاب شخصيات راديكالية متطرفة ليس لديها أى قابلية للمرونة أو الحوار أو المناقشة، ويكون إيمانهم بالفكرة أو الاعتقاد يقينًا غير قابل للحوار، ويكون لهم القدرة على إقناع الآخرين باعتقادهم سواء خاطئًا أو صحيحًا، خاصة فى هؤلاء القابلين للإيحاء ويطيعون الأوامر كقطيع دون وعى بالرغم من تفاوت ثقافاتهم.

 وهنا يجدر الكلام عن «متلازمة الماسادا»، وهى حالة نفسية تتميز باعتقاد مركزى راسخ بواسطة أعضاء مجموعة تشعر أن المجتمع ضدهم وله رؤية سلبية تجاههم، وهم يفضلون الانتحار أو الموت أو الشهادة على الاستسلام أو الهزيمة أو قبول الأمر الواقع.

 وفى دراسة علمية عن «الراديكالية بين التطرف الدينى والميليشيات والعصابات والجهاديين»، وُجد أن ما يميزهم هو: غياب النسيج المجتمعى المساند، والرغبة فى الانضمام والانتماء لمجموعة تكسبهم نوعًا من احترام الذات والهوية، والرغبة فى الثورة على نظام المجتمع، والرغبة فى الحماية من نفس ذات المجتمع الذى يشعرون أنه ظلمهم، وحب المغامرة والمخاطر والتجديد. ويعزز الراديكالية: الفقر، البطالة، الظلم، عدم وجود الحافز للتقدم، عدم وجود الفرصة للتقدم.

 العوامل المسبقة التى تجعل المرء مهيأً للانخراط فى الإرهاب هى: التجارب الشخصية فى مجال الاضطهاد (الحقيقية أو المتصورة)، توقعات تتعلق بالانخراط (مثل المغريات كالإثارة والرسالة والإحساس بأن لحياة المرء هدفا)، المشاركة فى النشاطات والتأهل للانضمام إلى المجموعة عن طريق الأصدقاء أو الأسرة، أو النشوء فى بيئة معينة، فرصة للتعبير عن الرغبة فى الانضمام والخطوات المتخذة نحو الانخراط، مدخل أو وسيلة إلى الوصول إلى الجماعة ذات الصلة.

 ما نظنه فى أفعال كثير من الانتحاريين المنتمين للفئة الضالة أنهم مرضى يعانون من عدم السواء النفسى والتوازن الداخلى، ولكن من استقراء مسار الجماعات والحركات الإسلامية المختلفة، لوحظ محاولة اقتناص المواهب وسرقتهم من سياقاتهم الاجتماعية والخاصة نحو سياقها الأيديولوجى، وتحييد وإقصاء من يرونه غير مؤثر أو مصابا بمرض نفسى ما حتى لا يحملوا مؤونة أزماته الخاصة، أو ارتباكا داخل التنظيم.

 إن صناعة الإرهابى الذى يفجر نفسه بحزام ناسف أو سيارة مفخخة يحتاج لتدريب وغياب الوعى، وما يقال عنه «غسيل المخ».

 وتدل الدراسات النفسية على أن الحرمان الحسى هو أحسن الوسائل للحصول على غسيل المخ للإيمان بفكرة معينة، وقد يكون الحرمان الحسى كاملًا، مثلًا وضعه فى الظلام وعدم سماع أى أصوات، والحرمان من الطعام أو الشراب، ولا مانع فى غرفة مغلقة تحت الماء حتى ينهار الفرد تماما ويصاب بالهلاوس وفقدان الوعى وبعدها يصبح قابلا للإيحاء، فيعطى الفكرة الجديدة بعد غسيل الأفكار القديمة، وبعد مدة يبدأ فى الاعتقاد فى المنظومة الفكرية الجديدة ونبذ ونسيان المنظومة الفكرية القديمة، ويستعمل ذلك بعد القبض على الجواسيس فى أجهزة المخابرات العامة العالمية.

 أما فى الحالات العادية، فيبدأ القيادى تدريب التابعين على فكر دينى محدد، ويقلل، بل يمنع أى أفكار أخرى أو منبهات للمخ تؤثر فى هذا المعتقد، فتجده أولا يتبع مبدأ السمع والطاعة ولا يقرأ أى شىء بعيدا عن الدين أو الفقه، ويبتعد عن كل المؤثرات الخارجية من صحافة أو تليفزيون إلا التى ستعزز هذه الأفكار، ويصبح هذا الشخص ينظر من أفق واحد، نهايته الشهادة فى سبيل الله، ويشبه الحصان عندما توضع الغمة على جانبى العين حتى لا يرى إلا أمامه".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حسن الصباح ومتلازمة الماسادا حسن الصباح ومتلازمة الماسادا



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon