توقيت القاهرة المحلي 10:42:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وثائق حرب أكتوبر.. سؤال النصف قرن

  مصر اليوم -

وثائق حرب أكتوبر سؤال النصف قرن

بقلم - عبد الله السناوي

بعد خمسين سنة من حرب أكتوبر (1973) يطرح سؤال الوثائق نفسه مجددا:
لماذا يحجب حتى الآن أرشيف الحرب؟
لم يعد هناك سر مخبوء يخشى منه على الأمن القومى.
الأجيال الجديدة من المصريين تحتاج أن تطل بنفسها على المصادر الأصلية حتى يكون بوسعها أن تمتلك نظرة موضوعية ورحبة لأهم حروبنا فى العصور الحديثة.
إنه حق أصيل ومؤكد، أن تعتز بتضحيات الأجيال السابقة عن يقين المعرفة لا بالدعايات المحلقة.
هذه مسألة تدخل فى سلامة الذاكرة الوطنية.
المعضلة الماثلة الآن أن هناك رواية إسرائيلية متكاملة، بعد إتاحة الأرشيف العسكرى والسياسى لحرب (1973)، دون أن تكون هناك رواية مصرية كاملة وموثقة.
ما هو متوافر ــ حتى الآن ــ شهادات لقادة عسكريين يروون وقائع كانوا طرفًا فيها، يدافعون عن أنفسهم، أو يتهمون آخرين بالمسئولية.
الشهادات المنشورة ــ رغم أهمية بعضها ــ لا تؤسس لرواية مصرية موثقة عما جرى فعلا فى الميدانين العسكرى والسياسى أثناء مواجهات السلاح الكبرى.
الأفدح أن وثائق (5) يونيو (1967) ما زالت مودعة فى خزائنها، والخزائن عليها أقفال ومتاريس.
تتوافر آلاف الوثائق عن يونيو وأسرارها غربية وإسرائيلية دون أن تكون هناك رواية مصرية واحدة لها صفة الرسمية.
الدول تنشر وثائقها السياسية والعسكرية بعد عدد معين من السنين لتضع الحقيقة أمام مواطنيها ـ أيًا كانت مرارتها ـ حتى لا تتكرر أى أخطاء جرت فى الماضى.
الأمر نفسه نفتقده فى حربى «الاستنزاف» و«أكتوبر».
هناك شهادات ودراسات نُشرت لكن الوثائق قضية أخرى.
للوثائق كلمة أخيرة تجيب عن كل الأسئلة: كيف هزمنا ولماذا في يونيه 1967؟ وكيف قاومنا وصمدنا حتى عبرنا الهزيمة فى أكتوبر1973؟ ثم كيف أجهضت نتائجها السياسية؟
هناك فارق بين مراجعة التاريخ بالوثائق المثبتة لإدراك حقائقه وتصحيح الذاكرة العامة وبين تعميق الشعور بالهزيمة كقدر إغريقى لا يمكن الفكاك منه، أو نفى أسبابه.
بلغة الوثائق يتأسس الاتفاق والاختلاف على قاعدة معلومات صلبة.
بعد «يونيو» جرت مراجعات وتحقيقات فى خلل الأداء العسكرى أهمها ما تقصته لجنة ترأسها اللواء «حسن البدرى» ـ
أفضت المراجعات إلى إعادة تصحيح دور القوات المسلحة، ومنع دخولها فى غير طبيعة مهامها.
أعيد بناؤها وفق مواصفات الجيوش الحديثة، التى تُعلى من شأن الكفاءة والاحتراف وتمنع الانشغال بالسياسة.
وأُسندت مسئوليتها إلى نخبة من العسكريين الأكفاء فى القيادة العامة، كما فى جميع الأسلحة.
تصدر المشهد العسكرى المصرى أفضل ما فى البلد من كفاءات متاحة.
كانت الوطنية المصرية مستعدة أن تقدم كل ما لديها من طاقات عطاء ودم بإيمان حقيقى أن البلد تحارب معركة وجودها ومستقبلها.
لم تكن مصادفة بعد أيام من الهزيمة أن تفرض قوات محدودة فى «رأس العش» كلمتها على الإسرائيليين وتوقع بهم خسائر فادحة فى لحظة انتشاء عسكرى.
أثناء سنوات حرب الاستنزاف جرت بطولات تقارب الأساطير فى ظروف شبه مستحيلة.
بقوة السلاح عبرت مصر قناة السويس فى أكتوبر (١٩٧٣)، وكان يفترض أن تعبر أى مشاعر لحقت الهزيمة.
لماذا؟.. وكيف؟
هذه مسألة وثائق حتى تكون الرواية التاريخية محكمة والأحكام السياسية لها ما يسندها.
الحقيقة التاريخية أهم وأخطر من أن تلخص فى عبارات عامة، أو دعايات سياسية.
أن يكون الرأى العام أسيرا برد الفعل للرواية الأخرى جريمة تاريخية متكاملة الأركان بحق البطولات التى جرت والتضحيات التى بذلت.
فى الروايات المصرية المتناثرة التى سجلت شهادات أصحابها من القيادات العسكرية والسياسية تبدت بدرجات مختلفة مشكلة متوارثة فى النظر إلى التاريخ، فكل طرف ينظر من زاويته حسب ما تتوافر أمامه من معلومات بحكم مدى قربه من صناعة القرار وحجم إلمامه بصميم المعلومات، وكل طرف يتصور أن التاريخ يبدأ من عنده.
«لماذا لم تذع وثائق سنة ١٩٦٧؟.. ولماذا لا توضع الحقيقة ــ كاملة ــ أمام أصحاب الحق فيها؟».
هكذا طرح ذات حوار الأستاذ «محمد حسنين هيكل» السؤال قاصدًا الذين خرجوا للشوارع عقب الهزيمة يعرضون المقاومة واستمرار القتال، وهم أنفسهم الذين ضحوا بالدم حتى يكون النصر ممكنًا.
فى خريف (٢٠٠٩) وجد نفسه أمام سؤاله بطريقة لم تخطر له على بال.
فقد ألقى اللورد «ديفيد أوين» وزير الخارجية البريطانى الأسبق مداخلة مطولة أمام دارسين فى القاعة الشرقية بالجامعة الأمريكية مدعوًا من «مؤسسة هيكل للصحافة العربية» قال فيها: «إن مصر هزمت فى حرب ١٩٧٣».
كانت تلك صدمة هائلة للصحفيين الشبان، وكادت تفلت مشاعر الغضب عن كل قيد.
لم تكن حرب أكتوبر موضوع محاضرة اللورد «أوين»، ولا كان مقررًا استدعاء شهادته عمن هزم وانتصر فيها.
كان موضوع محاضرته: «الاعتلال فى السلطة.. الصحة البدنية والنفسية للزعماء وتأثيراتها على الحكم وصنع القرار».
فى مساء اليوم نفسه الأربعاء (١٤) أكتوبر (٢٠٠٩)، والضجة تتفاعل والصخب يتسع، سألت الأستاذ «هيكل»: «عليك أن تتوقع حملة ضارية باعتبارك الرجل الذى دعاه لإلقاء محاضرة فى القاهرة.. ماذا تنتوى أن تقول، أو تفعل؟».
قال: «ولا أى شىء».
«كل ما لدىّ كتبته بالوثائق والتفاصيل، ولا أحد بوسعه أن يشكك فى موقفى، فضلًا عن أنه لا يصح أن أقول لرجل تولى وزارة الخارجية البريطانية بين عامى ١٩٧٧ و١٩٧٩، عاصر المفاوضات المصرية ــ الإسرائيلية وأطل من موقعه على موازين القوى، ماذا يقول أو لا يقول، وأنت تعرف أن النخب الغربية فى أغلبها تذهب مع أوين فيما ذهب إليه».
«ثم لا تنس أن العالم ينظر إلى النتائج السياسية لأى حرب والباقى كله معروف».
الاستنتاج فى محله ويستدعى مقاربة أخرى لقصة الحرب بكل تضحياتها وبطولاتها وما أحاط بها من تساؤلات جوهرية حول الإدارة السياسية لإنجاز السلاح.
الوثائق ولا شىء آخر غيرها هى التى تنصف بطولة وتضحيات الرجال فى حرب أكتوبر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وثائق حرب أكتوبر سؤال النصف قرن وثائق حرب أكتوبر سؤال النصف قرن



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 04:54 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة
  مصر اليوم - الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها
  مصر اليوم - ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 23:04 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يحرز الهدف الأول لليوفي في الدقيقة 13 ضد برشلونة

GMT 06:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تونس تتأهل إلى نهائيات "أمم أفريقيا" رغم التعادل مع تنزانيا

GMT 05:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

موضة ألوان ديكورات المنازل لخريف وشتاء 2021

GMT 09:41 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسن يعلن قائمة الاتحاد السكندري لمواجهة أسوان

GMT 03:51 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية للمناورة ”ردع - 2020”

GMT 04:56 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

فنادق تعكس جمال سيدني الأسترالية اكتشفها بنفسك

GMT 23:44 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين

GMT 11:46 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

جوارديولا يهنئ ليفربول بـ كأس الدوري الإنجليزي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon