بقلم - خالد منتصر
كان أبى رحمه الله مواظباً على شراء وقراءة مجلة العربى الكويتية منذ أن ترأس تحريرها د. أحمد زكى.
وبعد وفاة أحمد زكى وجدت أمام رئيس التحرير اسماً لامعاً وهو أحمد بهاء الدين والذى نحتفل بذكراه ٢٤ أغسطس من كل عام.
بدأت أدمن قراءة مقالاته بينما كنت على أعتاب المراهقة، كانت المقالات كمغناطيس فكرى جبار.
بدأت أتابعه وأبحث عن مقالاته القديمة منذ أن كان رئيساً لتحرير صباح الخير وهو ما زال فى العشرينات!!
ثم صرت حوارياً أحتفظ بعموده فى الأهرام والذى كان بحد ذاته مدرسة صحفية لكل من يريد أن يتعلم الصحافة، من أجمل الكتب التى كتبت عنه «فى صحبة أحمد بهاء الدين» للكاتب مصطفى نبيل، الذى كان أحد تلاميذه النجباء.
هذه هى بعض أفكار الكتاب الذى لا بد أن يقرأه الشباب الذين لا يعرفون بهاء، وبعد الاطلاع عليه يستطيعون أن يدلفوا إلى رحاب عالمه وكتبه ومقالاته العظيمة:
تميزت أفكار أحمد بهاء الدين بالعقلانية وإيمانه العميق بالعروبة والبحث الدائم عن وسائل تفيد القارئ فى كل لحظة تاريخية، وإبراز ما يراه مفيداً ومحذراً من المخاطر التى يبصرها، ويتجلى إحساس أحمد بهاء الدين العميق بنبض الشارع وكل أمر يشغل الرأى العام إلى جانب قدرته المستمرة على الحوار مع الأجيال المختلفة.
مفتاح شخصية «أحمد بهاء الدين» وسر جاذبيته والقبول الدائم الذى يتمتع به، والمصداقية التى تحققها كتاباته، وسبب ذلك هو ذلك المزيج المكون من الوطنية الصادقة والمعرفة الواسعة والحس الإنسانى والقدرة الفائقة على التحليل والنفاذ إلى المستقبل، حيث جعل من الحوار وتبادل الأفكار بين المدارس المختلفة الوسيلة الوحيدة لزيادة الوعى واتساع المعرفة من خلال ما يقدمه من مختلف التيارات الفكرية والأدبية التى كانت قائمة، وبشر بمستقبل تحتل الحداثة فى فكره مكانة بارزة.
وكان لا يغفل التاريخ أو التراث الفكرى والأدبى.تمنى أحمد بهاء الدين -كما يوضح الكتاب- إعادة كتابة التاريخ المصرى الحديث، ولكن ظروف عمله حالت دون إنجازه.
كانت له رؤية خاصة متميزة لكتابة تاريخ مصر الحديث، ذات لمسة فنية وإنسانية فى النظر إلى الأحداث التاريخية، وكانت أداته فى فهم ما حاوله هو المزج بين البعد الإنسانى وبين السياسى والاجتماعى. كان أحمد بهاء الدين يقف على بعد من السلطة، لم يكن قريباً منها فى أى مرحلة فى حياته أو فى أى عهد، رغم إعجابه بعبدالناصر، وأفكاره.
حين كان أحمد بهاء الدين نقيباً للصحفيين أصدر مذكرة احتجاجية إلى رئاسة الجمهورية لأنها تخص جريدة الأهرام بالأخبار الاستراتيجية، ورأى فى هذا الموقف تفرقة بين الصحف وبالتالى تفرقة بين المواطنين.كان بهاء الدين مؤمناً بنموذج المثقف الذى يصبر فى عناد ليقوم بدوره مهما كانت العقبات، ويقبل الحلول الوسط من أجل أن يتمكن من تقديم خبرته أو يسعى إلى توافق مع الأوضاع القائمة، على أمل أن يساهم فى خلق تيار يشكل رأياً عاماً يدفع نحو العدل والمساواة.