بقلم - خالد منتصر
لو كان نجيب سرور حياً بيننا اليوم، لكان قد قبل جبين صناع عرض ياسين وبهية جميعاً، وخاصم اكتئابه المزمن، وتصالح مع المستقبل، أمس الأول شاهدت عرضاً مسرحياً جميلاً ورائعاً برغم الإمكانيات والميزانية الفقيرة المتواضعة، بأيدى شباب يقودهم مخرج عمره ٢٥ سنة، ولكنه يمتلك خبرة وطموحاً وحماساً وثقافة تتجاوز ضعف هذه السنوات، يوسف مراد منير ابن المخرج الكبير مراد منير والفنانة الراحلة فايزة كمال، كيف أحس هذا الشاب مرهف الحس بهذا النص الصعب، الذى يتناول قصة من تراثنا الشعبى من الممكن أن تكون خارج اهتمامات هذا الجيل، قصة عشق ياسين وبهية التى تحطمت على صخرة جشع وتسلط الباشا، البعض سيقول قصة تقليدية استسهالاً، ولكن هذا الشاب اختار الصعب، وقرأ ما بين السطور، وبدعم من مدير المسرح الشاب الجرىء سامح بسيونى، استطاع تضفير عرض مسرحى مدهش، وتوليفة موسيقية من شعر نجيب سرور إلى جانب أغانى الشيخ إمام وسيد درويش، جعلتنا فى حالة نشوة مسرحية لمدة ساعتين، شباب ينطق لغة عربية صحيحة ومنضبطة، لا يوجد خروج على النص، تكوينات بصرية وجمالية شديدة العذوبة، ألحان موظفة للمسرح وليست زوائد رفاهية أو اكسسوار.اليوم شاهدت ممثلين لا بد أن تكتشفهم شركات الإنتاج الدرامى وتقدمهم على الشاشة وتدعمهم بشدة، منهم حازم القاضى وإيمان غنيم، ياسين وبهية، والرائعة آية أبوزيد الأم، والمخرج نفسه الذى أدى دور العم، وليلى مراد التى أدت دور الغجرية، ومطرب العرض فتحى ناصر.مصر ولادة يا جماعة، مصر فيها شباب وطاقات فنية رائعة، مصر فيها أكبر بئر نفطية ثقافية وفنية فى الدنيا، شكراً لكل صناع العرض من عازفين ومساعدى إخراج وإضاءة، أريدكم أن تملأوا صالة المسرح العائم فى المنيل، وهو مسرح الدولة الذى ليست لديه ميزانية للدعاية،وتصفقوا مثلى لهذا العرض الجميل، وتدعموا هذا الشباب الذين أحببتهم من كل قلبى، العرض يومياً ما عدا الثلاثاء، استمتعوا بالأب الشرعى للفنون، المسرح.