بقلم - خالد منتصر
ما أعلنه الرئيس فى المؤتمر الطبى الأفريقى من أن مصر سيتم الإعلان عن أنها بلد خالٍ من فيروس «سى» فى غضون أسابيع قليلة، كان بالنسبة لى ولجيلى من الأطباء هو بمثابة أفلام الخيال العلمى، كان حلماً مستحيلاً، دخلنا وتخرجنا فى كلية الطب والعلماء لم يتوصلوا بعد لكُنه وطبيعة وحقيقة هذا الفيروس، كنا نطلق عليه الفيروس اللى مش هو «A» ولا «B»!!كانت حالات البلهارسيا فى عنابر «قصر العينى» ببطونها المنتفخة من الاستسقاء ووجوهها الشاحبة وعيونها الصفراء وهياكلها النحيفة وقواها الواهنة، طوابير طويلة من الألم والمعاناة والقىء الدموى، وكنا لا نعرف هل الفيروس الذى يصاحبهم ويرافق رحلتهم، هل هو من ضعف مناعتهم نتيجة البلهارسيا أم من حقن الطرطير التى كانت هى العلاج!!! الدواء والداء!! كنا نحن عشاق «عبدالحليم» نعرف أنه سيموت ضحية البلهارسيا والفيروس اللعين، بعد التخرج اكتشفت ماهية فيروس «سى» وجاء علاج الإنترفيرون الذى كان المريض بعد تناول الحقنة منه يصبح كالفرخة الدايخة، منهاراً من الإعياء، والنتائج كانت محبطة، وازدادت حالات سرطان الكبد بشكل كبير فى مصر، وصرنا نسمع عن قرى فى مصر فيها نسبة مرعبة، واحد من كل أربعة كبده مقروح بفيروس سى، صار ضحايا هذا الدراكولا بالملايين، وصارت جنازات شهداء الفيروس تخرج من قرى مصر بالنحيب والبكاء على المصير المجهول، والمرض الذى يلتهم أكبادنا ولن يشفى، إلى أن جاء قرار الرئيس بتوفير السوفالدى بالمجان فى كل وحدة صحية فى كل قرية، وجاء اليوم لنعلن مصر خالية من فيروس «سى» كما أعلناها خالية من شلل الأطفال.الخبر مصدر فرحة لجميع المصريين، ولكن لمن شاهد مأساة فيروس سى لايف فى الكلية وفى أقاربه فى دمياط وفى مرضاه فى العيادة، سيكون له مذاق آخر، فيه الفرحة والتحدى واحترام قيمة العلم.