بقلم - خالد منتصر
يرحل المخرج التليفزيوني الكبير جميل المغازي بعد رحلة طويلة مع العمل التليفزيوني الذي قدم فيه تأريخ لمصر في مرحلة فكرية وثقافية من أهم مراحلها، كانت لديه شركة الانتاج الخاصة به الى جانب عمله في ماسبيرو، وأنتج حلقات خاصة به، شاهدتها وذهبت الى بيته في صومعته على سطح عمارة في شارع أحمد عرابي بالمهندسين، وكنت في غاية الانبهار والدهشة وأنا أشاهد كل هذا الكم من الكنوز في هذا المكان، وأستمع اليه وهو يحكي عن كواليس كل لقاء.
واقترحت عليه ألا يكون عرض تلك الحلقات كما هي ولكن لابد من عرضها بعد ربط قضاياها بقضايا الحاضر، وعرضت عليه عدة نماذج وأفكار وكان معنا الصديق الصحفي أيمن الحكيم، وكان متحمساً أن أقدمها بهذا التصور، وعرضت على كثيرين الاستفادة من تلك الكنوز، ولكن محاولاتي باءت بالفشل.
شاهدت عنده حلقات مع يوسف ادريس ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم واحسان عبد القدوس وصلاح أبو سيف ومصطفى أمين وتقريباً كل نجوم مصر من الفنانين الكبار، باختصار ذاكرة مصر الثقافية والفنية بدون مبالغة كانت في تلك الشرائط، كان ما يميز جميل المغازي هو كم الثقافة والاطلاع، ومعرفته بقيمة ما يفعله، وبقيمة تلك القمم، والتي كان يحتمل بعض الشطط والعصبية والتقلب في تصرفاتهم والتي هي عادية عند كثير من المبدعين.
رحم الله جميل المغازي الذي كان أميناً على تلك الذاكرة التي أتمنى أن تستغل كما تمنى.