توقيت القاهرة المحلي 02:14:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دروس «جاليليو»

  مصر اليوم -

دروس «جاليليو»

بقلم - خالد منتصر

صدق برتراند راسل عندما قال: «كل النعم التى نعيشها الآن هى بفضل جاليليو»، لذلك كانت محاكمته أهم سطر فى كتاب تاريخ العلم، المحاكمة كانت على كتابه الحوار، والتهمة كانت الترويج لنظرية كوبرنيكوس بأن الشمس هى المركز، وأن الأرض هى التى تدور حولها وليس العكس.

ورغم أن كتاب جاليليو كان عبارة عن حوار بين النظامين، كوبرنيكوس وبطليموس، وقد راعى فيه التوازن بين الرأيين، واختبأ خلف السطور ولم يعلن رأيه صراحة، بل جعل النظريتين أو النظامين أمام القارئ وهو الذى يختار وينحاز تبعاً لاقتناعه وطبقاً لقوة حجة صاحب النظرية.

وهنا الدرس الأول المستفاد من تلك المحاكمة، فالكهنة الذين كانوا على المنصة، ورجال الدين الذين حاصروه بالاتهامات والذين ما زال لهم أحفاد عندنا يحاصروننا، أحفاد غيروا الرداء فقط، ولكنهم لم يغيروا الفكر، الدرس هو أنهم سيتربصون بك ويفتشون فى نيتك حتى لو كنت محايداً، فهم لا يريدون الرأى الآخر وينزعجون من مجرد طرحه، ولأن فكرتهم هشة ومنطقهم متهافت فهم يخافون ويرتعبون من المنطق العلمى، لذلك نجد حرباً ضروساً حتى فى علوم الدين ضد كل من يطرح آراء الفقهاء كلها ولا ينحاز لرأى محدد مسبقاً.

الدرس الثانى هو اعتبار العلم خصماً للدين، مكاسبه هى انتقاص من الدين، هوجم جاليليو فى تلك المحاكمة بضراوة على تلك النقطة، واعتبروه متعالياً عليهم بالعلم الذى يملكه، فالنص المقدس أو بالأصح تفسيرهم للنص المقدس يتماشى مع بطليموس وأرسطو، وهو التفسير المعتمد من الكنيسة آنذاك، لأن مركزية الأرض تعنى مركزية الإنسان.

ولن يسمح لجاليليو أن يخدش كرامة تلك المركزية الإنسانية، صدمهم جاليليو عندما أثبت لهم أن البديهى عندهم أو ما يتصورونه بديهياً ليس هو على الدوام الحقيقى والصادق، فالبديهى عندهم هو أن الجسم الأثقل يهبط أسرع، لكن بالتجربة أثبت لهم جاليليو كذب وتهافت بديهيتهم.

وكان الفيصل هو التجربة العلمية التى صارت عدوة لهم، تعريهم وتكشف خرافاتهم، قال لهم جاليليو المؤمن والذى لم يكن ملحداً، العلم عندى هو أقرب الطرق لحب الله ومعرفته، لكنهم كانوا يكرهون جاليليو ليس بسبب العلم، ولكن بسبب أنه سيسحب البساط من تحت البيزنس الدينى ويغلق بازاراتهم التى يبيعون فيها فدادين الجنة للمخدوعين.

الدرس الثالث كان مفاجأة، فقد كان البابا فى روما مؤيداً لرأى جاليليو، وهو الذى نصحه بتقديم الرأيين وعدم الإعلان عن نفسه، ووعده بأن يحميه ويدعمه، ولكن كل هذا كان فى الغرف المغلقة، وعندما خرج إلى النور، خذله البابا، وتم تسليمه إلى السجن، وإجباره على إنكار فعلته والاعتذار للكنيسة، ولكن الزمن أنصف جاليليو، ووقف البابا المختلف بعد قرون والذى غيرته وشكلته الحداثة العلمية الجديدة، وقف أمام الدنيا ليعتذر للعالم العجوز الذى أهين وضاع بصره ومرغت سمعته فى التراب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دروس «جاليليو» دروس «جاليليو»



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon