توقيت القاهرة المحلي 21:39:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما قد يحدث فى ليبيا غدا

  مصر اليوم -

ما قد يحدث فى ليبيا غدا

بقلم :عبد الله السناوي

لم يكن هناك من هو مستعد أن يتحمل مسئولية إعلان تعطيل الانتخابات الرئاسية والنيابية المتزامنة فى ليبيا خشية أية عقوبات دولية تلحق به.
ظل قرار التعطيل معلقا على فراغ المسئولية دون إعلان رسمى حتى بعد أن فات الموعد المقرر.
كان ذلك تعبيرا عن فشل ذريع لحق الخطة الأممية لانتشال ليبيا من حربها الأهلية الممتدة على مدى أكثر من عشر سنوات منذ إطاحة نظام العقيد «معمر القذافى».
لم تتحدث حكومة الوحدة الوطنية إلى شعبها، ولا كان لديها ما تقوله، باستثناء ما ألمح إليه رئيسها «عبدالحميد الدبيبة» من أنه باق فى السلطة لتصريف الأعمال!
كان ذلك تعلقا بالسلطة أكثر من الالتزام بالدور الذى يخوله الإشراف على الانتخابات وضمان حسن سيرها.
بفشل خارطة الطريق انتهى دور «الدبيبة»، الذى اختير فى (21) سبتمبر (2021) رئيسا لحكومة الوحدة الوطنية.
فقد الدور قيمته ومعناه وبقى المنصب مطروحا على جدول أعمال المنازعات الداخلية الطاحنة.
على الأغلب لن يزكى البرلمان أية أدوار مستقبلية لـ«الدبيبة»، وقد يرشح رجلا آخر لرئاسة الحكومة، وتعود الحياة السياسية الليبية إلى نقطة الصفر، برلمان شرعيته مشكوك فيها، وحكومتان تدعيان تمثيل الشعب الليبى، وموارد نفطية تنهب وأمن يتبدد مجددا.
أزمة شرعية البرلمان سوف تزداد وطأتها بعد تعطيل الانتخابات، فدوره كان قد انتهى بانتظار نتائج الانتخابات وإعلان تشكيل برلمان جديد.
هو الآن مدعو للانعقاد للنظر فى خارطة طريق جديدة، رغم أنه لم يكن له دور فى صياغة خارطة الطريق السابقة!
لم يكن لدى الممثلة الأممية «ستيفانى وليامز» بدورها ما تقوله، كأنه ليس من صميم دورها أن تتابع إجراءات الانتخابات وضمان نزاهتها وتعبيرها عن الإرادة الحرة للشعب الليبى باستثناء أنه يجب إجراؤها «فى الظروف المناسبة»!
بدا ذلك التصريح تعبيرا عن حالة شلل سياسى.
ما الظروف المناسبة إذن لإجراء الانتخابات؟.. وهل يمكن أن تعقد فعلا بعد شهر على ما دعت المفوضية الوطنية للانتخابات إذا لم تكن الظروف مناسبة؟
الأهم من ذلك كله.. ليبيا إلى أين؟
إنها لحظة انكشاف كامل أمام المخاطر المستجدة.
لم يكن من حق المفوضية الوطنية للانتخابات إعلان تأجيلها، ولا من حقها إعلان موعد جديد، فدورها إجرائى لا سياسى.
حلت إداراتها ولجانها الفنية دون الرجوع إلى أى مستوى سياسى أو برلمانى، وهذا يتجاوز أية صلاحية وأدوار منسوبة لها.
كان مثيرا أن تتحدث عن «قوة قاهرة» تعطل إجراء الانتخابات فى موعدها دون أن تذكر ما هى بالضبط؟!
بعبارات عامة أرجعت استحالة إجراء الانتخابات إلى «التداخل القائم بين المعطيات السياسية والأحكام القضائية بشأن أهلية المترشحين».
كانت تلك من المعضلات التى انطوت عليها العملية الانتخابية المفترضة وأنذرت مبكرا بفشلها.
لم يكن ممكنا تأسيس أية شرعية دون مصالحات واسعة توحد مؤسسات الدولة، ولا هو من الممكن إجراء انتخابات عامة بمنطق الإقصاء والاستبعاد.
طوت إسبانيا صفحة حربها الأهلية التى استهلكتها بين عامى (1936) و(1939) بانتخابات حرة ونزيهة أفضت إلى صعود الاشتراكيين الطرف الخاسر فى تلك الحرب.
هذا مثال للتجارب الديمقراطية بعد حروب أهلية.
كما نجح لبنان فى طى صفحة حربه الأهلية بين عامى (1975) و(1990) بمصالحات وأنصاف حلول ليس من بينها الإقصاء والاستبعاد فى الانتخابات العامة.
وهذا مثال آخر من عالمنا العربى.
فكرة الإقصاء والاستبعاد منعت موضوعيا إمكانية التوصل إلى «قائمة نهائية» للمترشحين فى الانتخابات الليبية، ولا بمباشرة الحملة الانتخابية.
هكذا فشلت الانتخابات قبل أن تبدأ.
لم يكن الإقصاء والاستبعاد خيارا لطرف واحد، الأطراف المتنازعة حاولت كلها بدرجات مختلفة ووسائل متعددة أن تملى إرادتها المسبقة على مليونى ونصف المليون ليبى لهم حق الانتخاب فيمن يتولى منصب رئيس الجمهورية.
بافتراض أن الانتخابات أجريت فعلا بلا دستور أو قواعد قانونية متوافق عليها فإنها مشروع حرب أهلية جديدة، الطرف الفائز ربما يعتقد أنه قد حصل على تفويض بتصفية الحسابات القديمة من موقع السلطة، والطرف الخاسر سوف يسارع برفع السلاح.
هكذا أعلن «خالد المشرى» رئيس المجلس الأعلى للدولة أنه لن يعترف بنتائج الانتخابات إذا أفضت إلى فوز المشير «خليفة حفتر» أو «سيف الإسلام القذافى» ملوحا باستخدام العنف لمنع هذين الاحتمالين.
كان مستلفتا أنه يتحدث بصفة انتفت بعد انتخاب «محمد المنفى» رئيسا للمجلس الرئاسى، يلتقى مسئولين دوليين ويتداول معهم باسم مؤسسة غير موجودة قانونيا لكن من يقف خلفها من جماعة «الإخوان المسلمين» حاضرون فى المشهد بتمركزات مسلحة داخل العاصمة طرابلس.
أحد أسباب «المشرى» فى طلب الإقصاء خشيته من خسارة جماعته الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة، كما حدث من قبل فى انتخابات (25) يونيو (2014)، التى أسفرت عن اكتساح الشخصيات الوطنية والمستقلة مقاعد البرلمان.
ثم كان لافتا فى تصريحاته تأكيده على أن السلطات المنتخبة وحدها من تحدد بقاء القوات التى جاءت ليبيا بقرار من حكومة «فايز السراج» ــ قاصدا القوات التركية والمرتزقة المجلبون من سوريا.
المعنى أنه إذا لم تكن هناك انتخابات، ولا سلطات منتخبة، فإن بقاء تلك القوات أبدى رغم الإجماع الدولى على ضرورة سحبها قبل أية انتخابات لضمان سلامتها ونزاهتها.
لم تكن الفوضى المسلحة فى طرابلس بالاستنفار العسكرى وإغلاق الطرقات قبل الموعد الانتخابى من مصادفات الحوادث، فقد كانت مقصودة لمنع الانتخابات، أو جعل كلفتها باهظة، والعودة إلى الحرب الأهلية محتملة.
يعود فشل خارطة الطريق الأممية إلى تصميمها ذاته، الذى تصور أن الانتخابات وحدها تؤسس لشرعية دون أن تستند إلى حقائق دستورية وأمنية.
إذا لم يجر إصلاح دستورى بتوافق وطنى واسع وتوحيد المؤسستين العسكرية والأمنية وتفكيك الميليشيات فإن أية خارطة طريق جديدة لا تقدر على إجراء أية انتخابات.
هذا كله فوق طاقة المجلس النيابى، وأية أشباه مؤسسات أخرى ماثلة فى المشهد، إذا لم تستند على إرادة دولية أكثر جدية وحزما فى إنفاذ قراراتها.
فى اللحظة الراهنة القوى الدولية الكبرى مشغولة بما يحدث فى أزمتى أوكرانيا والمشروع النووى الإيرانى المتفاقمتين باحتمالات الانزلاق إلى مواجهات عسكرية.
الأزمة الليبية مؤجلة إلى حين إشعار آخر.
هذه مأساة أخرى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما قد يحدث فى ليبيا غدا ما قد يحدث فى ليبيا غدا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon