توقيت القاهرة المحلي 00:40:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دروس «جاليليو»

  مصر اليوم -

دروس «جاليليو»

بقلم - خالد منتصر

صدق برتراند راسل عندما قال: «كل النعم التى نعيشها الآن هى بفضل جاليليو»، لذلك كانت محاكمته أهم سطر فى كتاب تاريخ العلم، المحاكمة كانت على كتابه الحوار، والتهمة كانت الترويج لنظرية كوبرنيكوس بأن الشمس هى المركز، وأن الأرض هى التى تدور حولها وليس العكس.

ورغم أن كتاب جاليليو كان عبارة عن حوار بين النظامين، كوبرنيكوس وبطليموس، وقد راعى فيه التوازن بين الرأيين، واختبأ خلف السطور ولم يعلن رأيه صراحة، بل جعل النظريتين أو النظامين أمام القارئ وهو الذى يختار وينحاز تبعاً لاقتناعه وطبقاً لقوة حجة صاحب النظرية.

وهنا الدرس الأول المستفاد من تلك المحاكمة، فالكهنة الذين كانوا على المنصة، ورجال الدين الذين حاصروه بالاتهامات والذين ما زال لهم أحفاد عندنا يحاصروننا، أحفاد غيروا الرداء فقط، ولكنهم لم يغيروا الفكر، الدرس هو أنهم سيتربصون بك ويفتشون فى نيتك حتى لو كنت محايداً، فهم لا يريدون الرأى الآخر وينزعجون من مجرد طرحه، ولأن فكرتهم هشة ومنطقهم متهافت فهم يخافون ويرتعبون من المنطق العلمى، لذلك نجد حرباً ضروساً حتى فى علوم الدين ضد كل من يطرح آراء الفقهاء كلها ولا ينحاز لرأى محدد مسبقاً.

الدرس الثانى هو اعتبار العلم خصماً للدين، مكاسبه هى انتقاص من الدين، هوجم جاليليو فى تلك المحاكمة بضراوة على تلك النقطة، واعتبروه متعالياً عليهم بالعلم الذى يملكه، فالنص المقدس أو بالأصح تفسيرهم للنص المقدس يتماشى مع بطليموس وأرسطو، وهو التفسير المعتمد من الكنيسة آنذاك، لأن مركزية الأرض تعنى مركزية الإنسان.

ولن يسمح لجاليليو أن يخدش كرامة تلك المركزية الإنسانية، صدمهم جاليليو عندما أثبت لهم أن البديهى عندهم أو ما يتصورونه بديهياً ليس هو على الدوام الحقيقى والصادق، فالبديهى عندهم هو أن الجسم الأثقل يهبط أسرع، لكن بالتجربة أثبت لهم جاليليو كذب وتهافت بديهيتهم.

وكان الفيصل هو التجربة العلمية التى صارت عدوة لهم، تعريهم وتكشف خرافاتهم، قال لهم جاليليو المؤمن والذى لم يكن ملحداً، العلم عندى هو أقرب الطرق لحب الله ومعرفته، لكنهم كانوا يكرهون جاليليو ليس بسبب العلم، ولكن بسبب أنه سيسحب البساط من تحت البيزنس الدينى ويغلق بازاراتهم التى يبيعون فيها فدادين الجنة للمخدوعين.

الدرس الثالث كان مفاجأة، فقد كان البابا فى روما مؤيداً لرأى جاليليو، وهو الذى نصحه بتقديم الرأيين وعدم الإعلان عن نفسه، ووعده بأن يحميه ويدعمه، ولكن كل هذا كان فى الغرف المغلقة، وعندما خرج إلى النور، خذله البابا، وتم تسليمه إلى السجن، وإجباره على إنكار فعلته والاعتذار للكنيسة، ولكن الزمن أنصف جاليليو، ووقف البابا المختلف بعد قرون والذى غيرته وشكلته الحداثة العلمية الجديدة، وقف أمام الدنيا ليعتذر للعالم العجوز الذى أهين وضاع بصره ومرغت سمعته فى التراب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دروس «جاليليو» دروس «جاليليو»



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon