توقيت القاهرة المحلي 04:22:33 آخر تحديث
الأحد 19 كانون الثاني / يناير 2025
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

عملة نادرة

  مصر اليوم -

عملة نادرة

بقلم - خالد منتصر

أصعب شىء فى العمل الدرامى أن تحول الكابوس إلى متعة فنية، هذا هو التحدى الذى واجهه مسلسل «عملة نادرة»، فنحن نعيش فى جو كابوس أسود كافكاوى عبثى، القتل فيه مجانى، والثأر عقيدة، والمرأة على الهامش بينما هى تحرك الأحداث من خلف ستار، عجينة من مشاعر غل وغيرة وحقد وصراع، نار ورصاص، طبقية تدهس الضعيف وتلتهمه وتسحق عظامه، هذا الجو كيف حوله الكاتب د. مدحت العدل والمخرج ماندو العدل وكل عناصر العمل إلى جدارية فنية ملحمية محملة بدلالات وتفاصيل ورموز لا تنتهى؟، بأدوات الفن لا الخطابة، بريشة الفنان وإزميل النحات وليس بأحجار ومولوتوف المتظاهر، هكذا تعامل صناع هذا المسلسل البديع مع عناصر العمل، نحن أمام قوتين غاشمتين وكأننا نختزل العالم وصراعاته التى دوماً بين قوتين والباقى كومبارس غلابة، إما على مقاعد المشاهدين يمارسون النميمة، وإما فى مطحنة القهر يقدَّمون كقرابين، عائلة عبدالجبار أمام عائلة أبوعصاية، لكن هل كل قوة فيهما هى نسيج متماسك ومنسجم؟ لا، فالقهر مرادف الخيانة، والشر دوماً منبع الخسة والنذالة، فى عائلة عبدالجبار الأخ يقتل أخاه طمعاً فى الأرض، وفى عائلة أبوعصاية الأخ يخون أخاه طمعاً فى السلطة، تتنافس العائلتان على رضا الباشا وتجارة الآثار، لكن كل كبير فى العائلتين هو شخصية درامية وليست مسطحة أحادية، رسمها مدحت العدل ببراعة، «عبدالجبار» هذا الطاغية تضبطه متلبساً بلحظات ضعف إنسانية أمام ابنته وحفيده، «أبوعصاية» مهرب الآثار تجده محافظاً على احترام الأخوة والصداقة والحفاظ على تماسك النجع، كل الشخصيات الشريرة يضيف مدحت العدل إلى خلطتها الشيطانية ضربة فرشاة سريعة من المشاعر المرهفة، حتى «شداد» زعيم مطاريد الجبل، له قلب عاشق وشجن ناى، أما «نادرة» التى جسدتها الفنانة نيللى كريم ببراعة وصدق فهى الكوكتيل الإنسانى المحير والمراوغ، قلب أم ضعيف كورقة شجر خريفية، وأحياناً قلب منتقم يحرقه الشر فيجعله فولاذاً، الموت دوماً فى خلفية الجدارية الفنية، يظلل كسحابة شتاء وينعق كغراب بين، منذ أول لقطة، زوج «نادرة» يموت، وشقيقها، وزوجها الثانى، وزوج دميانة تلك المسيحية التى يقدمها المسلسل بشكل مختلف عن أى تناول سابق، هى شخصية من لحم ودم، وليست مجرد نمط دينى يردد شعارات، بزوغ التطرف الدينى وتيار الإسلام السياسى فى ظل غفلة جميع التيارات الأخرى وغرقهم فى صراعاتهم الحزبية الضيقة، مما سمح للضباع بأن تلتهم الفتات وتغرز أنيابها فى شرايين الروح والهوية، فى وسط كل هذا الكابوس يولد حلم الدكتورة «أنس» التى تعرف هدفها جيداً برغم كل العبث المحيط، تضبط بوصلتها وعواطفها جيداً، وتناقش بالمنطق وتفكر بالعقل فى مناخ مجنون.

تعامل المخرج ماندو العدل بروح فنان تشكيلى لا مُنظّر سياسى، هناك كادرات ولقطات هى لوحات تشكيلية بالظل والضوء واللون، الإضاءة الخافتة فى المشاهد الداخلية ترجمت هذا الكابوس بكل دقة، فكان الغضب والاختناق والرفض لكل هذا الشر، الإضاءة عند المخرج ومدير التصوير ليست مجرد إنارة، وحركة الممثل عند «ماندو» لها غرض وليست عدد خطوات وميزانسين رسم هندسى أخرس وزاوية تصوير ثلجية، اختيار اللوكيشن عبقرى، تفاصيل المرأة فى النجع من زى ولغة ونظرة عين وانكسار روح تنقل إلى المشاهد كم القهر الذى تعانيه تاء التأنيث المحرومة حتى من حقها فى الميراث! كل الممثلين بدون استثناء نجوم لا أستثنى أحداً.

شكراً للمتحدة على دعمها لهذا العمل الرائع، وشكراً للمنتج المغامر والفنان جمال العدل، وكل طاقم العمل الذى قدم لنا هذه المتعة الفنية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عملة نادرة عملة نادرة



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 00:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يكشف سبب غيابه عن السينما الفترة الماضية
  مصر اليوم - محمد سعد يكشف سبب غيابه عن السينما الفترة الماضية

GMT 14:03 2020 الجمعة ,21 شباط / فبراير

الفنان طارق لطفى يواصل تصوير فيلم "حفلة 9"

GMT 21:55 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تضاؤل فرص عُمر جابر في الانضمام لمعسكر منتخب مصر

GMT 17:21 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

زيدان يعيش نفس ظروف أنشيلوتي مع ريال مدريد

GMT 13:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

السيسي يكرّم 32 من أبطال مصر الرياضيين بمختلف الألعاب

GMT 06:06 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

فنان لبناني يهرب من شرطة المواد المخدّرة في دراجة مائية

GMT 05:26 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

الفنان محمد محمود عبد العزيز ينضم إلي " كلبش2"

GMT 06:27 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

أسعار السمك في الأسواق المصرية الخميس

GMT 03:52 2014 السبت ,14 حزيران / يونيو

عقد قران ساندرا نشأت على رئيس نادي "وادي دجلة"

GMT 03:18 2013 السبت ,20 إبريل / نيسان

ريبيكا هول تكشف عن إثارتها في ثوب أسود

GMT 17:24 2016 الإثنين ,19 كانون الأول / ديسمبر

قناع لبان الدكر يقضي على البقع الداكنة بالبشرة

GMT 03:42 2015 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

زوجان تركيان يفقدان ابنتهما في حادث انفجار قنبلة في أنقرة

GMT 16:31 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

نهى عبدالكريم تكشف أسباب انسحابها من جلسة منتدى الشباب

GMT 14:39 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الفلفل الحار يساهم في تخفيف الوزن ودعم التمثيل الغذائي

GMT 06:12 2023 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف قاعة أثرية تعود للعصر البرونزي في شمال غرب برلين

GMT 20:54 2021 الأربعاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أحمد حاتم يكشف حقيقة خلافه مع أحمد فهمي بسبب هنا الزاهد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon