بقلم -خالد منتصر
توم هانكس بالنسبة لى كارت رابح على الدوام، أبحث عن أفلامه وأنتظرها بشغف شديد، دقة اختياراته تجعلنى واثقاً من أننى سأستمتع بسينما مختلفة ومتجددة، شاهدت أمس آخر أفلامه رجل اسمه أوتو، فيلم بسيط ليس به أبطال خارقون أو أكشن مثير، لكنه حكاية درامية يتخللها بعض اللايت كوميدى، لكنها من فرط عاديتها مدهشة، فالفن دائماً ينفذ إلى ما خلف العادى وما هو فى عمق البسيط، أوتو أندرسون مهندس متقاعد جاد جداً يحب العزلة، جاف فى كلامه، كلامه مختصر، عاشق للنظام وكاره للفوضى، يقطن منطقة سكنية هادئة، بيوتها صغيرة، وهو دائم النقد لكل التفاصيل بداية من السير الخاطئ للسيارات إلى عدم الالتزام بوضع الكانز فى سلة القمامة المخصصة لها، يحتمل جيرانه فظاظته لأنه ينقذهم ويساعدهم فى إصلاحات منزلية كثيرة لا يتقنونها، تنقلب حياته عندما تقتحمه مارسيل، جارة مكسيكية حامل ثرثارة، وزوجها الذى لا يتقن شيئاً وطفلتاها الشقيتان، هى جارة توده وتسأل عليه لمجرد أنه جار، تطبخ له أطباقاً مختلفة وترسلها له، تتودد إليه برغم جفائه، بالتدريج نعرف أنه أرمل فقد زوجته سونيا التى ماتت بالسرطان، وكان قد فقد قبلها الجنين الذى كان ينتظره عندما انقلب الأوتوبيس أثناء عودتهما من شلالات نياجرا، فقد الجنين وشلت الزوجة إلى أن ماتت، يحاول أوتو أن يلحق بها، قرر الانتحار، فالحياة لم تعد تستحق، وهو يعتبر كل من حوله حمقى وأغبياء، حاول شنق نفسه وفشل، ضرب نفسه بالرصاص وفشل، بالغاز وفشل، الوقوف أمام القطار ولكنه بدلاً من الموت تحول إلى بطل قومى عندما أنقذ راكباً كان بجانبه وسقط على قضبان القطار، أحس من خلال تلك الجارة المكسيكية المقتحمة أنه من الممكن أن يوجد فى حياتك المملة أشخاص يحبونك ويقدرونك لذاتك، من خلال التعامل والحوار معها، بدأت طبقات الجليد السميكة تذوب رويداً رويداً من حول شخصيته وتظهر نواته الحقيقية، يبدأ فى استعادة علاقته مع جاره القديم الذى شاركه البدايات والمصاب الآن بخرف الشيخوخة، يساعده هو وزوجته فى الانتصار على شركة العقارات التى تريد تحويل تلك المنطقة إلى كومباوند سكنى وتغرى السكان بالمال لكى يهجروها، يساعد العائلة المكسيكية بالمال ويترك لهم بيته وسيارته، قلبه المتضخم الكبير كان سبب موته وسبب بقاء ذكراه محفورة فى قلب وروح وعقل جيرانه، ذهب ليدفن بجانب زوجته التى كان يزور قبرها بانتظام ليتحدث إليها ومعه القط الذى كانت لديه فوبيا وفى نهايات الفيلم قبله رفيقاً فى البيت ينام على سريره!!!قال سارتر من قبل الآخرون هم الجحيميقول أوتو الآن الآخرون هم الحل والنجاة.