توقيت القاهرة المحلي 11:21:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مصطفى محمود وسيرة التحولات

  مصر اليوم -

مصطفى محمود وسيرة التحولات

بقلم - خالد منتصر

التصدى للكتابة عن مصطفى محمود مغامرة تحتاج مثقفاً منقباً وباحثاً مدققاً يمتلك الفضول الصحفى إلى جانب العمق التحليلى والقدرة على ربط التفاصيل المتناثرة، وقد تجمعت تلك الصفات فى الكاتب الصحفى «وائل لطفى» الذى كتب عن مصطفى محمود بنفَس روائى وحس إبداعى تخيل فيه مصطفى محمود محدثاً لنا بالبوح عن سر تحولاته من العالم الآخر، كتاب أو رواية «اسمى مصطفى محمود.. سيرة التحولات» الصادر عن دار كلمة، محاولة لرصد تحولات وطن من خلال تحولات شخص، لم يكن شخصاً عادياً من آحاد الناس، بل هو مبدع فنان كاتب محب للعلم وطبيب ومقدم أشهر برنامج تليفزيونى فى عصره وصحفى كان ملء السمع والبصر، تلك الرواية مسَّتنى شخصياً لأننى كنت فى فترة مراهقتى منوماً مغناطيسياً بتأثير هذا الرجل الفذ الذكى، كنت أتعمد الإمساك بكتاب من كتبه عند خروجى لأظهر للجميع أننى قارئ لمصطفى محمود، وأستخدم مصطلحاته بافتعال فى أى نقاش حتى ولو كان بعيداً عن موضوع الكتاب!

ثم بعد فترة اكتشفت كمّ التناقضات والمغالطات فى تلك الكتب، ثم بعد عودتى لقراءة قصصه القصيرة وكتابه الأول المصادر «الله والإنسان»، وجدته قد صادر الفنان الحقيقى الرائع الذى بداخله لصالح الانحياز السياسى الذى انخرط فيه والذى أوضحت الرواية أسبابه، حاول وائل لطفى فى تلك الرواية فك خيوط بكرة التريكو المشتبكة المعقدة فى تناقضات وتحولات مصطفى محمود، من اليسار والإلحاد والإحساس بعبثية الحياة، إلى الصوفية وتجارة الإعجاز العلمى وترسيخ أعمدة تحالف نظام السادات مع الإسلام السياسى، تحدث عن الجزء الشخصى فى تربية مصطفى محمود وعلاقته بأبيه الطيب وأمه الصارمة، مروراً بضعف بنيته الجسدية ومرضه المزمن، ثم إحساس الغيرة الناتج عن أنه برغم ثقافته العريضة وقراءته الفلسفية وتبحره فى المجالات العلمية وتميزه عن كافة الصحفيين فيها، برغم كل ذلك فهو مهمش وغير مقرب من دائرة «عبدالناصر»، قرر أن يكون «هيكل» السادات، وكان مستبصراً وواعياً بذلك بل ومخططاً، اقترب من «السادات» كصديق وبدأ رحلة التحول وظهر الوجه الآخر، اكتسب النجومية الطاغية ولكنه فقد طعمه الفنى المتميز، ولكنه بالرغم من ذلك لم يحز إعجاب تيار الإسلام السياسى الذى شارك هو فى التمهيد له بمقالاته النارية عن اليسار والماركسية والإعجاز، فهاجمه الشيخ كشك هجوماً عنيفاً، ولاحقته ألسنة وبلاغات وتحريضات هذا التيار بعدما أعلن رأيه الشهير فى الشفاعة والذى أثار عاصفة حينذاك، وللأسف لم يحز إعجاب مبارك أو بالأصح لم ينَل نفس الحظوة الساداتية عنده، ووصل الصدام ذروته بمنع برنامجه على التليفزيون ومقاله فى «الأهرام»، وبدأت رحلة العزلة والانزواء التى انتهت بمرض ألزهايمر فنسى الناس وتناساه الناس.

محضر جرد روائى نفسى واجتماعى وسياسى لتلك التحولات والتناقضات العنيفة فى صاحب هذا الصوت الهادئ وكأنه الهمس، الأسلوب تلغرافى لاهث الإيقاع، أجرى وائل لطفى بلغة الطب مسحاً بالرنين المغناطيسى لهذا المثقف الذى لا تعرف أن تصنف تحولاته العنيفة والحادة، هل هى لأنه ضحية تناقضات ذلك الزمن، أم أنها مسئوليته المباشرة والتى اختار فيها بريق المكسب المادى تاركاً المكسب الفنى جانباً بدعوى تبريرات وتحت لافتات دينية، مثلما طلب من عبدالوهاب إعلان توبته لأنه لن يقابل ربنا بأغنية «بلاش تبوسنى فى عينيا»، إنها سيرة مؤلمة ولها دلالات أوسع وأرحب من مجرد التفاصيل الشخصية، إنها سيرة كثير من الموهوبين الذين يفرطون فى موهبتهم أو يستخدمونها فى غير مكانها الصحيح.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصطفى محمود وسيرة التحولات مصطفى محمود وسيرة التحولات



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 09:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
  مصر اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ حماس

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب

GMT 11:04 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

منة فضالي جمهورها بمناسبة عيد الأضحى

GMT 20:31 2021 الثلاثاء ,01 حزيران / يونيو

وادي دجلة يكشف خطة الفريق للبقاء في الدوري الممتاز

GMT 09:26 2021 الأربعاء ,12 أيار / مايو

"الفيفا" يعلن مواعيد مباريات تصفيات كأس العرب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon