توقيت القاهرة المحلي 02:14:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السباحتان

  مصر اليوم -

السباحتان

بقلم - خالد منتصر

عندما تختلط دموع الشفقة على بنتين تهجران الوطن فى رحلة يكتنفها الموت بدموع الحماس، وواحدة من البنتين تكسب فى الأولمبياد، فأنت أمام فيلم يهزك من الداخل بإيقاع لاهث، فيلم إنسانى وأرى رغم هجوم البعض عليه بأنه لم يتعرّض للقضية السورية، أرى إنسانيته وبعده عن الإغراق فى جدل ولغط السياسة سر تميزه وروعته.

يسرا ماردينى السباحة التى انتصرت لوطنها التائه ولأبيها بطل السباحة الذى لم يستكمل طريق البطولة نتيجة تجنيده، انتصرت لأختها سارة، السباحة التى لم تتجاوز العادى إلى مستوى البطولة، انتصرت للاجئة الإريترية، التى فشلت فى الهرب إلى إنجلترا وعادت إلى بلادها، حتى مدربها الألمانى الذى لم يصل إلى البطولة، لأنه لم يسعَ يوماً للفوز.

ولكن لتجنّب الخسارة فقط، رحلة لملمة كل تلك الجراح النازفة والإحباطات المزمنة هى قصة هذا الفيلم الساحر الآسر بكل عناصره الفنية التى تلمس شغاف القلب والروح قبل العقل، رحلة الهروب فى هذا البحر الهادر، محاولة الهروب من قسوة برد الحدود فى اليونان وصربيا والمجر حتى الوصول إلى ألمانيا، وشراسة أنياب الكلاب البوليسية، وشراهة المهرّبين وجشعهم.. إلخ.

ليست قصة لاجئتين سوريتين فقط قدمتهما المخرجة سالى الحسينى، وإنما قصة مأساة اللاجئين بشكل عام، أكثر من 2 مليون لاجئ سورى، وأكثر من 30 مليون لاجئ من كل بلاد العالم، لخّصت مأساتهم «يسرا وسارة الماردينى»، وإذا كانت مهارة السباحة قد أنقذتهما من مصير الموت غرقاً فى البحر، فقد ابتلع البحر الآلاف ممن تاهوا فى البحر وفشلوا فى اجتياز أى سور، ماتوا وهم يطفون جثثاً تأكل أشلاءهم أسماك القرش وما تبقى من هياكلهم حط على الشاطئ الآخر البعيد يحمل رسالة إلى العالم ها نحن ضحايا صراعاتكم وحروبكم وبيزنس أسلحتكم.

استطاعت «يسرا» الوصول إلى أولمبياد ريو باسم منتخب اللاجئين، وكانت تتمنى تمثيل بلدها سوريا ورفع علم وطنها الذى مزقته الحروب والطائفية، لكنها لم تستطع، فى رحلة الهروب ألقت بميدالياتها فى البحر، ثم ألقت بنفسها هى وشقيقتها لتخفيف الحمولة عن قارب الموت، تحرّش بها ممثل السلطة فى بلدها، وحاول المهرّب اغتصابها، تلك الجروح لم تندمل وتركت ندبات فى الروح، الفيلم على المستوى الفنى من إخراج وتصوير وإضاءة وتمثيل رائع.

وأعجبتنى اللقطات الواسعة الرحبة للقارب فى البحر تتقاذفه الأمواج وكأنه لعبة، وأيضاً صفوف الكرافانات التى يبيت فيها اللاجئون فى ألمانيا التى استقبلتهم وقتها بترحاب، وكانت الدولة الوحيدة التى احتضنتهم فى تلك الظروف الطاحنة والمأساوية.

فيلم يستحق المشاهدة ويستحق الاحتفاء.

وجبة فنية دسمة وممتعة أنصحكم أن تشاركونى إياها.

   

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السباحتان السباحتان



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon