توقيت القاهرة المحلي 07:21:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نصر أكتوبر صنعه المصريون

  مصر اليوم -

نصر أكتوبر صنعه المصريون

بقلم - خالد منتصر

هل حرب أكتوبر كانت مجرد معركة عسكرية بين خصمين، أم معركة فكرية بين ثقافتين؟، هل التغيير فى نوعية السلاح هو الذى صنع النصر فقط، أم أن التغيير تجاوز ذلك إلى نوعية الفكر ونوعية المقاتل؟ هذا هو السؤال المهم الذى يمكّننا من استيعاب الدروس المستفادة التى تجعلنا نصنع «6 أكتوبر» جديداً على مستوى الاقتصاد، وعلى مستوى الثقافة، وعلى مستوى السياسة، وعلى مستوى العدالة الاجتماعية، مقارنة فكر 6 أكتوبر، الذى صنع النصر والعزة والنور، بفكر الإخوان، الذى صنع الخيبة والعار والظلام، هى مقارنة مهمة بأن صانع نصر 6 أكتوبر هو تغيير نمط الفكر، وإليكم بعض الأمثلة: المنهج العلمى فى التفكير مقابل المنهج الغيبى الأسطورى، فقد حاول بعض الدعاة وقتها الترويج لأسطورة أن الملائكة هى التى حاربت، وأنهم قد رأوا ذلك بأنفسهم، وهو نفس مفهوم أن جبريل هبط فى رابعة وساند المعتصمين حتى يعود المرسى المنتظر!، ولكن الحقيقة أن المنهج العلمى الذى اتبعه الجيش فى التخطيط للحرب منذ الاستنزاف وبناء جيش جديد على أسس جديدة هو الذى صنع النصر، وأن استيعاب الدرس من العدو ليس عيباً، فإسرائيل لم تعتمد على الملائكة لهزيمتنا فى ستة أيام فى حرب يونيو ١٩٦٧، ولكنها اعتمدت على العلم، كانت البداية هى المقاتل ونوعية المجند الجديد، فلا يعقل أن يتحكم فى صاروخ سام 6 مجند أمى لا يقرأ ولا يكتب، ولذلك بدأت المؤهلات العليا توظف فى أماكنها الصحيحة فى الجيش المصرى، بدأ العلم يحل محل العشوائية التى كانت السبب الرئيسى فى هزيمتنا فى 67.

فكر الإصرار والعزيمة والتخطيط والابتكار، مقابل فكر اليأس والتواكل والعشوائية والتقليد، فالسد المنيع الذى اسمه خط بارليف لم يزرع ويبث اليأس قط فى الجيش المصرى، ومهما كان حجم المشكلة، فلا بد أن تجد لها حلاً على أرض الواقع وألا تكتفى بمجرد الدعاء والتوسل مثلما كان يفعل الإخوان الذين كانوا يقنعوننا بفشل «مرسى» على أنه قمة النجاح ويروجون له على أنه معجزة لمجرد أنه رئيس يصلى، رغم أن الصلاة لم تهبط على المصريين فى زمن مرسى، وبالرغم من أن حكاماً ديكتاتوريين فاشيين جلسوا على عرش مصر كانوا يصلون أيضاً، ابتكر الفكرة مهندس مسيحى، وهذا المهندس طبقاً لتفكير الإخوان لا يولى ولا يسمح له بالتفكير من أساسه، فضلاً عن تنفيذ آثار هذا التفكير!، ولكن الجيش احترم ابتكاره ونفذه وانتصر به.

فى النهاية لا بد من استحضار معركة وكلمات د. فؤاد زكريا ضد الشيخ د. عبدالحليم محمود لكى نستوعب الدرس، فعقب انتصار الجيش المصرى فى حرب أكتوبر 1973، قال د. عبدالحليم محمود إن السبب فى النصر «محاربة الملائكة مع الجنود ضد إسرائيل»، ما دفع فؤاد زكريا للرد عليه فى مقال بصحيفة «الأهرام» بعنوان «معركتنا والتفكير اللا عقلى»، قال فيه إن الوقفة الصامدة التى وقفها الإنسان المصرى بسيناء فى أول مواجهة حقيقية له مع العدو كانت ثمرة العلم والإيمان، العلم يتمثل فى الإعداد الصامت الدؤوب ليوم المعركة، والتدريبات الشاقة العميقة، والقدرة الفائقة على استخدام أحدث الأسلحة، وذلك التخطيط الذى أصبح من ذلك الحين موضوعاً للدراسة فى المعاهد العسكرية والاستراتيجية، وأما الإيمان فكان يتمثل فى تلك الرغبة الجارفة التى ازدادت فى كل يوم إلحاحاً طوال ست سنوات فى تحرير قطعة عزيزة من أرض الوطن، وفى تبديد خرافة «الجيش الإسرائيلى الذى لا يُقهر، والجيوش العربية التى تفر من أول طلقة»، وفى مسح عار 1967، والأهم من ذلك كله الإيمان بأن هناك قضية عادلة تستحق أن يضحى المرء بحياته من أجلها، وهؤلاء جميعاً كانوا «جنود الخفاء» الذين وقفوا يحاربون معنا، وختم «زكريا» مقاله قائلاً: «أعتقد أن تمسكنا بالارتكاز على أرض العقل الراسخة يعطينا سلاحاً هائلاً فى معركتنا، على حين أن عودتنا إلى ضباب اللا معقول، وإلى التعليلات الخرافية والأسطورية، تجعلنا نقف معنوياً على نفس الأرض الهشة التى يقف عليها أعداؤنا.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نصر أكتوبر صنعه المصريون نصر أكتوبر صنعه المصريون



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 04:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم
  مصر اليوم - القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب

GMT 11:04 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

منة فضالي جمهورها بمناسبة عيد الأضحى

GMT 20:31 2021 الثلاثاء ,01 حزيران / يونيو

وادي دجلة يكشف خطة الفريق للبقاء في الدوري الممتاز

GMT 09:26 2021 الأربعاء ,12 أيار / مايو

"الفيفا" يعلن مواعيد مباريات تصفيات كأس العرب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon