توقيت القاهرة المحلي 16:35:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حرب غزة.. ما بعد الهدنة الموقوتة

  مصر اليوم -

حرب غزة ما بعد الهدنة الموقوتة

بقلم - عبد الله السناوي

بتوصيف ما لصفقة تبادل الأسرى والرهائن فإنها أكبر من هدنة إنسانية وأقل من وقف إطلاق نار مستدام.
إنها بالضبط هدنة موقوتة، مرشحة للانفجار فى أية لحظة.. وسيناريوهات ما بعدها مفتوحة على رهانات متناقضة.
الهدنة فرصة التقاط أنفاس لأربعة أيام عنوانها الرئيسى: «إدخال معونات ومساعدات غذائية وطبية وإمدادات وقود إلى القطاع المحاصر».
هذا مطلب دولى ضاغط وملح على الضمير الإنسانى.
تمديد الهدنة خيار شبه إجبارى لاستكمال صفقة الأسرى والرهائن، التى ينص الاتفاق أن تكون على مرحلتين على الأقل.
أولاهما، الإفراج عن الأطفال والنساء، وهذه أولوية ذات طابع إنسانى.
وثانيتهما، ملغمة بالحسابات والتعقيدات السياسية وردات أفعالها، حيث تطلب «حماس» تنظيف السجون الإسرائيلية من الاسرى الفلسطينيين مقابل الإفراج عن العسكريين الإسرائيليين.
لكل فعل حساب سياسى.
بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتانياهو» فإن الصفقة قد تفضى تداعياتها إلى تقويض أية فرصة أمامه للبقاء فى موقعه.
حسب استطلاعات الرأى الإسرائيلية فإن شعبيته تهاوت لأدنى مستوياتها بعد السابع من أكتوبر.
من المرجح أن يخسر حزبه «الليكود» أول انتخابات مقبلة، وقد تسحب الثقة من حكومته إذا ما طرحت الثقة عليها أمام الكنيست.
توصف الحرب على غزة بأنها «حرب نتانياهو»، فهو يطلب تمديدها آملا فى علامة نصر تساعده على تجديد الثقة به.. لكنه يصطدم بحقائق لا يستطيع تجاهلها، أو يقدر على تحديها.
هناك أزمة مماثلة تعترض الرئيس الأمريكى «جو بايدن»، الذى يطمح لتجديد ولايته فى الانتخابات الرئاسية المقبلة.
شعبيته انخفضت على خلفية حرب غزة بصورة تستدعى المراجعة حتى لا يخسر فرصه الانتخابية، فقطاعات واسعة داخل حزبه الديمقراطى خاصة فى جناحه اليسارى والأمريكيون السود وبعض جماعات اليهود تنتقد إدارته للحرب فى غزة.
كما اهتزت صورة بلاده فى منطقة الشرق الأوسط بما ينذر بتقوض سمعتها وهيبتها والثقة فيها كما لم يحدث من قبل.
بأى نظر فى التفاعلات والتداعيات المحتملة فإن الدور الأمريكى سوف يكون جوهريا فى تقرير ما بعدها.
الهدنة الموقوتة تسمح بمسارين متناقضين، أن تكون خطوة لإيقاف الحرب، أو أن تكون محطة لتصعيدها.
لكل مسار تكاليفه وأثمانه وتداعياته على الصراع العربى الإسرائيلى، كما على مستقبل الشرق الأوسط كله.
مسار التهدئة ووقف إطلاق النار يحظى بمقبولية دولية وإقليمية واسعة، لكنه قد ينظر إليه إسرائيليا، كما لو كان إقرارا بالهزيمة فى حرب سعت إلى رد اعتبار جيشها، واجتثاث «حماس» وإعادة الأسرى والرهائن دون دفع أثمان باهظة.
مسار العودة للحرب ملغم هو الآخر بحساباته وتعقيداته.
لا أحد له الحد الأدنى من الإنسانية مستعد أن يشهد صامتا مرة أخرى جرائم الحرب المروعة فى غزة.
القرار الحاسم فى مسار التداعيات تصنعه ديناميات الرأى العام الدولى، الذى روعته مشاهد حرب الإبادة، وعمت تظاهراته واحتجاجاته المدن الغربية الكبرى.
بالأرقام هناك أكثر من (15) آلف شهيد مدنى والمصابين تجاوزوا الـ(30) ألفا فضلا عن آلاف المفقودين تحت الأنقاض.
لا يمكن صد، أو تجاهل، ذلك الرادع الإنسانى بلا عواقب سياسية باهظة غير محتملة.
يصعب أن تتحدى الدول الغربية، التى وفرت غطاء سياسيا وعسكريا لآلة الحرب الإسرائيلية إرادة قطاعات واسعة من مواطنيها، التى تدعو إلى وقف المجازر بحق الفلسطينيين.
إذا مددت الهدنة مرة بعد أخرى، بحسابات ومساومات سياسية، يصعب العودة للحرب مرة أخرى ويبدأ السؤال السياسى يطرح نفسه على المتحاربين.
تمدد الحرب دون قدرة على حسمها تضرب فى جذر نظرية الأمن الإسرائيلى، التى تأسست منذ نشأة الدولة العبرية، أن تكون الحروب خاطفة وخارج أراضيها.
كما تنال من اقتصادها، الذى تضرر من تبعات استدعاء (350) ألفا من قوتها العاملة إلى الاحتياط العسكرى وأصابه الوهن كما لم يحدث من قبل.
إذا ما عاد الآن قطاع من المستدعين للاحتياط فإن ذلك يطرح سؤالا لا إجابة عليه:
وماذا عن الباقين.. ومتى؟!
هناك أكثر من حساب وراء إقرار «نتانياهو» لصفقة الهدنة الموقوتة.
الأول، انتخابى حيث تلح أغلبية كبيرة من الإسرائيليين على أولوية الإفراج عن الرهائن.
لم يبد فى البداية «نتانياهو» حماسا كبيرا لهذه الأولوية، لكنه اضطر للتسليم بها خشية اتهامه بعدم الاكتراث فى هذه القضية الحساسة، أو أن تضاف تهمة جديدة إلى الاتهامات، التى تلاحقه خاصة عدم استعداده للاعتراف بمسئوليته عن التقصير فى صدمة السابع من أكتوبر.
والثانى، استراتيجى يعمل على عدم اتساع التباينات مع الإدارة الأمريكية فى مواجهة استحقاقات الحرب ومخاطرها إذ يكاد يستحيل أن تمضى إسرائيل فى الحرب دون غطاء أمريكى كامل.
إذا عادت طبول الحرب تقرع من جديد فإن سيناريو التهجير القسرى سوف يطل برأسه على مستقبل ومصير سيناء.
لم يكن إصرار الجيش الإسرائيلى عند بدء الهدنة الموقوتة على عدم عودة الفلسطينيين، الذين اضطروا للنزوح إلى جنوب غزة من العودة للشمال إجراء عشوائيا بقدر ما كان تعبيرا عن توجه استراتيجى لم يجر التخلى عنه رغم التطمينات الأمريكية التى تلقتها مصر.
إذا أوقفت آلة الحرب الآن، وهذا احتمال لا يمكن استبعاده، فما هى المعادلات والحسابات التى تحكم اليوم التالى؟
لا إجابة على ذلك السؤال، الذى طرح مبكرا بظن أن إسرائيل سوف تكسب الحرب سريعا وأن المشكلة تتلخص فيمن يملأ فراغ السلطة والأمن.
«بايدن» تحدث عن سلطة فلسطينية متجددة، هكذا بالنص، فى الضفة الغربية وغزة.
و«نتنياهو» استبعد رئيس السلطة الحالى «محمود عباس» من أية أدوار مستقبلية فى غزة، وربما الضفة الغربية.
كان مستلفتا فى البيان الذى أصدرته «حماس» لإعلان موافقتها على الصفقة دعوتها إلى دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو (1967) وعاصمتها القدس الشريف، هذا التوجه ليس جديدا لكنه بتوقيته وظروفه أقرب إلى إعلان سياسى أنها متأهبة ومستعدة أن تتحمل مسئولية القضية الفلسطينية فى الحديث مع العالم.
فى كل السيناريوهات والاحتمالات لن تعود القضية الفلسطينية إلى ما كانت عليه قبل الحرب على غزة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب غزة ما بعد الهدنة الموقوتة حرب غزة ما بعد الهدنة الموقوتة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon