توقيت القاهرة المحلي 20:40:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سؤال الدولة الفلسطينية المراوغ!

  مصر اليوم -

سؤال الدولة الفلسطينية المراوغ

بقلم - عبد الله السناوي

مرة بعد أخرى، وحقبة بعد أخرى يطرح سؤال الدولة الفلسطينية نفسه دون أن تتبدى أية فرص ملموسة، أو خطط متماسكة على الأرض، حتى بدا الكلام كله أقرب إلى التهويمات المراوغة.
فى الحرب على غزة تأكد للعالم أنه لا يمكن إلغاء القضية الفلسطينية، أو القفز فوق جذور الصراع وأسبابه.
بإلحاح ظاهر جرى الحديث مجددا عن «حل الدولتين»، وأنه لا أمن ولا استقرار فى المنطقة دون أن تكون للفلسطينيين دولة معترف بها دوليا تعيش بسلام مع إسرائيل.
لم تتخلف دولة واحدة فى العالم عن تبنى ذلك الحل، الذى تقادمت عليه السنين والحروب دون أن يجد طريقة للتنفيذ.
البحث عن حلول سياسية من طبيعة ما بعد الحروب.
المعضلة ــ هنا ــ أن إسرائيل غير مستعدة لتقديم أى تنازلات قد ينظر إليها على أنها اعتراف بالهزيمة فى غزة، وأن ما لديها من فوائض قوة عسكرية ودعم أمريكى مفتوح يمكنها من تمديد العدوان بذريعة تقويض «حماس» واستعادة الأسرى والرهائن دون أثمان باهظة.
رغم الانقسام السياسى والمجتمعى فى إسرائيل حول أهداف الحرب والقدرة على تحقيقها، إلا أن الكنيست قرر بما يشبه الإجماع النادر رفض إقدام أية دولة فى العالم على الاعتراف بدولة فلسطينية، أو أن تكون كاملة العضوية فى الأمم المتحدة كـ«خطوة أولى لاتفاقية سلام شاملة مع إسرائيل».
بدا مستلفتا أن (99) من (120) عضوا فى الكنيست، صوتوا لصالح ذلك القرار.
الكنيست كله باستثناء النواب العرب ونواب حزب العمل، الذين تغيبوا عن تلك الجلسة الخاصة.
شبه الإجماع يعنى المصادرة المسبقة لأية فرصة حل تعطى الفلسطينيين شيئا من حقوقهم المشروعة وفق المرجعيات الدولية.
بنص عبارة «بنيامين نتنياهو»: «إنه رسالة للمجتمع الدولى، ترفض أية إملاءات، أو أية خطوة أحادية، لكن إسرائيل تريد السلام على أن يتم التفاوض وجها لوجه بعد الانتصار على حماس».
لا يتسق حرف مع آخر فى تلك العبارة الملغمة.
فهو يستهدف ــ أولاــ الحليف الأمريكى الأكثر إلحاحا على حل الدولتين دون أن تكون لديه خطة معلنة.
ثم إنه يعمم الرسالة حتى لا تفكر دولة أخرى فى اتخاذ أية خطوة للاعتراف بالدولة الفلسطينية من طرف واحد، قاصدا دولا أوروبية بعينها أعربت عن ذلك التوجه.
يستهدف ــ ثانيا ــ تمديد العدوان على غزة وتوسيع نطاق الحرب على الجبهة اللبنانية بذريعة حماية أمن إسرائيل المتهم هو نفسه داخليا بالمسئولية الكاملة عما جرى فى السابع من أكتوبر (2023).
ويستهدف ــ ثالثا ــ مصادرة أية فرصة لصفقة جديدة يجرى بمقتضاها تبادل الأسرى والرهائن فى هدنة طويلة الأمد، كما إدخال مساعدات إنسانية عاجلة للقطاع المحاصر، الذى يتعرض لمجاعة منهجية وحرب إبادة.
إنه الضغط الإنسانى والعسكرى معا لتخفيف شروط المقاومة الفلسطينية لعقد صفقة محتملة يجرى التفاوض عليها.
كان مستلفتا فى ذلك التصريح حديثه عن السلام، قاصدا ما يقوله دوما ويؤكد عليه: «السلام مقابل السلام»، أو ألا تكون هناك دولة فلسطينية.
إذا ما كان يطلب تقويض المقاومة المسلحة، فمع من يجرى الحديث وجها لوجه؟
إذا كان هو نفسه يرفض أن تكون للسلطة الفلسطينية أى أدوار فى خطة واشنطن لليوم التالى، فما المقصود بالتفاوض وجها لوجه؟
«الدولة.. يا رب».
كان ذلك دعاء باكيا للزعيم الفلسطينى الراحل «ياسر عرفات»، وهو يمسك بأستار الكعبة المشرفة، على ما روى ذات مرة المفكر القومى الراحل الدكتور «عصمت سيف الدولة».
إثر الانتفاضة الفلسطينية الأولى، التى انفجرت بغضبها وحجارتها، فى (8) ديسمبر (1987) تصورت أطراف دولية نافذة و«عرفات» نفسه، أن هناك فرصة ما لـ«حل الدولتين».
فى (15) نوفمبر من العام التالى (1988) أعلن «عرفات» من فوق منصة المجلس الوطنى الفلسطينى، الذى انعقد فى قصر «الصنوبر» بالجزائر العاصمة، دولة فلسطينية من طرف واحد.
استند إعلان الدولة ــ كما جاء فى الوثيقة التى صاغها الشاعر الفلسطينى «محمود درويش» ــ إلى: «الحق الطبيعى والتاريخى والقانونى للشعب الفلسطينى فى وطنه وقرارات القمم العربية وقوة الشرعية الدولية وممارسة الشعب الفلسطينى لحقه فى تقرير المصير والاستقلال السياسى والسيادة فوق أرضه».
لم تكن هذه المرة الأولى التى يعلن فيها الفلسطينيون الاستقلال من طرف واحد.
إبان الحرب العربية الإسرائيلية الأولى عام (1948) أعلنت فى غزة دولة باسم «حكومة عموم فلسطين» حسب قرار التقسيم، الذى أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
فى ظل التحولات العاصفة ببنية النظام الدولى بعد انهيار الاتحاد السوفييتى جرت الدعوة عام (1991) إلى مؤتمر سلام فى مدريد ضم دولا عربية مع إسرائيل، لكنه لم يسفر عن شىء وجرى القفز إلى التفاوض السرى فى أوسلو والتوصل إلى اتفاق أنشئت بمقتضاه سلطة فلسطينية!
لم يسبق فى التاريخ السياسى الحديث أن تولت حركة تحرير السلطة قبل أن تحرر أراضيها، وتعرف حدودها، وتنشئ قواعد سيادتها الكاملة عليها، أو على جزء منها كنقطة انطلاق لاستكمال مهمتها فى تحرير بقية الأراضى المحتلة.
صممت «أوسلو» على نحو يسمح للاحتلال بالبقاء بأقل التكاليف السياسية، وألا تكون هناك فى النهاية دولة فلسطينية.
جرت المفاوضات فى «أوسلو» من الفريق الفلسطينى بلا خطة أو خرائط، ودون أن يتقن أعضاؤه اللغة الإنجليزية التى يتفاوضون بها – بتوصيف المفكر الفلسطينى «إدوارد سعيد».
مزقت إسرائيل الاتفاقية التى وقعت عليها، توسعت فى بناء المستوطنات، وبنت جدارا عنصريا يمزق الأرض ويحيل ما تبقى من فلسطين التاريخية إلى أشلاء، ومع ذلك أخذ الفرقاء الفلسطينيون يتصارعون على أشلاء وطن وأطلال سلطة حتى وصلنا إلى الأفق المستغلق الذى تصور معه كثيرون أن القضية الفلسطينية تكاد أن تكون قد دخلت دفاتر النسيان.
بانسداد الأفق السياسى الآن أمام حل الدولتين، وشبه استحالة حل الدولة الواحدة، دولة كل مواطنيها، بالنظر إلى سياسات الفصل العنصرى التى يتبناها اليمين الإسرائيلى المهيمن، فإنه من الأرجح أن تتجدد وتتسع الانفجارات، التى قد تشمل الإقليم كله، دون توقف عن المراوغات الدبلوماسية باسم «حل الدولتين».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سؤال الدولة الفلسطينية المراوغ سؤال الدولة الفلسطينية المراوغ



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 00:02 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
  مصر اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 11:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 20:30 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

جماعة الحوثي تعلن تنفيذ 3 هجمات على أهداف حيوية في إسرائيل
  مصر اليوم - جماعة الحوثي تعلن تنفيذ 3 هجمات على أهداف حيوية في إسرائيل

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة
  مصر اليوم - سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:00 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العلماء الروس يطورون طائرة مسيّرة لمراقبة حرائق الغابات

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 20:12 2024 الخميس ,15 آب / أغسطس

عمر كمال يوجه رسالة مؤثرة لأحمد رفعت

GMT 10:00 2016 الأربعاء ,09 آذار/ مارس

إصبع ذكي يعيد حاسة اللمس للاصابع المبتورة

GMT 23:53 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

مصمم مغربي يطرح تشكيلة راقية من القفطان الربيعي لموسم 2016

GMT 05:09 2015 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

توثيق ازدهار ونهاية مؤسس "داعش" أبو مصعب الزرقاوي

GMT 21:24 2017 السبت ,09 أيلول / سبتمبر

5 مواقف فتحت النار على سهير رمزي بعد خلع الحجاب

GMT 05:22 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

خبيرة موضة تقدم نصائح لارتداء فساتين الصيف خلال الشتاء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon