توقيت القاهرة المحلي 12:48:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما هو التنوير؟

  مصر اليوم -

ما هو التنوير

بقلم - خالد منتصر

فى ظل احتفال العالم بمرور ٣٠٠ عام على ميلاد الفيلسوف العظيم «كانط»، كان لا بدَّ أن نقتبس من نور عقله معنى التنوير الذى ما زلنا عاجزين فى العالم العربى عن فهمه وتطبيقه حتى هذه اللحظة، «كانط» هو الفيلسوف الذى منح العالم فهماً لمعنى التنوير فى مقال شهير، ويعود تاريخ هذا المقال لأواخر القرن الثامن عشر، حيث كتبه الفيلسوف الألمانى إيمانويل كانط رداً على القسيس جوهان فريدريك زولنر، وتم نشره فى «برلين» الشهرية، يقول «كانط»: التنوير هو انعتاق المرء من حالة العجز الذاتى.

العجز هو عدم قدرة المرء على استخدام فهمه الخاص دون توجيه الآخر. إذا لم يكن سبب هذه الحالة، من عدم النضج الذاتى، هو نقص فى ملكة الفهم، فهو بالأحرى، نقص فى الشجاعة والإقدام لاستخدامها دون إرشاد الآخر.

لذلك، يكون شعار التنوير إذن: تحلَّ بالشجاعة لاستخدام عقلك بنفسك.

إن العجز والكسل هما السبب وراء انقياد هذا الحجم الكبير من البشر، على الرغم من أن الطبيعة حررتهم دائماً من أى قيادة دخيلة، إلا أنهم يبقون، بسعادة، عاجزين طوال حياتهم. وللأسباب ذاتها، يكون من السهل جداً، للآخرين أن ينصّبوا أنفسهم قادة ومرشدين.

إنه من المريح جداً، أن لا تكون ناضجاً! إذا كان لدى كتاب يفهم عنى، مرشد روحى أستبدل به ضميرى، دكتور يضع لى خطة غذائية، وهكذا، لن أكون بحاجة لبذل أى مجهود.

لست بحاجة إلى التفكير، ما دمت قادراً على الدفع؛ سيتكفل الآخرون، بالنهاية، بهذه المهمة المتعبة.

الحرّاس الذين أخذوا، وبلطف، على عاتقهم مهمة التوجيه، سيحرصون على أن تكون النظرة، التى تنظر بها البشرية كلها، إلى خطوة التقدم نحو النضج، على أنها ليست فقط صعبة، ولكن أيضاً، خطيرة.

بعد أن سحروا حيواناتهم المدجنة، ومنعوا بحذر، الكائنات المنصاعة، من التجرؤ على أخذ خطوة واحدة، بعيداً عن حبال القيادة التى رُبطوا بها، عليهم الآن أن يظهروا لهم الأخطار التى تحدق بهم، إذا ما حاولوا المشى، بلا مساعدة.

ليس هذا الخطر عظيماً بطبيعة الحال، إذ إنهم سيتعلمون المشى فى النهاية، بعد بضع سقطات. لكنّ مثالاً من هذا القبيل يبدو مرهباً، وغالباً ما ينجح فى إخافتهم عن أخذ خطوات أخرى.

مع ذلك، إنه من الصعب على الفرد أن يشقّ طريقهُ لوحده من حالة عدم النضج هذه، التى أصبحت طبيعة ثانية له.

أصبح معجباً بها، ونراه بالفعل عاجزاً عن استخدام فهمه الخاص فى الوقت الحالى، لأنه لم يُسمح له أن يقدم على هذه التجربة من قبل.

إن العقائد والدوغمائيات، هذه الأدوات الميكانيكية للاستخدام العقلانى (أو اللاعقلانى ربما) لهباته الطبيعية، هى الأغلال والسلاسل لقصوره الدائم.

وإذا ما استطاع أحد أن يرمى عنه هذه الأثقال، فإنه سيظل متردداً حول القفز، ولو فوق أتفه الصعوبات، لأنه لن يكون معتاداً على هذا النوع من التحرك الحرّ.

مع ذلك ثمة قلّة، من خلال صقل عقولهم بأنفسهم، نجحوا فى تحرير أنفسهم من حالة القصور، والاستمرار بشجاعة فى طريقهم.إن الفرصة أكبر فى أن ينور المجتمع نفسه، هذا الأمر حتمى، إذا ما ترك المجتمع المعنى فى حرية.

سيكون هناك دائماً قلّة يفكرون بأنفسهم، حتى ضمن أولئك المعينين كأوصياء على عامة الناس. أمثال هؤلاء الأوصياء، ما أن يتخلصوا بأنفسهم من عبودية العجز، حتى يبدأوا بنشر روح الاحترام العقلانى للقيمة الذاتية، وبواجب كل رجل على أن يفكر بنفسه.

المدهش فى هذا، هو أنه إذا ما قُدّر للجمهور، الذى وضع تحت هذه العبودية من قبل الأوصياء، أن يتم تحريكه بالشكل المناسب من قبل الأوصياء العاجزين عن التنوّر، فإن هذا قد يؤدى بشكل عكسى إلى إجبار الأوصياء أنفسهم، على البقاء تحت هذه العبودية.

إنه لمن المؤذى جداً خلق التعصبات، لأنها تنتقم لنفسها، فى النهاية، من أولئك الذين شجعوها أولاً (أو من ورثة من فعلوا ذلك). لذلك، لا يحقق الجمهور التنوّر إلا ببطء.

قد تضع الثورة نهاية للحكم الأوتوقراطى المطلق، أو للاستبداد الجشع الباحث عن السلطة، لكنها لن تنجح أبداً فى خلق إصلاح حقيقى فى طرق التفكير.

بالأحرى، تعصبات جديدة، مثل تلك التى استبدلت، ستخدم كسوط للتحكم فى الغالبية العظمى، اللامفكرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما هو التنوير ما هو التنوير



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon